الفشل الصهيوني في ترهيب الفلسطينيين وتفعيل تفرّعات وحدة 8200 في العالم
ميرنا لحود
عادةً تستخدم الدول المستعمِرة والمحتلَّة عامل الخوف في كل معاركها، بفعل إدراكها بفعاليته؛ فالخوفُ سلاحٌ فعالٌ وغيرُ مكلفٍ.
قد يمرّ ذلك في العالم باستثناء الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة. فالأسباب عديدةٌ لذلك ومن أهمّها: الشجاعة والإيمان المتجذّر. فكلما ارتفع صراخ وعويل «بيت العنكبوت» كلما انزلق إلى خانة الذّعر المستدام والاستياء من الهزيمة التي لا يتقبّلها مقابل المقاومين الأشدّاء. لذا فالعدو الصهيوني يلجأ إلى التفنّن في عملّياته الإجرامية والقتل العنيف والهدم اللاإنساني تحت إشراف ومواكبة الدولة العميقة العالمية الأميركية صهيونية، المنبع واللون والهوى.
إنَّ توسع الشارع الخارجي المندّد بالإبادة التي يرتكبها الكيان المؤقت ضد الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة، يجعل العدو في توترٍ جنوني، ما يدفعه إلى تفعيل ماكينته الإعلامية القوية أصلاً والمتجذرة في الغرب. لديه السلطة والصلاحيات التي تسمح له بالضغط على الحكومات لممارسة القمع وحذف منشورٍ من هنا وتعليق من هناك لصفحات تعود لأشخاص يدعمون على مواقع التواصل الاجتماعي القضية الفلسطينية. كل من يكتب يجري تهديدُه وتُشطب الحسابات من التطبيقات المراقَبة دوماً عبر الهواتف والإنترنت، ويتم كل ذلك بمعونة جيش سيبيراني ناشطٍ في كل أنحاء العالم من خلال الشركات العملاقة والمعروفة. وإذا وضعنا المجهر لوجدنا بعض المسؤولين يتحدّرون من وحدة 8200، عملوا فيها مطولاً وها هم اليوم في مناصب مهمة في شركات السيليكون فالي.
التكنلوجيا في خدمة المعلومات المضلّلة بمعونة وحدة 8200
تتبع وحدة 8200 للجيش الصهيوني مباشرةً وكل العاملين فيها هم من الجنود الصهاينة. لا تُعرف هوياتُهم ويُعدّون من النخبة في مجال التكنلوجيا العالية المستوى. يستخدمون كافة الوسائل لسحب المعلومات من التقليدي إلى السيبراني. تتعامل معهم شركات إسرائيلية متواجدةٌ في العالم وبدورها تتبع مباشرة للجيش الصهيوني. تُعدّ فلسطين المحتلة مركزاً عالمياً للتجسّس من خلال «وحدة 8200» التي لا تقلُّ أهميةً عن الوكالة الأميركية للأمن القومي وهي أهم من الشاباك والموساد. لها فرعٌ مهم في جبل الشيخ وآخران في الداخل الفلسطيني المحتل وفي أربيل. تُعتبر وحدة 8200 محور مراقبة عالي التقنية لرصد تحركات الفلسطينيين. وأنشأت الوحدة شبكة عالمية عالية الدقة وواسعة الاستخدام للحصول على معلومات شخصية ومنها جنسية بهدف الابتزاز. بمعنى آخر، تهتم وحدة 8200 أيضاً بمعلومات تعكس الانتماء إلى حزب الميم أي الشذوذ الجنسي. ويبدو، وفق أحد مصادر وحدة 8200، أنه تقام تدريبات مركّزة على حفظ كلمات في اللغة العربية تدور حول الشذوذ الجنسي ليتمكن المتنصّت من سحب معلومات عبر الاستماع إلى المكالمات. وجميع الفلسطينيين يُعتبرون أعداء بالنسبة لوحدة 8200. ونجد عدداً من الذين عملوا فيها يَشغلون اليوم مناصب مهمة في شركات مثل شركة غوغل وأمازون ومايكروسفت وميتا (الشركة الأم للإنستاغرام وواتسآب وفايسبوك). فعلى سبيل المثال، إيمي بالمور من قدامى وحدة 8200 يشرف على مجلس إدارة ميتا. غافيريل غوادل مسؤول عن العمليات الاستراتيجية في شركة غوغل، وقد عمل في وحدة 8200 حتى العام 2016 وكان يرصد ما يُسمى بالتحركات والنشاطات العدائية. أنشأت وحدة 8200 تطبيق Waze المتعلق ببيانات الخرائط والمواصلات العالمية وتطبيق Viber المتعلق بالمكالمات والفيديو والصور.
Cyabra (شركة صهيونية متخصصة في التكنلوجيا والمعلومات لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي) والعلاقة مع وحدة 8200.
تقود سيابرا معركة إعلامية في الغرب ضدّ ما تعتبره معلومات مضلّلة، أي المعلومات التي تعكس الحقيقة القذرة للإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني. تُعرّف الشركة عن نفسها بأنَّها شركة تدقيق في المعلومات والأخبار، فهي جناحٌ تابع للاستخبارات الصهيونية ويترأسها شخصٌ يُدعى دان براهمي وكان مدرّباً في قسم الرماية في الجيش الصهيوني. بالإضافة إلى شخصين آخرين يُعتبران من الأعضاء المهمّين السابقين في المخابرات للعدو: الأول يُدعى إيدو شراغا وهو مهندس في النظام السيبراني وكان يعمل مع جيش العدو، والثاني يوسِف دعار مخضرم من وحدة 8200. ويقول براهمي إنَّ 40 من العاملين في سيابرا لبّوا طلب الجيش الصهيوني وشاركوا في الحرب على غزة وتسبّبوا بنزوح الفلسطينيين من أماكنهم ومنازلهم. وأكدّ براهمي بأنَّ العلاقة مع زملائه القدامى في وحدة 8200 نشطة جداً. وتتواصل سيابرا مع الحكومة الصهيونية باستمرار. تطمح الشركة إلى أنْ تصبح عالمية، فدشنت مكتباً لها في نيويورك وعُيّن رئيساً لمجلس الإدارة رئيس المخابرات السابق لـ «سي أي آي» ووزير الخارجية لإدارة ترامب مايك بومبيو. وسيصبح بومبيو مدققاً للأخبار بعد أنْ عمل طيلة حياته على فبركة الكذب وباعترافه «لقد أدرنا في «سي أي آي» عمليات الكذب والتضليل والغش والسرقة لكافة الإجراءات الهادفة إلى زعزعة الاستقرار للأمن القومي في عدد من البلدان».
من شركات السيليكون فالي إلى الـ»تلغرام» البعيد عن الرقابة
معروف أنَّ تطبيق تلغرام لم يخضع إلى تلبية الطلب «الإسرائيلي» في وضع المنصة تحت المجهر الصهيوني والدولة العميقة العالمية. فكان مؤسس تلغرام بافل دروف على موعد لمأدبة عشاء مع إيمانويل ماكرون عشية اعتقاله (كما أوردت Le Canard Enchainé المستقلة). وبالإضافة إلى جنسيتة الروسية، يحمل الرجل الجنسية الفرنسية «الفخرية» الممنوحة من إيمانويل ماكرون. علاوة على ذلك، يحمل أيضاً جنسية الإمارات العربية المتحدة وأخرى من جزر كريستوفر. يواجه بافل دروف اثنتي عشرة تهمةً من بينها «التواطؤ في تخزين وتوزيع محتوى الاعتداء الجنسي على الأطفال وتسهيل الاتجار بالمخدرات وتسهيل الاحتيال المنظَّم والمعاملات غير القانونية». ويعرف مستخدمو تلغرام بأنه تمّ نشر معلومات سرية «إسرائيلية» بعدما تعرّضت مواقع رسمية للقرصنة، واعتبر «الكيان المؤقت بأنَّ منصة تلغرام غير متعاونة».
ويبدو أنَّ مؤسس تلغرام اختار محامياً للدفاع عنه يُدعى دافيد أوليفييه كامينسكي المشهور بصهيونيته ولا بكفاءته أو بعدد الدعاوى التي ربحها إنما بدعمه المطلق للكيان المؤقت. أيُعقل لشخصية بحجم بافل دورف أنْ يقع اختياره على محامٍ من الوزن الخفيف في المدافعة والمرافعات القضائية؟ والمضحك هو أنَّه في فرنسا ممنوعٌ أنْ تتحدث بمسألتين: الأولى هي احتلال أرض فلسطين والثانية تتعلق بقضية الإجرام الجنسي على الأطفال والاعتداء عليهم وقتلهم وبيع أعضائهم. إنَّ الدعاوى في هذا الموضوع لا تؤدي إلى حكم أو حكمٍ عادلٍ وهذا معروفٌ في فرنسا، لأنه وببساطة الشبكة التي تدير الاعتداء الجنسي والتحرش على الأطفال هي مؤلفة من أشخاص يتبوّؤون مناصب عليا في الدولة من رؤساء للجمهورية إلى نواب وسيناتوريين ومسؤولي أحزاب ودبلوماسيين وصحافيين أو يديرون شركات كبيرة وعالمية… فهكذا يتمّ ابتزازهم على شاكلة جزيرة الدعارة لإبيشتاين دجفري التي كان إيهود باراك مهندسها الأول. ويبتز الرؤساء كما فعل مع بيل كلينتون…