الدعوة إلى وقف إطلاق النار فرصة دولية أم خدعة سياسية؟
نمر أبي ديب
المجتمع الدولي في مقدمته الولايات المتحدة الأميركية لم ولن يوافق على وقف دائم أو جزئي لإطلاق النار، في معركة أو حرب، يتجه فيها «كيان الاحتلال الإسرائيلي» من «وجهة النظر الأميركية طبعاً» إلى تسجيل انتصارات عسكرية، حتى لو لم تكن استراتيجية، وتلك حقيقة دولية أكثر من ثابتة فرضتها سلوكيات غربية، في أروقة وقاعات الأمم المتحدة، ما يؤكد، عدم الجديِّة الأميركية، في أيّ مشروع أممي يمكن أن يطرح لـ»وقف اطلاق النار» على «الجبهة الشمالية لكيان الاحتلال الإسرائيلي»، الذي يخوض من وجهة نظر المقاومة «معركة شرق أوسط جديد»، خاسرة في بعدها العسكري كما التجاري، رغم التفوُّق التكنولوجي من جهة، والخرق الأمن/ عسكري الذي عبرت من خلاله المقاومة، متدرجات ومفاعيل الضربة الإسرائيلية الأولى.
«جدِّية الطلب الأميركي»، المتعلق بـ وقف فوري لاطلاق النار، مرتبط استثنائياً، في «نسبة الخسارة» التي يمكن أن يتضمّنها تقييم الولايات المتحدة الأميركية، لمسار ومصير معركة «إسرائيل»، انطلاقاً من أن جدية القرار كما الموقف الأميركي لا يمكن أن تتبلور خارج إطار مصلحة «إسرائيل»، وبتوصيف أدق، خارج إطار الجهود الدولية المبذولة لانتشال الكيان الإسرائيلي من مأزق عسكري، كما حدث سابقاً في نهاية حرب تموز 2006 حيث سارع الأميركي حينها، إلى فرض وقف سريع للعمليات الحربية والمساهمة في انتشال «إسرائيل»، «الشعب والجيش والكيان»، من مستنقع الهجوم البري، نتيجة عناوين تفوّق كثيرة صاغتها المقاومة في حينه، في كلّ من وادي الحجير (مجزرة الدبابات)، وغيرها من العناوين القابلة للترجمة الميدانية والاستنساخ العسكري في أكثر من نقطة استراتيجية أو «خط قعر» (حسب التوصيف العسكري)، يمكن أن يسلكه أو يعتمده لاحقاً جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ما تقدَّم أضاء بشكل كامل وعلني، على ازدواجية الموقف الأميركي الهادف اليوم كما الأمس إلى ترجيح كفة كيان الاحتلال «الإسرائيلي»، مسخراً له مجمل الطاقات العالمية الإعلامية منها، كما العسكرية والاقتصادية، في حين يشهد العالم الحديث، ازدواجية مواقف مرفقة بما هو أكثر من اسطفافات دولية على مسارين: الأولى يتمثَّل في حرب «الإبادة الجماعية»، للبشر كما للحجر في كلّ من «لبنان، وفلسطين المحتلة»، ثانياً الدور الغربي المتمثِّل بـ الغطاء الأميركي المستمر، يضاف إليه متدرّجات الدعم الدولي المطلق، لكيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي وجد في فراغ الفترة الزمنية الفاصلة ما بين إعلان الحرب على لبنان، وتوقيت الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية مساحة استهداف عسكري كاملة الشروط، لا بل مدفوعة الأجر مرفقة بـ مشروع شرق أوسطي جديد وغطاء أميركي غير محدود الأفق في المرحلة الحالية.
ما تقدَّم عكس من نواح سياسية عديدة عمق الشراكة الأمن جغرافية في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يضمن في حده الأدنى، عوامل تفوّق استراتيجي، قادرة على منح كيان الاحتلال الإسرائيلي كما النفوذ الأميركي في المنطقة، قدرة فرض الوقائع، مع اختصار المشهدين «الأمن عسكري من جهة، والتجاري»، الذي وجد في معبر الرئيس الأميركي جو بايدن محطة أكثر من وجودية، قد لا تتكرّر على مستوى مستقبل «إسرائيل»، محطة ضامنة من حيث الامتداد وعوامل الاستثمار الأمني كما التجاري، عوامل متقدّمة منها على سبيل المثال لا الحصر «الاستفراد بأمن المنطقة، ضمن مركزية حضور»، قادرة على وضع الكيان الإسرائيلي في مقدمة المنطق سياسياً أمنياً وعسكرياً حتى إشعارٍ آخر.
في سياقٍ متَّصل لم ولن يقتصر المشروع الأميركي في المنطقة، على متدرجات البقاء الاستراتيجي، أو توفير سبل الحماية الأميركية، لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بل تعدّى ذلك إلى «حلم السيطرة»، ومخططات التحكُّم بأمن وأمان المنطقة، ما يطرح أكثر من علامة استفهام، تمحورت في مجملها حول مصلحة الولايات المتحدة الأميركية في إقرار هدنة، والعمل على وقف مرحلي أو كامل لإطلاق النار، في لحظات الترجمة الأمن عسكرية «لمشروع المنطقة الجديد»،
انطلاقاً مما تقدّم المصلحة الدولية كما الصهيونية من جهة والأميركية، تكمن في استكمال «الترجمة العسكرية لمشروع «الشرق الأوسط الجديد»، بغض النظر عن جملة الاعتبارات السياسية، أو الأمن عسكرية التي يفترض أن تؤثر على مسار التحوُّلات الاستراتيجية الكبرى في دول المنطقة، السؤال هل تكفي الفترة الزمنية الممتدة حتى انتخابات الرئاسة الأميركية الجيش الإسرائيلي لإحداث فجوات عسكرية قاسمة في جدار الموازين الإقليمية الحالية، والتوازنات الأمن عسكرية، ما يشكل على مستوى الانتظام العسكري القائم، صدمة وجودية يمكن من خلالها تأمين فرصة الولادة القيصرية لـ «شرق أوسط جديد» ممهور من حيث النفوذ الدولي بـ ختم الإدارة الأميركية الجديدة، الجواب «قطعاً لا»، بالتالي من هنا، بدأت رحلة الفشل الحتمي لمشروع المنطقة الجديد.