المقاومة تسطر أولى ملاحمها في الحرب البرية بـ 100 إصابة من وحدة إيغوز / مشاورات بايدن ونتنياهو تقرّر نوع الردّ على إيران… والردّ على الردّ أشد قسوة / عفيف من الضاحية: وعد السيد أننا سنعيد بناءها أجمل… والمقاومة بألف خير
كتب المحرّر السياسيّ
بينما كان الاجتماع الذي انعقد في مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري وضمّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يخاطب الداخل اللبناني والخارج العربي والدولي، بإطلاق دينامية سياسية تضمن تماسك الجبهة الداخلية في مواجهة الحرب المفتوحة على لبنان، وتؤمن المناخ الوطني المطلوب للتعامل مع قضية النزوح من الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب والبقاع إلى العديد من المناطق اللبنانية، ، وتسعى لتأمين مظلة عربية دولية لمساندة لبنان بوجه الاعتداءات الإسرائيلية على صعيدَي الدعم الإغاثي والدعم السياسي، عبر تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701 وفق مبادرة الرئيسين الأميركي والفرنسي التي وقعها عدد من قادة الدول الغربية والعربية، كانت الغارات الإسرائيلية تتواصل على الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع، وتحصد المزيد من الشهداء والجرحى وتدمر المزيد من الأبنية وتهجّر المزيد من السكان، بينما كانت المقاومة تتصدّى بقوة لمحاولات التقدّم البرّي لوحدات جيش الاحتلال وترسل صواريخها إلى عمق الاستيطان داخل شمال فلسطين المحتلة خصوصاً.
على المستوى الدولي والإقليمي كانت على السطح مشاورات تجري بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو حول طبيعة الردّ الإسرائيلي على الضربة الإيرانيّة التي اعترف جيش الاحتلال أمس، أنها أصابت بالأذى العديد من منشآته العسكريّة وقواعده الجوية، وفيما قال بايدن إنّه يطلب أن يلتزم الردّ بالتماثل في استباق لكلام إسرائيلي عن احتمال استهداف المنشآت النوويّة الإيرانية، نقلت الصحف الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين نفياً لنية استهداف المنشآت النووية والاستعداد للالتزام بالسقف الذي يضمن المساندة الأميركية، لكن إيران بلسان رئيسها وقادة المؤسسات الدستورية والعسكرية فيها قالت إنه إذا تمّ ردّ إسرائيلي استهدف منشآتها العسكرية أو المدنية فإن الردّ الإيراني أكيد وسوف يكون أشد قسوة.
على الحدود الجنوبية كانت المقاومة تسطر أولى ملاحم حربها البرية التي انتظرتها طويلاً لتعيد التوازن إلى صورة القوة التي احتكرها جيش الاحتلال بضرباته الجوية والاغتيالات التي استهدفت قادة المقاومة وتوّجت باغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقد أظهرت المقاومة أنّها كانت عند توقّعات ناسها ومحبّيها وآمالهم، فقد تكشف صباح أمس عن مواجهة نوعيّة في خراج بلدات العديسة ومارون الراس عن إصابة قرابة الـ 100 من ضباط وجنود وحدة ايغوز المحترفة لحرب العصابات ونخبة النخبة في لواء جولاني، بعدما حاولت التسلل إلى البلدتين، ووقعت في كمائن المقاومة التي أمطرتها بالرصاص والقذائف والصواريخ واستهدفت قوات الإسناد التي حاولت إنقاذها من الكمين، وشوهدت الطوافات وهي تنقل المصابين القتلى والجرحى، الذين اعترف جيش الاحتلال بـ 8 قتلى منهم ومثلهم من الجرحى، بينهم 5 ضباط، وحملت أخبار ليل أمس ما يفيد بتجدّد محاولات التقدم البري وقيام المقاومة بالتصدي لها ونشوب مواجهات ضارية على خط الحدود الممتدّ من يارون قرب بنت جبيل حتى مدينة الخيام.
في الضاحية نظّم حزب الله جولة للإعلاميين برفقة مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمد عفيف الذي تحدّث للإعلاميين عن مواجهات الجنوب الحدوديّة وعن التدمير المنهجيّ الذي يقوم به جيش الاحتلال للضاحية الجنوبية، مؤكداً أن المقاومة سوف تفي بوعد السيد بأن يُعاد بناء الضاحية أجمل، مطمئناً كل مَن يهتم لأمر المقاومة إلى أن المقاومة بألف خير.
شدّد الإمام السيد علي الخامنئي على أنّ خسارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليست حادثة بسيطة أو صغيرة، «وقد جعلتنا نحزن».
وفي كلمة له قال: «إننا في حداد، إلا أن حدادنا لا يعني الحداد والاكتئاب والجلوس في الزاوية. حدادنا يشبه حداد سيد الشهداء. إنه حداد حي ومفعم بالحيوية. نحن نحزن، لكن هذا الحداد يُجبرنا على التحرك والتقدم والعمل بحماس أكبر، يجب أن نشعر أن حدادنا يجب أن يدفعنا أيضًا إلى الأمام». مضيفاً: «لدينا كلام في ما يتعلق بقضايا لبنان وما يتعلق بهذا الشهيد العظيم والعزيز، سأقوله في القريب العاجل إن شاء الله».
إلى ذلك سجلت الجبهة الجنوبية مفاجآت ميدانية من خلال تصدّي المقاومة بعمليّات نوعية لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاولت الدخول والتسلل عبر أكثر من قرية ومحور على الحدود، ما أدّى الى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الضباط والجنود الإسرائيليين فيما وصف الإعلام الإسرائيلي ما يحدث على الحدود بالحدث الصعب والمأساويّ، فيما تصاعدت وتيرة إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات شمال فلسطين المحتلة.
وفي التفاصيل الميدانية، تصدّى مجاهدو المقاومة لِقوة من مشاة العدوّ «الإسرائيلي» حاولت التسلّل إلى بلدة العديسة من جهة خلّة المحافر واشتبك المجاهدون معها وأوقعوا بها خسائر وأجبروها على التراجع، كما استهدفت تجمّعات ومواقع العدو. وشن مجاهدو المقاومة هجومًا جويًا بسربٍ من المسيرات الانقضاضية على مربض المدفعية في «نافيه زيف» وأصابوه بِدقة ودمّروا 3 دبابات صهيونية من نوع «ميركافا» بِصواريخ موجهة أثناء محاولتها التقدم باتجاه بلدة مارون الراس، كذلك استهدف مجاهدو المقاومة تحشّدًا لقوات العدوّ في مستعمرة «يعرا» بصلية صاروخية كبيرة، وأمطروا قوة «إسرائيلية» في مارون الراس بوابل من الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
وأطلق مجاهدو المقاومة في وحدات الدفاع الجوي صاروخ أرض – جو على مروحية معادية في أجواء مستعمرة بيت هلل، «مما أجبرها على المغادرة على الفور، ومنذ ذلك الحين لم تظهر أي مروحية في الأجواء على امتداد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة».
وأفادت وسائل إعلام «إسرائيلية» عن سقوط 80 جنديًا «إسرائيليًا» بين قتيل وجريح جراء الحدث الأمني عند الحدود مع لبنان، وكانت عملية إنقاذهم صعبة جدًا بسبب القصف المدفعي الكثيف الذي نفّذه حزب الله. ودعا جيش الاحتلال، وفق إذاعة جيش العدوّ، إلى عدم نشر أسماء الأماكن التي تسقط فيها صواريخ حزب الله، حيث تحدّث إعلام العدوّ عن إطلاق حوالي 120 صاروخًا وحوالى 20 مُسيرة من لبنان باتّجاهات مختلفة. وأفادت وسائل إعلامية عن إصابة العشرات من قوة النخبة التابعة لـ «جيش» الاحتلال، حيث سُمعت صرخاتهم في الأرجاء، موضحة أنّ المروحيّات الصهيونية أجلت القتلى والجرحى من الجنود تزامنًا مع إطلاق القنابل الدخانية.
واعترفت وسائل إعلام صهيونية في تقارير بإصابة 80 جنديًا في الشمال، مشيرة إلى أنّ مروحيات عسكرية هبطت في مستشفيات «رامبام» في حيفا و«زيف» في صفد و«بيلنسون» في الوسط. وأعلنت هذه الوسائل الإعلاميّة عن تبادل عنيف لإطلاق النار بين قوات الرضوان وقوات «الجيش» الصهيوني عند الحدود مع لبنان، لافتة إلى أن قوة النيران التي يطلقها حزب الله في اتّجاه قوات «الجيش» ضخمة، فهو – أي حزب الله – لم يتوقف عن إطلاق رشقات صاروخية نحو مراكز تجمع القوات منذ الصباح (أمس).
كما أفاد إعلام العدوّ أنه في مستشفى زيف بصفد فشلت جهود إنقاذ حياة جندي مصاب، فأعلن عن مقتله. وتحدث إعلام العدوّ عن قتال عنيف مع حزب الله في الشمال، و«حدث غير عادي»، واصفًا إياه بالـ «حدث كثير الإصابات»، مؤكدًا إجلاء الإصابات بـ 4 مروحيات على الأقل. ووفق إعلام العدو، فإنّ كمين العديسة أدّى في حصيلة أولية ــ إلى مقتل ثمانية جنود صهاينة أحدهم ضابط برتبة نقيب، وسقوط 32 جريحًا بعضهم بحالة خطرة.
كما خاضت المقاومة اشتباكات مع جنود العدوّ «الإسرائيلي» المتسلّلة إلى بلدة مارون الراس من الجهة الشرقية وأوقعوا في صفوفهم إصابات عدة. وبحسب إعلام العدو، أدّى كمين مارون الراس إلى سقوط قتيلين، و35 جريحًا بعضهم بحالة خطرة. ونشرت وسائل إعلام «إسرائيلية» مشاهد لإخلاء الجيش «الإسرائيلي» لقتلى وجرحى وقعوا خلال الاشتباكات مع حزب الله.
وذكرت إذاعة جيش العدوّ أنّ مواجهة حصلت داخل مبنى عندما تسلّلت مجموعة من وحدة «إيغوز» إلى داخله، حينها فتح حزب الله النار وأطلق الصواريخ تجاه القوّة، وحتّى خلال عملية سحب الجرحى واصل حزب الله إطلاق النار والصواريخ.
وتحدّث إعلام العدوّ عن سقوط قتيل على الأقل من وحدة «إيغوز» جراء اشتباكات مع حزب الله عند الحدود الشمالية، لافتًا إلى أنه «منذ صباح اليوم (أمس) حصلت عدة اشتباكات بين الجيش «الإسرائيلي» وعناصر حزب الله من مسافة قريبة في عدد من النقاط».
ونشرت وسائل إعلام «إسرائيلية» مشاهد لإخلاء الجيش «الإسرائيلي» لقتلى وجرحى وقعوا خلال الاشتباكات مع حزب الله:
وقال الجيش اللبناني في بيان إنّ قوة تابعة للعدو «الإسرائيلي» انسحبت من الخط الأزرق بعدما اخترقته لمسافة 400 متر داخل الأراضي اللبنانية، لافتًا إلى أنّ الخرق «الإسرائيلي» جرى في منطقتي خربة يارون وبوابة عديسة.
وأفاد مصدر ميداني في المقاومة لقناة الجزيرة أن جنود نخبة جيش العدو الذين دخلوا لبنان قتلوا أو جُرحوا أو فروا، وشدّد على أن التصدي لجنود العدو الإسرائيلي لا يقتصر على قوات النخبة المتسللة إلى أطراف بعض القرى داخل الأراضي اللبنانية عند الحافة الأمامية في جنوب لبنان، وإنما يطال تمركز هذه القوات في الثكنات العسكرية والبساتين والمواقع داخل الأراضي المحتلة. وأشار المصدر الى أن كل الحشود العسكرية الإسرائيلية المتواجدة داخل الأراضي المحتلة عند الحدود اللبنانية الفلسطينية هي تحت مرمى نيران المقاومة الإسلامية ويتمّ التعامل معها بالأسلحة المناسبة.
فيما أشارت إذاعة جيش الاحتلال الى إطلاق نحو 190 قذيفة صاروخية صوب شمال البلاد من لبنان منذ الصباح دون احتساب الرشقة الأخيرة، نقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، أن «حزب الله لم يستخدم صواريخه المتطوّرة وبعيدة المدى حتى الآن».
وأشار خبراء عسكريّون لـ«البناء» الى أن قوات الجيش الإسرائيلي ستحاول اختراق الحدود والتسلل من نقاط عدة تعتبرها رخوة أي لا وجود لحزب الله فيها، وممكن أن تدخل من سهل الخيام الى تخوم حاصبيا – البقاع الغربي، والمحور الثاني مثلث العديسة ومارون الراس مسكاف عام، وربما تقوم بعمليات خاصة وإنزالات في نقاط متقدمة وبعيدة عن تمركز حزب الله في عمق 10 كلم، وتحاول التقدم باتجاه ما يعثر عليه من أنفاق لالتقاط صورة نصر معنويّ للقول للمستوطنين بأنها وصلت إلى أنفاق حزب الله وصواريخه ويقوم بتفجيرها وإبعاد حزب الله وصواريخه عن الحدود مسافة 10 كلم باتجاه شمال الليطاني. وبرأي الخبراء فإن القوات الإسرائيلية لن تستطيع الاختراق بسهولة مع تعرضها لكمائن وهجمات قاتلة ستكبدها خسائر فادحة وإضافية شبيهة بالتي حدثت أمس، وبالتالي بحال استمرت تكتيكات التسلل والقتال بهذا الشكل في الأيام المقبلة فإن القوات الإسرائيلية ستتعرّض لإخفاق كبير ما ينعكس على مسار المعركة والتفاوض في المرحلة المقبلة. وأشار الخبراء الى كفاءة مقاتلي حزب الله وجهوزيتهم العالية لدرجة منعهم الجنود والضباط الإسرائيليين من التقدم لمسافة 500 متر، وإن نجحوا بذلك في بعض القرى فتكون عملية استدراج لموقع الكمين. وتوقف الخبراء عند العدد الكبير لقتلى وجرحى جيش الاحتلال، ما يؤشر الى عدم الاستعداد النفسيّ للقوات المقتحمة وضآلة المعلومات الاستخباريّة عن نقاط انتشار قوات حزب الله ونوعية الأسلحة التي سيستخدمها، ما يعني أن أسبوع قتال كيوم أمس، سينتهي بكارثة كبيرة في جيش «إسرائيل» وقد يصل عدد القتلى والجرحى الى 1000 وعدد الدبابات المدمّرة إلى 50.
وتوقعت مصادر «البناء» أن تنعكس نتائج المواجهات الميدانية في الجنوب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله على مسار الحرب في كل الجبهات بخاصة في غزة ولبنان، ويبدأ التفاوض الجدّي للتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار بدأ مساره الطويل بانعقاد جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس. على أن أوساطاً دبلوماسية غربية تشير لـ«البناء» الى أن حكومة «إسرائيل» لا تزال مصرّة على موقفها حتى الآن باستكمال العمل الجوي والبري المزدوج للدفاع عن أمن حدودها وإعادة مستوطنيها وتعتبر أن هناك فرصة لفرض أمر واقع على الحدود، خصوصاً بعد تعرّض حزب الله لضربات متلاحقة انعكست على أدائه القيادي والأمني.
غير أن مصادر في فريق المقاومة تشير لـ«البناء» الى أن الكلمة للميدان وما يجري على الحدود من ملاحم بطوليّة هو خير جواب على أداء حزب الله واستمراريته كما كان قبل استشهاد السيد نصرالله وأشدّ بأساً وصلابة.
وأكد مسؤول العلاقات الإعلامية بحزب الله، محمد عفيف خلال جولة إعلامية في الضاحية الجنوبية أن «ما حدث في مسغاف عام ومارون الراس والعديسة اليوم ليس سوى البداية»، مشيراً الى أن «عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي في معارك اليوم كبير جداً وهناك تعتيم من قبل العدو». وأكد عفيف أن «قواتنا اشتبكت مع قوات العدو في العديسة ومارون الراس، وأقول للجميع إن المقاومة بخير ومنظومة القيادة والسيطرة بخير»، معتبراً «أننا نعيش غزة لبنانية مجدداً».
ورأى أن «رسالة العدو وأهدافه واضحة وهي سياسة تدميريّة لتحريض بيئة المقاومة على المقاومة، ونقول إن منزلة المقاومة من شعبها كعلاقة الدم بالشرايين»، مؤكداً أن «تدمير «إسرائيل» المنظم للمباني لن يزيد شعبنا إلا إصراراً على دعم المقاومة».
دبلوماسياً، حذر مندوب لبنان في مجلس الأمن هادي هاشم، من «تمدّد الحرب في الإقليم لتشمل جبهات عدة»، لافتاً الى أننا «نتجه إلى حرب إقليمية بلا ضوابط، ونحن مستعدون لتعزيز وجود الجيش في الجنوب». وطالب هاشم، «مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته ومنع انفجار الشرق الأوسط».
وأعلنت الخارجية الفرنسية أن الوزير جان نويل بارو سيزور المنطقة مجدداً في مهمة كلّفه بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. كما دعت الخارجية الفرنسية، إسرائيل لإنهاء عملياتها العسكرية في لبنان في أقرب وقت.
بدوره، أشار أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في مؤتمر صحافي مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الى أن «العدوان المستمر على لبنان ما زال مستمراً ويضع المنطقة برمتها على حافة الهاوية، والتصعيد الأخير على لبنان هو ما حذرنا منه منذ بداية العدوان على غزة».
على المستوى الرسمي الداخلي، برزت القمة الثلاثية في عين التينة التي ضمّت رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، وشدّد جنبلاط في تصريح على أننا «تباحثنا في الأوضاع المصيرية التي يمر بها لبنان». وأكد «أننا اتفقنا على إدانة العدوان الإسرائيلي الذي يطال لبنان وأدى إلى استشهاد الكثير من اللبنانيين».
وأكد ميقاتي أهمية وحدة اللبنانيين بمواجهة هذا العدوان وتضامنهم الوطني لا سيما في القيام بواجب احتضان العائلات النازحة من أبناء الجنوب والضاحية والبقاع والتنويه بجهود الحكومة في هذا المجال. ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والاستجابة لمتطلبات خطة الدعم التي طُرحت من قبل لجنة الطوارئ الحكوميّة في أسرع وقت ممكن، خاصة أمام إصرار العدو الإسرائيلي على إطالة أمد العدوان.
وشدّد رئيس الحكومة على التزام لبنان بالنداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبّان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة العربية السعودية وقطر وألمانيا واستراليا وكندا وإيطاليا. ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار والشروع في الخطوات التي أعلنت الحكومة اللبنانية التزامها بها لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 وإرسال الجيش اللبناني إلى منطقة جنوب الليطاني ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام في الجنوب.
ودعا ميقاتي المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر بحق لبنان وشعبه، كما دعا الشركاء في الوطن الى سلوك درب الوفاق والتلاقي تحت مظلة الوطن الواحد والدستور والمؤسسات الجامعة والاضطلاع بمسؤولياتنا الوطنية المشتركة عبر انتخاب رئيس وفاقي للجمهورية يطمئن الجميع ويبدّد هواجسهم المختلفة.
ولفتت أوساط سياسية لـ«البناء» الى أهمية عقد القمة الثلاثية في تأكيد الموقف الوطنيّ الموحّد في وجه العدوان الإسرائيلي على لبنان وتمتين الموقف التفاوضي بالتأكيد على تطبيق القرار 1701 ووقف العدوان على لبنان، وأيضاً منع أي انقسام داخلي ورفع مستوى التضامن الوطني الرسمي والسياسي والشعبي لمواجهة العدوان.
ورأس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السراي، خصّصت لمناقشة أوضاع النازحين وإخراج البضائع واتخذت سلسلة من القرارات.
بدوره، دعا نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة «إلى إيجاد مساحة مشتركة تسمح بانتخاب رئيس للجمهورية بسرعة». وقال: «لمسنا من الرئيس بري مرونة إذ انّه لم يعد متمسكًا بالحوار مثل قبل كشرط أساسيّ لانتخاب رئيس.»
وتوقعت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «يتحرّك الملف الرئاسي قريباً في ظل مؤشرات على تذليل بعض العقد أمام إنجازه وبدفع دوليّ»، مشيرة الى أن الملف الرئاسي سيتحرّك بالتوازي مع بدء المفاوضات بين لبنان و«إسرائيل» على وقف إطلاق النار على الحدود، متحدثة عن دفع دولي لانتخاب رئيس توافقي في لبنان ليقود عمليات التفاوض للتوصل إلى اتفاق أو ترتيبات أمنية على الحدود على غرار اتفاق ترسيم الحدود ويشرف على تطبيقها.