جدلية الألم والامل.. كيف سترتدّ العملية الالكترونية الإرهابية على أصحابها
معن بشور
رغم فظاعة الجريمة الالكترونية الإرهابية «الإبادية» التي ارتكبها العدو الصهيوني الفاشي بحق الآلاف من المواطنين اللبنانيين عبر تفجيرات الـ «بايجر» وأجهزة اللاسلكي، ورغم الأحزان التي عمّت لبنان كله، فإنّ ما يُعزي أهالي الشهداء والمصابين أمور عدة:
أوّلها: هذا التضامن اللبناني الواسع مع ضحايا الانفجارات والذي تمثل أساساً بالأعداد الكبيرة من اللبنانيين والمقيمين في لبنان، من كلّ المناطق والبيئات التي وقفت بالطوابير أمام المستشفيات من أجل التبرّع بالدم، ناهيك عن أعداد كبيرة من اللبنانيين واللبنانيات الذين أبدوا استعدادهم للتبرّع بأعضاء من أجسادهم لمن فقد العين أو الكلية أو أيّ جزء آخر من جسده .
وهنا لم يكن التضامن مجرد فعل إنساني، بل هو أيضاً فعل وطني وسياسي بامتياز، وإسقاط لرهانات الصهاينة وداعميهم على إثارة الانقسامات والفتن بين اللبنانيين الذين أثبتوا أنهم مهما بلغت الخلافات الداخلية بين تياراتهم وقواهم السياسية فهم حريصون على تجاوزها حين يتعرّض لبنان لعدوان خارجي.
ثاني هذه الأمور: هو العمليات النوعية التي قام بها المقاومون في غزة والضفة وعموم فلسطين كتعبير عن وفاء شعب فلسطين ومقاومته لشعب لبنان ومقاومته الذي استطاع منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ان يواكب ملحمة «طوفان الأقصى» وأن يفتح جبهة حقيقية مع العدو شكلت آثارها أحد أهمّ أسباب مجزرة 17 أيلول الالكترونية.
وثالث هذه الأمور: هو انتصار دولة فلسطين بانتزاعها قراراً أممياً باعتبارها عضواً كامل العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو خطوة في مسار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتأكيد على انّ موقع فلسطين الدولي بعد «طوفان الأقصى» هو غيره قبل الطوفان .
ومن حق اللبنانيين أن يشعروا بأنهم شركاء في هذا الانتصار لأنّ تضحيات الشعب اللبناني في معركة فلسطين، شعباً وجيشاً ومقاومة، تمتدّ الى عام النكبة نفسه عام 1948 حين كانت مجازر العدو في جنوب لبنان من أولى المجازر التي ارتكبها في حرب فلسطين لا سيّما في بلدة حولا الجنوبية البطلة.
الأمر الرابع: هو تلاقي العديد من الدول العربية والإسلامية، على ما بينها من تباينات، على إدانة هذه العملية الإرهابية الخطيرة، ومبادرة بعض هؤلاء الاخوة الى إطلاق مبادرات تضامنية عملية كما فعل العراق وفلسطين والأردن وإيران بانتظار إقدام الدول الأخرى على مثل هذه المبادرات.
أما الأمر الخامس هو ثقة اللبنانيين ومعهم شرفاء الأمة وأحرار العالم بالمقاومة الإسلامية في لبنان ومقاتليها وقيادتها بأنّ هذه الجريمة لن تمرّ دون عقاب، وأنّ اليد التي تمكنت من الوصول الى العمق الصهيوني، والى ضرب أخطر قواعد الاستخبارات الصهيونية، قادرة في الوقت المناسب ان تصل الى كلّ بقعة من فلسطين المحتلة لا سيّما اذا كان الردّ ثمرة تنسيق بين قوى المقاومة الممتدة من فلسطين الى اليمن مروراً بسورية والعراق والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن ينضمّ اليهم من الاخوة العرب والمسلمين .
وستثبت «الأيام والليالي» كم ستكون باهظة كلفة هذا العدوان على العدو وبالوقت المناسب، وسيكتشف أركان العدو كم كان زهوهم بهذه العملية مجوفاً أمام حقائق تحملها لهم بطولات المقاومين وصمود شعبهم .
انها جدلية الألم والأمل مجدّداً… فمن قلب آلامنا يولد الأمل، وطريقنا لتحقيق آمالنا مطوّق بالآلام…