مقالات وآراء

النازحون بين الإهمال والاستغلال!

علي بدر الدين

أسبوعان بالتمام والكمال مرّا على نزوح الجنوبيين من قراهم وبيوتهم بسبب توسّع دائرة العدوان “الإسرائيلي” على الجنوب واستهداف صواريخ طائراته الحربية الغادرة للمنازل والمدنيين في سياراتهم وعلى الطرقات، والضغط على السكان بتوجيه الإنذارات بالإخلاء والتوجه شمالاً إلى ما بعد جسر الأوّلي، كما كان يفعل وما زال بأهل غزة.
النازحون من الجنوب والضاحية والبقاع وفي غير منطقة لبنانية “يعيشون” في ظروف صعبة ومعاناة حقيقية، لأنّ الدولة مُفلسة وغائبة، وتنتظر المساعدات من دول “صديقة وشقيقة” ومن “منظمات ومؤسسات” دولية رسمية وأهلية، ولعدم قدرة هيئة الطوارئ الإغاثية الرسمية التي شكّلتها الحكومة على القيام بالمهمة الوطنية المطلوبة منها وهي الاهتمام بالنازحين ورعاية شؤونهم وتلبية ولو الحدّ الأدنى من احتياجاتهم وعبثاً تحاول لأسباب معروفة ومجرّبة.
وقبل أن “نمدّ يدنا” ونطلب من الآخرين دعمنا وحمايتنا ووقف الحرب “الإسرائيلية” المسعورة والجهنمية والبربرية، علينا أولاً أن نحمي وطننا وأنفسنا وحقوقنا بالتفاف وطني حقيقي وجامع، خاصة أنّ الجميع في مركب واحد ولن ينجو أحد من الغرق اذا ما استمر العدوان الإسرائيلي على لبنان.
ألسنا بحاجة في هذه الحرب “الإسرائيلية” التي تقتل وتدمّر وتهجّر إلى الرأفة ببعضنا البعض، وإلى احتضان فعلي وصادق للنازحين الهاربين من جحيم الحديد والنار وصواريخ الطائرات، وقد خسروا كلّ شيء بنوه على مدى عقود، وفقدوا أبناءهم وتيتّمت أطفالهم وتفرّق شمل عائلاتهم في عملية “شتات” للبنانيين شملت الداخل اللبناني ووصلت الى العراق وسورية ودول عربية أخرى؟
هذا الشعب الأبي النازح من قريته وبيته وأملاكه والذي منّ عليه الله بالخير الوفير وهو المشهود له بالشهامة والشجاعة والكرم والعطاء، والتي تبقى أبواب بيوته مفتوحة ليلاً ونهاراً… لا يريد التعاطي معه في ظروفه الاستثنائية بكلام معسول ظاهره جميل وباطنه استغلال وكذب ونفاق واحتضان زائف.
لن أزيد وأتوسّع… ولا أريد الادّعاء بكشف المستور لأنّ الجميع يعرف تماماً عن ماذا أتحدّث وبأيّ اتجاه أرمي السهام وأوجّه بوصلة الاتهام. بصراحة إلى كلّ من يستغلّ النازحين إنْ لجهة إيجار البيوت المبالَغ فيه في أيّ منطقة، أو للذين يرفعون الأسعار لجني مزيد من الأرباح .
أيُّ احتضان هذا وإيجارات البيوت تتجاوز الألف دولار مع الدفع مقدّماً لأشهر، ودفع تأمين على الأثاث إذا كان البيت “مفروشاً” حيث يُسجّل ويصوّر “العفش”.
فهل يقارَن بين مَن يقدّم الدم والشهادة وبين أثاث منزل؟ فعلاً هزُلت وهذا معيبٌ جداً.
نعم، ستنتهي الحرب وسيعود النازحون إلى قراهم وبيوتهم وأملاكهم وحقولهم و… ولو بعد حين ومهما طال الزمن أم قصر.
الرحمه للشهداء والشفاء للجرحى والعودة القريبة للنازحين، والعار كلّ العار لكلّ من استغلّ وخذل شريكه في الوطن أيّا كان وفي أيّ منطقة…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى