محور المقاومة يقلب الصورة: «إسرائيل» تغرق في حرب استنزاف كبيرة
حسن حردان
كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية «أنّ الهجوم الصاروخي الإيراني ألحق أضراراً جسيمة بقاعدة نيفاتيم العسكرية في صحراء النقب»، لافتة الى انّ «الأضرار في قاعدة نيفاتيم جراء الهجوم الصاروخي الإيراني ستؤثر سلباً على الدفاع الجوي الإسرائيلي».. ومعروف انّ هذه القاعدة تحوي طائرات «اف 35» التي انطلقت منها لتنفيذ جريمة اغتيال القائد الكبير في محور المقاومة ورمز المقاومة العربية، سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله.
فيما أكدت وكالة «أسوشيتد برس»، أنّ صوَر أقمار اصطناعية تظهر حجم الدمار في مبان قريبة من المدرج الرئيسي لقاعدة نيفاتيم الجوية.. وترافق ذلك مع توالي الأنباء عن المواجهات الملحمية والبطولية التي يسطرها رجال المقاومة من وحدات الرضوان في المناطق الحدودية، في مواجهة قوات النخبة الصهيونية التي تحاول التقدّم يائسة باتجاه القرى المحاذية للسياح الحدودي، وتفجير العبوات الناسفة فيها، مما أوْقع أعداداً كبيرة من جنود العدو بين قتيل وجريح.. فيما كانت كتائب القسام تنتقم لاستشهاد رمز المقاومة قائدها سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله، وتنصب كميناً مركباً على ثلاث مراحل دمرت خلاله الكثير من دبابات وآليات العدو، حيث عرضت مشاهد لمراحل استهدفها وتدميرها واندلاع النار فيها…
ماذا يعني ذلك؟
أولاً، سقوط مزاعم المستوى السياسي «الإسرائيلي» ومستشار الأمن القومي الأميركي، بأنّ الهجوم الإيراني الصاروخي فشل، وانّ الاضرار التي تسبّب بها كانت ضئيلة.. لكن بدء الاعتراف بحصول أضرار جسيمة في القواعد الجوية يؤكد فشل محاولات «إسرائيل» وأميركا في محاولة التخفيف من أثرها وقوتها واحتواء نتائجها التي احدثت صدمة كبيرة في كيان الاحتلال..
ومع انّ بعض المحللين يرون أنّ الاعتراف الإسرائيلي الآن بوقوع أضرار كبيرة في القواعد التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية فرط صوتية، الهدف منه إيجاد المناخ لتبرير قيام «إسرائيل» بالردّ على الهجوم الإيراني.. وهو ما عكسته مواقف المسؤولين السياسيين والعسكريين «الإسرائيليين».. لكن هذا لا يلغي حقيقة انّ «إسرائيل» تلقت ضربة قاسية، وانها باتت في مأزق الردّ، والردّ الإيراني المضادّ وما قد يؤدي اليه من تداعيات أكثر على الكيان الصهيوني، وتعميق لمأزقه، لا سيما أنه، كما يقول العديد من المسؤولين والمحللين الصهاينة، لا يستطيع الاستمرار، لوقت طويل، في حرب استنزاف من الوزن الثقيل، خصوصاً أنّ مساحة «إسرائيل» صغيرة، وليس لديها عمق جغرافي، على عكس أطراف محور دول وقوى المقاومة…
بكلّ الأحوال فإنّ نجاح الصواريخ الإيرانية في تحقيق أهدافها في ضرب القواعد العسكرية والجوية والأمنية الإسرائيلية يؤكد جملة من الحقائق:
الحقيقة الأولى، صدقية ما أكدته طهران عن تحقيق أهدافها وان أكثر من ثمانين صاروخاً أصابت القواعد العسكرية والأمنية بدقة.. وحققت الغاية من الردّ الإيراني على العدوان الصهيوني على إيران واغتيال قادة محور المقاومة…
الحقيقة الثانية، تأكيد مدى تطور المنظومة الصاروخية الإيرانية وقدرتها على الوصول إلى أهدافها على مسافات بعيدة تتجاوز الـ 1800 كلم، وأنها تستطيع توجيه الضربات الموجعة والقاسية لكيان الاحتلال، يؤكد عملياً التطابق مع ما كان يقوله القادة في الحرس الثوري الإيراني عن انّ إيران تستطيع أن تدمّر كيان الاحتلال إذا ما تجرّأ على شنّ الحرب ضدّ الجمهورية الإسلامية، وانّ ما حصل إنما هو عينة مما يمكن أن تفعله إيران على هذا الصعيد..
الحقيقة الثالثة، أنّ إيران تملك قوة ردعية كبيرة في مواجهة البلطجة والعربدة الصهيونية، وانّ «إسرائيل» لا يمكنها ان تفرض مشيئتها على إيران وحلفائها في محور المقاومة، وبالتالي لن تستطيع تغيير توازن القوى لمصلحتها، ولن يكون بقدرتها ترميم قوتها الردعية، وحماية أمنها المكشوف، واستعادة دورها المهشم كوكيل وشرطي يحمي المصالح الأميركية الغربية، لأنّ محور المقاومة بات يملك القدرات التي تحول دون ذلك عبر توجيه الضربات القوية لمراكز قوة كيان الاحتلال..
الحقيقة الرابعة، أنّ أحلام ورهانات نتنياهو والقادة الصهاينة، يميناً ويساراً، في فرض مشاريعهم التوسعية وهيمنتهم وسلطانهم على المنطقة، ستبقى حلماً ووهماً، لأنّ العصر الذي كانت «إسرائيل» وأميركا تستطيعان فيه فرض هذه المشاريع وإخضاع المنطقة وإرهاب دولها قد ولّى إلى غير رجعة، لأنّ المنطقة دخلت قولاً وفعلاً عصر المقاومة القادرة على إلحاق المزيد من الهزائم بقوات الاحتلال الصهيوني والأميركي..
ثانياً، هذه الحقائق المذكورة آنفاً، التي أكدها نجاح الهجوم الصاروخي الإيراني في توجيه ضربات صاعقة وغير مسبوقة لكيان الاحتلال، تعززت في اليومين الأخيرين في المواجهات الأولى لمحاولات قوات العدو التقدم براً في بعض القرى الحدودية في جنوب لبنان، حيث وجه رجال المقاومة ضربات موجعة وقاسية لقوات النخبة «الإسرائيلية»، واشتبكوا معها في معارك التحامية من مسافة صفر، لليوم الثاني على التوالي، وأوقعوا عناصرها بين قتيل وجريح، الأمر الذي أحدث صدمة في أوساط جيش الاحتلال وقياداته، وبدّل المشهد الميداني رأساً على عقب وأعاد زمام المبادرة للمقاومة، وأسقط كلّ رهانات قادة العدو على إفقاد المقاومة توازنها وتماسكها وقدرتها على المواجهة، اثر نجاح العدو في اغتيال رمز المقاومة وقائدها الشهيد سماحة السيد حسن نصر الله.. وكشف فشل العدو في إضعاف قوة الرضوان وإبعادها عن الحدود.. وأكد سلامة منظومة القيادة والسيطرة والتحكم لدى المقاومة.
ثالثاً، زاد من حجم الخسارة الكبيرة الإسرائيلية، وانقلاب الصورة، وتكبّد كيان العدو خسائر غير مسبوقة خلال أيام معدودة، الكمين المركب من ثلاث مراحل الذي نفذته كتائب عز الدين القسام، بعد سنة على عملية طوفان الأقصى النوعية، وحرب الإبادة الصهيونية في قطاع غزة، جاء في هذا التوقيت، ليزيد من حجم المأزق الإسرائيلي وفشله في تحقيق أهدافه، وتهاوي الإنجازات الآنية التي حققها العدو باغتيال قادة المقاومة، ويعيد إنتاج صورة غرق «إسرائيل» في حرب استنزاف غير مسبوقة في تاريخها، على جبهات عدة.. عكست قوة وبأس دول وقوى محور المقاومة ووحدة الساحات ومتانتها.