اللحظة الحرجة ومعادلة كسر قواعد الاشتباك
فاديا مطر
تستمرّ المعادلات المتغيّرة في تطورات المنطقة بالتقدّم نحو الحافة الخطرة في ما يمكن له الانزلاق نحو أخطر تطوّر يصيب بنيرانه ما يسمّى «كيان الاحتلال» وحلفائه كشكل غير قابل للحياة في منطقتنا العربية حالياً ومستقبلاً، فالتطورات من غزة إلى جنوب لبنان ومنه إلى عموم المنطقة يتطوّر بالساعات لا بالأيام بعد تصاعد الأعمال العسكرية عبر تبدّل قواعد الشتباك ما بين المقاومة في لبنان وجيش العدو في شمال فلسطين المحتلة بشكل يُقلق المشهد الدولي برمته الذي يتطلع إلى تطورات اللحظة الحرجة في أخطر منطقة اشتباك في العالم، حيث تُصعّد «إسرائيل» الجبهة الساخنة في جنوب لبنان عبر منزلقات الوضع نحو تطور عسكري تُضيفه إلى مشهد خساراتها في غزة بعد عام تقريباً من الاعتداءات لم تحقق فيها بكلّ قوتها العسكرية سوى توسيع ساحات الإبادة الجماعية وقتل المدنيين العزل وبشكل ممنهج يصل إلى حدّ ارتكاب جرائم حرب لم يشهد مثلها التاريخ المعاصر حتى الآن…!
التطورات الدراماتيكية المتسارعة في مشهد شمال فلسطين المحتلة تتجه نحو كسر معادلات الاشتباك التي كتبتها حرب تموز ـ آب 2006 وما بعدها، ويتمثل الخطر الجاثم في تصعيد الاحتلال الصهيوني عمليات الاعتداء الإلكتروني والاغتيالات والقصف المتجدّد لقرى وبلدات الجنوب اللبناني وسورية، في تسريع اللحظة الحرجة بإتجاه حرب إقليمية كبرى حتماً ستتدخل فيها توسعات ساحات المواجهة النارية وإحتمال تمدّدها في إتجاهات متعددة دولية.
فقد تنامت قدرات المقاومة العسكرية في غزة ولبنان واليمن والعراق بشكل كبير واستراتيجي، وفي مقابله تنامت معها الخبرة العسكرية واستراتيجية الدقة في الاستهدافات والقراءة الدقيقة لمشهد الميدان وطريقة التحكم بالنار في مناطق العدو، وهو ما بات يقلق واشنطن أكثر مما يقلق تل أبيب خصوصاً في مشهد لبنان ومن خلفه باقي ساحات المقاومة، فلا تعمل اللحظة الحرجة على تفعيل التهدئة برغم كلّ الجهود الغربية المبذولة فيها ولم تُسعف الحرب النفسية جبهات الكيان الصهيوني المتصاعدة في كلّ التحضيرات التي تدّعيها تل أبيب في أن هناك عملية حاسمة تتقدّم في الجنوب اللبناني خصوصاً بعد اغتيال القائد فؤاد شكر ومن بعده القائد ابراهيم عقيل ورفاقه في الضاحية الجنوبية لبيروت والتي توعّد بعدها حزب الله بالردّ المؤلم على كيان العدو بشكل دقيق واستراتيجي، فمجمل التطورات الحاصلة لا تنبئ بالتهدئة القريبة ولا تبشر في مستجداتها في الشكل والمضمون بالماء قبل النار وما زال الدفع باللحظة الحرجة للمنطقة مستمر وبشكل حثيث يستجدي به نتنياهو تغيير قواعد الإشتباك في جبهة إسناد جداً مهمة لا يطرق بابها منذ 8 تشرين الأول الماضي سوى أنها عازمة على التقدّم وعدم التراجع في النتائج التي حصدتها من جراء دعمها لغزة والإصرار على تفعيل تلك النتائج في ربطها بالحرب على قطاع غزة ومتغيّرات مستويات التصعيد وقواعد الاشتباك الجديدة على كلّ ساحات محور المقاومة التي تقرأ تلك اللحظة الحرجة بدقة وتعلم أنه إذا ما تغيّرت قواعد الاشتباك في جنوب لبنان وانكسرت فيها طريقة الردّ بالردّ، فإنّ القادم سيجرف الوقت المتبقي ومعه الجغرافيا الجديدة نحو هاوية تتكبّد فيها واشنطن وتل أبيب خسائر طائلة ربما تُغيّر معها شكل الكيان “الإسرائيلي” وتمركز المعسكر الغربي وحلفائه في كل المنطقة… فهل يتقدّم مشهد اللحظة الحرجة نحوكسر ما تبقى من قواعد الإشتباك؟ أم أنّ هناك حلاً إسعافياً تتأمّل منه واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية أن يعيد الساعات للوراء قبل فوات الأوان؟