«إذا جاء نصرُ الله والفتح…»
أحمد بهجة
لا يمكن لأحد أن يتجاوز أو يتنكّر للخسارة التي تعرّض لها لبنان خلال الأسبوع الماضي، ونقول الخسارة للبنان وليس فقط للمقاومة لأنّ المستهدف فعلياً هو لبنان، وحين تنفذ المقاومة ردّها المدروس بدقة، يكون ذلك دفاعاً عن لبنان كله وحماية للبنانيين جميعاً، وهذا ما فعلته المقاومة في كلّ مسيرتها المظفّرة سواء في مواجهة العدو “الإسرائيلي” منذ العام 1982… أو في مواجهة العدو التكفيري ودحره من سلسلة جبال لبنان الشرقية بالتعاون مع الجيش اللبناني، وكذلك القضاء عليه في معظم أنحاء سورية بالتعاون مع الجيش السوري.
ما تعرّضت له المقاومة وناسُها من اعتداءات إرهابية صهيونية يومي الثلاثاء والأربعاء 17 و18 أيلول ثم يوم الجمعة 20 أيلول، قد تعجز عن مواجهته واستيعابه دول كبرى وجيوش جرّارة، لكن مقاومتنا بما تختزنه من عوامل قوة أوّلها الإيمان والتوكّل على الله، وثانيها ما أعدّته من عدّة لازمة لمقارعة أعتى الجيوش، هذه المقاومة المقتدرة ورغم حجم الضربات وقساوتها رأينا كيف أنها لم توقف عملها ولو للحظة واحدة على جبهة الإسناد، ثم خلال أقلّ من 48 ساعة بدأت عمليات الردّ الموجع على مواقع العدو العسكرية وقاعدته الجوية في “رامات دايفيد” (وهي أهمّ قاعدة للعدو على جبهة الشمال وقد تمّ إنشاؤها مع قيام الكيان في العام 1948)، إضافة إلى إصابة أحد أهمّ مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة شمال مدينة حيفا، وذلك بعشرات الصواريخ من نوع “فادي 1” و”فادي 2” والكاتيوشا.
ووفق بيانات المقاومة فإنّ هذه الاستهدافات تمثل رداً على العدوان الإرهابي الذي تعرّض له لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء من خلال تفجير الـ “بايجر” وأجهزة الاتصال اللاسلكي، وما أسفر عنه من شهداء وجرحى وصل عددهم إلى نحو 3 آلاف وبينهم الكثير من المدنيّين والأطفال وكبار السن. أما الردّ على العملية الإرهابية في الضاحية الجنوبية فهو آتٍ حتماً وسيكون موجعاً للعدو بلا شك، خاصة أنّ هذا العدوان الإرهابي أسفر عن استشهاد عدد كبير من المدنيين بينهم أيضاً الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ، كما أدّى إلى استشهاد القيادي الكبير الحاج ابراهيم عقيل ومعه ثلة من القادة والمقاتلين الأشداء، إضافة طبعاً إلى عشرات الجرحى الذين نتمنّى لهم الشفاء العاجل.
الاستنتاج الأهمّ من كلّ ما تقدّم، بل من كلّ الوقائع والمجريات الحاصلة في الميدان منذ 7 تشرين الأول 2023 حتى اليوم، سواء في غزة والضفة أو في جنوب لبنان، هو أنّ هذا العدو الجبان لم يخُض مواجهة واحدة بشكل مباشر مع المقاومين، إنما كلّ ما فعله هو القصف من بعيد بالطيران الحربي والصواريخ والمدفعية والدبابات، أما سلاح المشاة فهو معطل تماماً ولا يعمل سوى في الإعلام والبيانات الممجوجة التي يكرّرها يومياً تقريباً قادة العدو على اختلافهم…
وعليه… فإنّ العدو لم يحقق أيّ هدف من تلك التي أعلنها منذ بداية الطوفان، سواء في القضاء على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية وإبعاد قادتها واستعادة أسراه، أو بإجبار المقاومة في لبنان على فصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة ووقف جبهة الإسناد والتراجع إلى جنوب الليطاني وإعادة النازحين إلى المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة… كلّ هذه الأهداف لم تتحقق ولن… إلا إذا رضخ العدو واستجاب لشروط المقاومة الفلسطينية وأوْقف العدوان على غزة والضفة وفلسطين…
وكما يقول الخبراء العسكريون فإنّ الحروب لا يمكن الانتصار فيها إلا على الأرض، لأنّ المحكّ الفعلي للربح أو للخسارة هو الميدان، وهذا ما ينتظره عمالقة المقاومة بفارغ الصبر وبلهفة المشتاق، حتى يرى هذا العدو هزيمته بأمّ عينه وعلى مرأى ومسمع كلّ مَن يسانده ويؤيّده من الأقربين والأبعدين…