اليمن: تحرُّر الإرادة يحرر العقول
لا ينفك اليمن عن تقديم ما يبهر ويدهش كل يوم، منذ قرار الدخول القوي في الحضور في معركة نصرة غزة بعد الحرب المتوحشة التي شنت على شعبها عقاباً على إنجاز مقاومتها العظيم في طوفان الأقصى. وقد كان مجرد التجرؤ على دخول غمار التحدي في منع عبور سفن الكيان والسفن المتوجهة إلى موانئه من البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مغامرة سوف تجلب الكوارث على اليمن بنظر الكثيرين.
بعد شهور ثبت للجميع أن اليمن “قدّها وقدود”، وان من هرب من المواجهة هو القوة العظمى الأولى في العالم وفي البحار خصوصاً، وليس خافياً حجم المكانة والأهمية التي تحتلها السيطرة على البحار والبحر الأحمر بصورة خاصة في مفهوم الأمن القومي الأميركي واستراتيجيات القوات المسلحة الأميركية لنصف قرن مضى، ورغم ذلك نجح اليمن وفرض إرادته وخاض المنازلة مع القوات البحرية الأميركية وأرغمها على الانكفاء بوضعها بين خياري الحرب الشاملة او التراجع تفادياً لخسارة كارثية تصيب إحدى حاملات الطائرات او السفن الحربية تجبر واشنطن على التورط بالحرب الكبرى.
الصاروخ اليمني الذي استهدف تل أبيب وقبله الطائرة اليمنية المسيرة التي انفجرت في سماء عاصمة الكيان، قدما صورة إضافية عن الارادة اليمنية الحرة ودرجة الشجاعة في خوض التحدي، لكنهما كما كانت المواجهة في البحر الأحمر تعبيراً واضحاً عن مستوى تقني وتكتيكي بلغته القوات المسلحة اليمنية، قادراً على تلبية الإرادة الحرة والشجاعة للقيادة اليمنية، بمنتجات تكنولوجية قادرة على المنافسة والتفوق بالمقارنة مع ما لدى الأميركي والاسرائيلي، بصورة لم تكن واردة في بال أحد، خصوصاً مع الصورة النمطية الظالمة والمهينة التي تم تعميمها عن اليمن المتخلف خلال عقود.
الإبهار اليمني علمي وسياسي، وجوهره عقائدي، لكنها معادلة قوامها أن الإرادة الحرة تحرر العقول، وتخلق حوافز استنهاض كل طاقات الإبداع بين أجيال المتفوقين في العلوم، وقد وفرت لهم كل الأسباب المعنوية والأخلاقية لإثبات قدرة شعبهم ومكانته الحضارية عبر التاريخ وتجديد صورة اليمن العظيم، كما وفرت لهم كل الشروط المادية اللازمة لإجراء التجارب وتطبيق النماذج البحثية الاختبارية، وها هي النتيجة أمامنا.
التعليق السياسي