الميدان هو الفيصل
معن حمية
العارفون بطبيعة الأرض، وما فوقها وما تحتها، هم الأكثر معرفة بما سيؤول اليه أيّ التحام مباشر بالنار، بين المقاومين وعصابات الإرهاب الصهيونية. فالمقاومة بحسب كلّ المعطيات والمؤشرات، أعدّت نفسها جيداً لخوض مواجهة غير مسبوقة، عند أيّ هجوم بري صهيوني على جنوب لبنان.
ولكن، يبدو أنّ مجرمي الحرب الصهاينة، المنتشين بإجرامهم ومجازرهم الوحشية المرتكبة ضدّ المدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وباغتيال أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله وقادة آخرين، اعتقدوا أنّ الفرصة سانحة لهم للقيام بهجوم بري، وفي ساعة متأخرة من ليل أمس الأول أعلن الكابينت الصهيوني موافقته على المرحلة التالية، في إشارة إلى بدء هجوم برّي، وقد سبق الإعلان غارات وقصف مدفعي مكثف على عدد من المناطق اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة.
في المقابل، وعلى أثر إعلان الكابينت الصهيوني، استهدفت المقاومة بالأسلحة المناسبة، تحركات جنود العدو في البساتين المقابلة لبلدتي العديسة وكفركلا، وفي الدقائق الأولى من يوم أمس، استهدفت المقاومة قوة صهيونية عند بوابة مستعمرة شتولا وحققت إصابات مباشرة.. كما أطلقت العديد من الصليات الصاروخية على مواقع العدو في أكثر من منطقة فلسطينيّة محتلة.
اللافت أنه وبعد ساعات قليلة على إعلان العدو عن هجومه البري، خفت صوت الإعلام العبري والعديد من وسائل الإعلام الغربية التي تؤازره، وتقلصت العواجل في الفضائيات حدّ الانعدام، إلى ان انتشرت نهار أمس العديد من الصور التي تظهر طائرات هليوكوبتر تنقل جرحى صهاينة وآليات تسحب دبابات معطوبة، ما يؤكد أنّ قوات الاحتلال تلقت ضربة قوية على أيدي المقاومين. وهذه الضربة القاسية إنْ لم تكشف تفاصيلها المقاومة، إلا أنها ظهرت بين سطور الرسالة التي وجّهها المقاومون إلى الشهيد القائد، عزيز المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله.
أعقب هذه المفاجأة على الأرض، استمرار إطلاق الصليات الصاروخية من لبنان باتجاه كيان الاغتصاب، ثم عمليّة نوعيّة في قلب تل أبيب قتل فيها نحو عشرة مستوطنين، ثم عشرات الصواريخ التي انطلقت من إيران وأصابت أهدافها في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة.
بالمحصلة، فإنّ المفاجأة التي حضرتها المقاومة في لبنان، والصواريخ التي أطلقتها، والصواريخ اليمنية وعملية تل أبيب النوعية، والصواريخ الإيرانية، كل ّذلك، تكفّل بوأد حالة الانتشاء لدى الصهانية، وتحطيم الوهم الذي تملّكهم لأيام بأنهم قادرون على إقامة شرق أوسط جديد متصهين، تماماً كما توهّموا ذلك في حرب تموز 2006.
مجدّداً أكدت معطيات الميدان وساح المواجهة، أنّ كيان الاغتصاب الصهيوني لا يزال «أوهن من بيت العنكبوت»، فالجرائم والمجازر التي يرتكبها في غزة والضفة وكلّ فلسطين وفي لبنان وسورية، هي ترجمه لحقده وعنصريته، لكنها ليست مؤشراً بأنّ العدو قويّ، فهو يقتل الأطفال والنساء والشيوخ والصحافيين والمسعفين ويدمّر المؤسسات المدنية والاعلامية والاستشفائية بأسلحة وصواريخ أميركية – غربية، ما يعني أنّ العدو يمارس إجرامه بدعم ورعاية من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الذين سارعوا الى اطلاق المواقف بدعم ما اسموه «حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها» في حين انها تنفذ حرب ابادة في غزة وترتكب افظع الجرائم في لبنان.
نعم، العدو الصهيوني يعيث إرهاباً ومجازر في بلادنا، مستعيناً بقوة أميركا وأسلحتها وأموالها، لكنه أعجز من أن يفرض قواعد اشتباك ومعادلات غير تلك التي كرّستها المقاومة.
نتائج المواجهة المفتوحة مع عدو وجودنا لا تتحدّد بحجم الوحشية الصهيونية واغتيال القادة وقتل الأطفال، بل إنّ الميدان هو الفيصل، وما شهده الميدان يؤكد أنّ العدو ومن خلفه الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما لا يستطيعون فرض الشروط والإملاءت، بل إنّ المقاومة بكلّ دولها وقواها هي من يفرض الشروط ويصنع المعادلات والانتصارات.
*عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي