الخبر ما ترون لا ما تسمعون…
رنا العفيف
هزيمة تلو الأخرى لـ «الإسرائيلي» جعل حسابات حزب الله ومحور قوى المقاومة وحدها، تسيطر على تل أبيب، كيف يمكن تقييم الأحداث المتسارعة في ظلّ الردّ الإيراني؟
تحت عنوان أنّ من المجرمين منتقمون، أصدر حرس الثورة في إيران بيانه حول الردّ العسكري على «إسرائيل»، وفيه أنه بعد فترة من ضبط النفس وأمام انتهاك سيادة إيران باغتيال الشهيد اسماعيل هنية، ووفقاً لحق إيران الذاتي في الدفاع عن نفسها في مواجهة تصعيد الجرائم «الإسرائيلية بدعم من الأميركيفي قتل الشعبين الفلسطيني واللبناني واغتيال السيد الشهيد حسن نصر الله والعميد عباس نيلفوروشان، أطلقت القوة الجو فضائية لحرس الثورة عشرات الصواريخ البالستية نحو أهداف مهمة في عمق الآراضي المحتلة، وأكد حرس الثورة أنّ العملية جرت بعد تأييد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ودعم الجيش الإيراني، وبالتالي هذا الاستبيان الدقيق والردّ الاستراتيجي أعاد الأمور إلى نصابها، بالطريقة التي يراها محور قوى المقاومة وباللغة التي يفهمها هذا العدو، فكانت الرسالة جلية بطرح الأجوبة التي كان يتساءل بشأنها بعض المحللين والمراقبين، بأنّ كلّ ما قامت به «إسرائيل» لم يردع محور المقاومة من طهران إلى حزب الله إلى المقاومة العراقية والقوات اليمنية وصولاً إلى المقاومة الفلسطينية، بمعنى آخر وبكلمتين… لا يوجد أيّ طرف من أطراف محور المقاومة مردوعاً، والدليل ما أكدته إيران في هذا الردّ، وكأنها تقول أنها معنية بشهادة ضباطها وقادة قواتها العسكرية، كما أنها معنية بالدفاع عن سيادتها، وأيضاً عن حلفائها، لا سيما أنّ هذا الرد أتى في الوقت المناسب في حين كان هناك من يشكك بوعد إيران الصادق، واستتبع هذا الردّ بتهديد واضح في حال استمرّ نتنياهو بإصراره وتعنّته فسيكون هناك ردّ أقوى وأقسى، وبالتالي رأى العالم بأسره دفعة الصواريخ التي جعلت كلّ سكان الكيان «الإسرائيلي» يهرعون للملاجئ وتفرغ الشوارع وتوقف مطار بن غوريون عن العمل إلى درجة توقف وشلل حياة الكيان بشكل كامل بما في ذلك الأمر خضوع ونزول نتنياهو من عن الشجرة إلى الملاجئ،
البعد الاستثنائي في خضمّ رد محور قوى المقاومة، وبالبعد الآخر بمسار المعركة كلها على صعيد القضية الفلسطينية وما يجري في غزة ولبنان، يحمل أهمّ عناصر القوة التي هي من ضمن الأهداف التي وعد بها السيد الشهيد نصر الله، لا سيما إذا استمرت المفاجأت بهذا الالتزام وبهذه الوتيرة وبهذا المستوى، فهي حتماً ستغيّر المنطقة، بمعنى أنه بالرغم من الألم والقسوة والطعنة بالروح التي آلمنا بها العدو، إلا أنّ دليل ثبات محور المقاومة هو بالإيمان الصلب الذي تمتلكه بصلب خياراتها وقدراتها وأنّ أيّ ضغط مهما كانت قسوته ستبقى المعركة فعلية وقائمة على معايير الأهداف الموضوعة،
وفي خضمّ مغامرة الأحمق نتنياهو للتخلص من عقدة غزة ومحاولته التذاكي على حزب الله بالضربة القاضية بقطع النظر عن التوقيت والظروف والاعتبارات التي تتحكم بمثل هذا القرار باستخدامها ثمانين طناً من القنابل الخارقة للتحصينات لاغتيال السيد نصر الله، وحدها سيكون لها حسابات كثيرة ومتعددة، فمن اغتالته «إسرائيل» ليس قائد حزب فقط بل كان وسيبقى رمزاً كبيراً لا مثيل له، وهو أبرز قادة محور المقاومة، بل قائد محور المقاومة، وبالتالي حقيقة استشهاده ستجعل المنطقة تشهد لحظات أو ساعات أو قد تكون أياماً ولياليَ مفصلية في هذا الصراع الذي يبدو بالصورة أنه انتقل إلى مواجهة مفتوحة إنْ لم تكن حرباً مفتوحة لطالما هذا العدوان الذي حصل هو عدوان كبير غير مسبوق على مستوى استهداف القائد العظيم وغير مسبوق على مستوى لبنان وغير مسبوق حتى في ظلّ الصراع «الإسرائيلي» مع حزب الله، وستكون خاتمة هذه المعركة نصر الله الآتي، فليعلم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش أنهم يقودون كيانهم إلى الهاوية وإلى الخراب الثالث السحيق…
نحن مؤمنون وواثقون بأنّ هذه المعركة لها أفقها بشكل واضح يراها المؤمنون الصابرون والمحتسبون، لذلك على بيئة المقاومة والبيئة المساندة والمؤيدة لها أن يتابعوا الميدان في كلمته الأخيرة والخبر ما ترون لا ما تسمعون في سياق الجهد والتضحيات التي يبذلها حزب الله وأطراف المحور في هذه المعركة الأكثر دقة وحساسية والأكثر عمقا، وأياً يكن الأفق في الجهة المقابلة فإنّ جبهة لبنان الضاغطة والمؤثرة لن تتوقف عن الدعم والمساندة من أجل غزة والضفة والأرض المقدسة…