لك علينا الكثير يا سيّد… سامحنا
أحمد بهجة
لم نستفق بعد من هول الصدمة. هي فاجعة ثقيلة جداً علينا نحن الجيل الذي تكوّنَ وعيه بوجود سيد ملأ الدني وشغل الناس بكلّ شيء… الإيمان الخالص، التواضع على كِبَر، الهيبة والمهابة، رجحان العقل، القيادة الاستراتيجية، النضال والجهاد، المصداقية العالية، الحضور الطاغي، المنتصر والناصر، مربّي الأجيال، المحبوب والمُحِب… وغير ذلك الكثير من الصفات الحميدة والمباركة التي يندر أن تجتمع في شخص واحد، وصولاً إلى درجة الشهادة والقدسية…
ومن الطبيعي أن يبقى كلامنا قاصراً إزاء سيد الكلام والمنابر الذي كان بإشارة من إصبعه يهزّ أركان المنطقة بأسرها بل أبعد من المنطقة أيضاً…
لن نستطيع مهما فعلنا أن نفي كبيرنا وفقيدنا وسيدنا حقه. لقد أعطانا السيد الشهيد حسن نصرالله كلّ شيء ولم يبخل علينا بأيّ شيء، حتى أنه بذل من أجلنا العمر والدماء والروح، وهو الذي كان الملايين على استعداد لافتدائه بأرواحهم ودمائهم وفلذات أكبادهم… وكم رأينا وسمعنا من الرجال والنساء والشباب والصبايا الذين خرجوا من تحت ركام بيوتهم وفقدوا أحبّاء وأعزاء لهم في أكثر من مواجهة مع العدو الصهيوني الغادر أو العدو التكفيري الإرهابي، وقالوا: «فداك يا سيد، بل فدا إجرك يا سيد».
إذا تحدثنا بلغة العزاء لن يكون شهيدنا الكبير راضياً، وهو الذي كان تقبّل التبريك والتهنئة يوم استشهد نجله البكر السيد هادي، وشكر ربّه لأنه ساواه بعوائل الشهداء الذين كان يقول إنه يخجل أمامهم وأمام تضحياتهم وصبرهم، وهو الذي كان يبارك للشهداء فوزهم العظيم ويهنّئ عائلاتهم وذويهم على هذه النعمة.
وطبعاً لن نقول إلا ما يرضي الله، ونحن نتقبّل حكمَه ونرضى بمشيئته طائعين مختارين، وحسبنا الدّعاء بأن يتغمّد الله قائدنا الكبير في فسيح جناته، ويلهمَنا الصبر، ويمنحَنا القدرة والقوة لكي نكمل مسيرة المقاومة مع رفاق السيد الشهيد وأخوته الذين يعرفون بالطبع ما يريده منهم وكيف يتابعون الدرب مهما كانت الصعوبات والتحديات والتضحيات، ويسيرون بنا إلى النصر…