حزب الله يربح معركة وحدة الساحات
ناصر قنديل
– في ظل نقاشات داخلية في الكيان ونقاشات موازية بين قادة الكيان وواشنطن، تدور حول فرضيات العمل البري على الجبهة اللبنانية، يقول البنتاغون خلالها ويصرّح علناً بأنه لا يرى أن جيش الاحتلال جاهز لمثل هذه الحرب مع حزب الله مقارنة بنتائج حربه على غزة، ونقاش آخر حول فرضيّات حرب المدن والبنية التحتية وما تتضمنه من مخاطر أن يُخرج حزب الله ترسانته المعافاة باعتراف كبار ضباط جيش الاحتلال، خصوصاً من الأسلحة الاستراتيجية ويصبّ نيرانها على عمق الكيان ويصيب منه مقتلاً، حيث يحذر الأميركيون علناً من استهداف البنية التحتية اللبنانية خشية على الكيان وليس حباً بلبنان، وهم لم يتفوّهوا بكلمة أمام المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق لبنان واللبنانيين. ولا يمكن النظر للكلام عن المبادرات السياسية التي يقول بنيامين نتنياهو إنه منفتح عليها، إلا بصفتها خشبة خلاص أميركية له للخروج من المأزق.
– هو المأزق ذاته الذي كان الكيان تحت وطأته في شهر تموز قبيل زيارته إلى واشنطن، على خلفية الفشل الأميركي الإسرائيلي في حل العقد المستعصية التي خلقتها قوى محور المقاومة وجعلت لها مخرجاً واحداً هو القبول بشروط المقاومة في غزة بصيغة تُنهي الحرب وتضمن الانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة وتبادل الأسرى، بعدما فشل الأميركي في حلّ عقدة البحر الأحمر المستعصية بالقوة، وفشل الاحتلال في حلّ معضلة الأسرى المستعصية بالقوة، وحلّ عقدة المهجّرين من مستوطنات الشمال بالقوة أيضاً. فكانت الهدايا الأميركية المنشّطة للكيان عبر مشاريع اغتيال القائدين إسماعيل هنية وفؤاد شكر في طهران وبيروت، بما يُتيح استرداد صورة القوة، والمساعدة لفتح المفاوضات لقطع الطريق على الردود من إيران ولبنان بذريعة وجود فرصة اتفاق يوقف الحرب على غزة، بعد استغلال ارتباك حماس بمقتل قائدها والضغط على بنيتها للقبول بما لا يُحرج الكيان، وقد سقط نصف الخطة والمناورة عندما أجمعت حماس على اختيار القائد يحيى السنوار رئيساً ووضعِ ضوابط التفاوض الصارمة، ثم سقط نصفها الثاني عندما استهدف حزب الله مقرّ الوحدة 8200 شمال تل أبيب وحقق إصابات قاتلة، فخرج قادة الكيان يتحدّثون عن صرف النظر عن الحرب، وعاد الكيان إلى المأزق ذاته.
– الهدايا الأميركية لم تتوقف، فكانت الحزمة القاتلة المتمثلة بثلاثيّة تفجير أجهزة البيجر وتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي واغتيال القائد إبراهيم عقيل وعدد من قادة الرضوان، ليتوّج الاحتلال هذه الثلاثية بضربة قاضية تتمثل بالغارات التي شنّها على الجنوب والبقاع، كي يكون الحصاد سقوط حزب الله عند عتبة الضعف مفسحاً الطريق أمام القبول لبنانياً بفك الارتباط بين جبهتي لبنان وغزة، لكن حزب الله احتوى الضربات واستوعب الصدمة ووقف سريعاً متماسكاً على قدميه، وأعاد تفعيل شبكة الإسناد مضاعفة، ثم ردّ على الاغتيال بضربات نوعيّة شمال حيفا وجنوبها، ووضع معادلة مضاعفة أعداد المهجّرين على النار. وعندما تحدّث قادة الكيان عن تدمير قدرة حزب الله الصاروخية الاستراتيجية خصوصاً، خرج كبار ضباط جيش الاحتلال ينفون ذلك ويتبرأون من هذه العنتريات قائلين إن قوة حزب الله الصاروخية الاستراتيجية لا تزال معافاة وأن الصواريخ الاستراتيجية مخزنة في أماكن غير معلومة لجيش الاحتلال كي يدّعي تدميرها. وانتهت الهدايا وعاد الكيان الى المأزق.
– جاء إرسال صاروخ قادر 1 الى تل أبيب واستهداف مستوطنات مأهولة من المدنيين وسقوط بعضهم جرحى، ليقول إن حزب الله قام بتفعيل معادلاته السابقة، الضاحية مقابل تل أبيب والمدنيين مقابل المدنيين، والآتي أعظم. وفي ظل مناقشة خيار العمل البرّي ظهر الحديث عن مبادرة أميركيّة قيد الإنضاج تقوم على وقف نار متزامن ومتلازم في جبهتي لبنان وغزة، يفتح باب تطبيق يتفق على تفاصيله خلال أربعة أسابيع للقرارين 1701 و2735، حيث يقبل الكيان الإطار الأمميّ في غزة بسبب حاجته إليه في لبنان، ويقبل الكيان نصّ القرار 2735 وهو يعلم أنه يتضمّن انسحاباً كاملاً من غزة، وما لم ينفذ فلن تنفذ التزامات حزب الله في القرار 1701، ويقبل بتنفيذ التزاماته في القرار 1701 وفيها وقف الانتهاكات الجوية والانسحاب من النقاط البرية اللبنانية، ويقبل قراراً أممياً يقول بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية.
– هل وصل الكيان إلى الضعف حد القبول بوحدة الساحات، أم أنه ذاهب للحرب البريّة، والجواب أن المقاومة لا تحتاج لأن تقوم بالتنبؤ فهي جاهزة لكل من الاحتمالين وواثقة من نصرها في الحالتين.