أولى

ماذا يعني تطبيق الـ 1701؟

يُكرّر الكثيرون الحديث عن تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد مفاوضات قاسية رافقت حرب تموز 2006 وانتهت بصدوره، وفقاً لتفسيرات استنسابيّة لا علاقة لها بالأصول والقواعد المتبعة في مثل هذه الحالات.
كل القوانين والمعاهدات تمثل نصوصاً مختصرة قابلة للتأويل، ولا يمكن فهمها إلا بالعودة الى محاضر المناقشات التي رافقت إعدادها والتفاوض حولها قبل أن تبصر النور، وهذا ما يُسمّى في القوانين البحث عن نيّة المشرّع، وهو شرط دستوريّ في تفسير القوانين يعرفه كل أساتذة القانون الدستوري.
مَن يقرأ النص سوف يجد أن القرار 1559 الذي ينص على حل الميليشيات وفُهم منه حينها أن المقصود منه نزع سلاح المقاومة، لكن الجميع يعلم أن إيراد هذا القرار في مقدمة القرار 1701 أسوة بكل القرارات الصادرة حول لبنان عن مجلس الأمن الدولي بلا معنى، لأن التفاوض الذي سبق صدور القرار 1701 تضمّن التداول بصيغة نشر قوات متعدّدة الجنسيات وفق الفصل السابع تتولى مهمة نزع سلاح المقاومة، وانتهت المفاوضات بالفشل ونتج عن صمود المقاومة حتى وصل جيش الاحتلال بعد الفشل البرّي عسكرياً وتكبّد خسائر ضخمة ليقبل بالصيغة التي ولد فيها القرار.
تم التداول التفاوضي قبل صدور القرار بمنح قوات اليونيفيل حق تفتيش الأودية والكهوف واقتحام المنازل والأماكن التي تأتيها معلومات عن وجود سلاح للمقاومة فيها، لكنها فشلت أيضاً للسبب نفسه، حتى تم التوصل الى الصيغة التي ولدت وفق ما تمّ الاتفاق عليه بأن المقاومة تلتزم بالامتناع عن المظاهر المسلحة في منطقة جنوب الليطاني، وأن الجيش اللبناني بدعم من اليونيفيل يتولّى الأمن، ولذلك فإن تطبيق تفسير مختلف للقرار 1701 يحتاج حرباً تُغيّر موازين القوى التي ولد فيها القرار.
تطبيق القرار 1701 وفق التفاهمات التي رافقت التفاوض الذي سبق ولادته لا يزعج حزب الله، لأنها لا تفرض عليه شروطاً جديدة، ولا علاقة لها بما يتداوله البعض عن انسحاب المقاومة وأسلحتها إلى ما وراء الليطاني، بل الامتناع عن الظهور المسلح في منطقة جنوب الليطاني وحزب الله كان ولا يزال حتى في الحرب ملتزماً بذلك.
القرار 1701 يفرض على الاحتلال التزامات كثيرة لم يلتزم بها، وهذا معنى مواظبة لبنان على المطالبة بتطبيقه، أهمها وقف الانتهاكات الجوّية والبحرية للسيادة اللبنانية، والانسحاب من النقاط اللبنانيّة المتحفّظ عليها والجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتل في حرب 2006، والأهم هو ما نصّ عليه القرار من تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بإجراء مشاورات لتقديم صيغة لحلّ النزاع حول مزارع شبعا التي لا يدّعي الاحتلال حق البقاء فيها لكنه يتذرع بكونها خاضعة للقرار 242 وتبعيتها للجولان السوري المحتلّ للبقاء فيها، وقد سبق واقترح الأمين العام السابق بان كي مون تسلّمها من قبل اليونيفيل، فقبل لبنان ورفض الاحتلال.
مَن يريد أن يتضمّن تطبيق القرار 1701 انسحاب المقاومة وسلاحها الى شمال الليطاني يدعو إلى تطبيق نسخة من القرار أسقطها صمود المقاومة، حتى أصيب الاحتلال بالفشل البريّ وقبل بالنسخة الحالية المتفاهم ضمناً على أنها تعني التزام المقاومة بالامتناع عن الظهور المسلح فقط، والعودة إلى نسخة سابقة سقطت يستدعي تعديل موازين القوى بنجاح الاحتلال بالحرب البرّيّة بخلاف ما جرى في 2006.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى