أولى

سيد الوحدة والوفاء

 

‭‬ معن بشور

لقد كُتب الكثير عن شهيد الأمة والإنسانية والمقاومة سماحة الأمين على الحق والقيَم السيد حسن نصر الله (ابو الشهيد هادي)، وسيكتب الكثير عن دوره المقاوم الكبير وعن إسهامه الكبير في الجهاد من أجل كرامة الأمة وحريتها ونهضتها، وطبعاً لي في هذا المجال الكثير لأقوله منذ أن جمعتني بالشهيد الكبير منذ ثلاثين سنة لحظات مصيرية في حياة لبنان وفلسطين والأمة، ولكن سأركّز على مسألتين جوهريّتين في مسيرة القائد الكبير وهما وحدويته ووفاؤه.
لقد كان سماحة السيد يدرك انّ المقاوم الحقيقي هو الوحدوي الحقيقي الذي يحاول لمّ الشمل وجمع الكلمة وتوحيد الصفوف… والبحث عن المشتركات ليطفئ بها نار الاحتراب والصراعات وليبقي العيون متجهة صوب الهدف الرئيسي والعدو الرئيسي…
بل كان يدرك انّ أحد الأهداف الرئيسية لأعداء الامة هو تمزيق صفوفها والإيقاع بين مكوناتها.. كما كان يدرك انّ أحد أبرز مخططات العدو هو استدراج حزب الله الى معارك جانبية لكنه كان دائماً بالمرصاد لهذه المحاولات مهما كان الثمن..
ولا أنسى كيف أنّ سماحته كان أشدّ المتحمّسين لتأسيس المؤتمر القومي – الاسلامي (1994)، ومؤسسة القدس الدولية (2001)، ناهيك عن المشاركة الدائمة في المؤتمر القومي العربي والمؤتمر العام للأحزاب العربية… ثم المؤتمر الجامع ايّ المؤتمر العربي العام رغم التباينات والصراعات القائمة يين تيارات الأمة وداخل كل تيار… بل انه اعتبر في جردة الحساب التي قدّمها عن إنجازات حزب الله بعد أربعين عاماً على انطلاقته كان حديثه عن تلك المؤتمرات التي كانت تعتبر انّ أحد أبرز مهامها هو الدفاع عن المقاومة وإحاطتها بدرع نخبوي وشعبي عابر للأقطار وللتيارات والعصبيات التي يحاول الأعداء دائماً تحريكها بوجه المقاومة ووحدة الأمة..
وحين سألته (رحمه الله) مرة عن سرّ حماسته لمثل التجمعات الوحدوية أجابني مبتسماً: لا تنس أنّ الإسلام دين توحيد والتوحيد في السماء هو دعوة للوحدة على الأرض والتي لا تصان إلا باقتلاع شياطين الأرض منها..
ومن هنا كانت وحدوية السيد نصرالله متلازمة مع خياره المقاوم، تماماً كما كانت مقاومته نهجأ وحدوياً اصيلاً.
اما الميزة الثانية لسماحة السيد التي أحرص على التوقف عندها فهي ميزة الوفاء التي تقف على رأس القيَم الأخلاقية عند البشر..
والوفاء عند أبي هادي كان للقضايا المحقة مثلما كان لكلّ من قدّم حياته لأمته وقضاياها.
لقد كان السيد لا يترك عالماً كبيراً او شهيداً عظيماً من رفاق السلاح والجهاد إلاّ ويتحدث عنه في مهرجان كبير، مدركاً انّ سيرة العلماء والشهداء هي من سيرة الشعوب، وانّ الحديث عن عطاءاتهم ليس فعلاً أخلاقياً راقياً فحسب، بل هو جزء من معركة الوعي المتلازمة مع معارك الأمة من أجل حريتها وكرامتها ووحدتها..
ولعلّ الوفاء لفلسطين كان سمة مميّزة من سيرة هذا القائد الاستثنائي الذي بات شهيد فلسطين كما لبنان… شهيد العروبة كما الإسلام… شهيد الانتماء الوطني كما الكرامة الإنسانية… وقد بادله شعب فلسطين وفاءه بأجمل وفاء خلال مسيرات الوداع…
رحم الله سماحة السيد ورفاقه الأبرار الميامين فأمثالهم باقون في ضمير أمتهم ولو غابت الأجساد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى