مرحلة جديدة ومنهجية جديدة
تكفي الضربة الاستثنائية التي استهدفت المقاومة بهذا الحجم في بيئتها وبنيتها كي يتوقف النقاش الذي استنزف الساحة الوطنية والقومية خلال سنة تقريباً حول فاعلية تأثير جبهة الإسناد في جبهة لبنان ودرجته، وها هو كيان الإحتلال يقول إن محور الحرب هو ما تقوم به المقاومة في جنوب لبنان، وأنه يتوقف على التوازن الذي يحكم هذه الجبهة مستقبل ميزان الردع لكيان الاحتلال ومستقبل حرب غزة.
عند هذا الحد يكفي النقاش الذي تمّ خوضه خلال سنة فاتت، وآن الأوان أن يتوقف، وصارت المعادلة التي يجب الإقرار بها أننا ندخل مرحلة جديدة تحتاج منهجية جديدة، وسوف نجد في كلمة السيد حسن نصرالله مفاتيح هذه المنهجية.
هذه المقاومة لها تاريخ وهو ماثل أمام الجميع، تاريخ الصدق والوفاء والإخلاص لقضايا والتزامات أخذتها على عاتقها. وهذه المقاومة في لبنان هي العمود الفقري لمحور المقاومة وهي مَن اخترع نظرية وحدة الساحات، وهي مَن قرر فتح جبهة لبنان تحت مسمّى جبهة إسناد غزة، وهي مَن ابتكر معادلة تهجير المستوطنين كورقة قوة تتعاظم للضغط على قيادة الكيان للذهاب الى اتفاق مع المقاومة في غزة تنهي الحرب وتضمن انسحاب الاحتلال وتبادل الأسرى، وهي مَن تحمّل دماء غالية لشهور طوال. والسؤال هو هل آن الأوان كي يتم محضها الثقة بما تفعل دون ادعاء القاعدين للمجاهدين أنهم أصلح منهم لمعرفة الصالح والطالح وما يجب وما ينبغي، وكما ينبغي أن يبلغ عمر المقاومة في مسيرة الصدق والتضحية حتى يحين أوان ذلك؟
إذا كانت الثقة استحقاقاً لهذه المقاومة، فقد صار لازماً رسم خط أحمر حول النقاشات التي لا يحدوها إلا الفضول ولا ترتبط بالشأن العام الذي تتولاه المقاومة، وحصر النقاش بما يطال هذا الشأن العام. وهنا نسأل هل الشأن العام هو النقاش في التفاصيل الفنية لكيفية نجاح مخابرات الاحتلال بتنفيذ ضرباتها الإجرامية، ما دامت المقاومة تقوم بالتحقيق في هذه الكيفية وسوف تبني المقاومة على التحقيق ما يلزم، أم أن الشأن العام هو الإجابة عن الأسئلة السياسية مثل مصير جبهة الإسناد ودرجة فاعليتها بعد الضربات الأخيرة؟ وهل ستفتح المقاومة الطريق لحل يُعيد المهجرين من المستوطنين أم أنها سوف تضع الكيان أمام تحدي الفشل والعجز وتتحمل التبعات حتى تجعل الأمر معياراً للنصر والهزيمة وتخرج منتصرة، وتنصر غزة معها بجعل الممر الإلزامي لعودة المهجرين هو التوصل الى اتفاق مع المقاومة في غزة وينهي الحرب ويضمن انسحاب الاحتلال من غزة وتبادل الأسرى؟
التعليق السياسي