مقالات وآراء

شهيدنا الأسمى… الملهِم بالنصر

‭}‬ منجد شريف

لم يكن اغتيال الأمين العام لحزب الله شهيدنا الأسمى السيد حسن نصر الله أمراً مستغرباً على بيئته الحاضنة وجمهوره من مختلف الطوائف في لبنان، وعند كلّ الأحرار والثوار في العالم، فشهيدنا الأسمى كان موقناً بهذه الخاتمة منذ توليه الأمانة العامة خلفاً للسيد الشهيد عباس الموسوي ومتمنّياً لها على ما جاء عنه وفي مختلف مقابلاته التلفزيونية، وهذا دأب الأحرار في كلّ قضاياهم السامية والمحقة في الدفاع عن أوطانهم وكلّ المظلومين على وجه الأرض، فإما النصر أو الاستشهاد في سبيل الله وإعلاء راية الحق ورفع المظلومية بوجه الطغاة الجبابرة الذين يتجسّدون اليوم بالعدو الصهيوني.
استشهد السيد حسن نصر الله وليست المرة الأولى التي تمر بها المقاومة بهذا التحدي، فقد سبق ذلك استشهاد الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية وغيرهم من الأسماء الكبيرة والحساسة والبارزة والتي أعطت الثقل في معركة الكرامة والشرف والحرية، معركة الدفاع عن الأمة والمظلومين وكلّ المقدسات، لكن بقيت الفكرة واستمرت… وكان لافتاً عند كلّ اغتيال للقادة يزداد العزم والقوة والثبات والإيمان لإكمال الطريق والنهج.
استشهد السيد حسن نصر الله وهو الاسم الكبير الذي طبع مرحلة طويلة وحساسة من تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، وتجاوز تأثيره حدود الزمان والمكان وصار قائداً ملهِماً لكلّ الحركات المقاومة، وأصبح الرمز والأيقونة، مما جعل حياته هدفاً يتربّص بها العدو ويتحيّن اللحظة ليل نهار حتى ينال منه، اعتقاداً منه أنه بذلك يطفئ جذوة المقاومة في روح الجماهير الغفيرة، بعدما ارتبط النصر وصورة شهيدنا الأسمى وجدانياً في مخيّلتهم، عنواناً للعزة والكرامة والإباء، وجاء طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول، فهل من المعقول أن تقف المقاومة في لبنان موقف المتفرّج فيما أمينها العام يتوعّد العدو ليل نهار لمنازلتهم ذوْداً عن المظلومين والمستضعفين؟!!
كان الانخراط بجبهة الإسناد أمراً واجباً في إيديولوجية الحزب القائمة على فكرة تحرير القدس متجاوزة الحدود الاستعمارية المصطنعة، والمفصّلة على مقاس الاستفراد بالدول العربية، كل على حدة، لضمان ثبات الاحتلال والتفوق النوعي بالعدة والتكنولوجيا وكلّ أسباب الدعم المطلق، من أجل ضمان المصالح الاستعمارية القديمة والجديدة بحراب جيش العدو الإسرائيلي، فكان حرياً بمن حمل لواء المقاومة أن يساند غزة جراء الإبادة الجماعية التي تعرّضت لها دون أن تمسّ تلك المجازر وجدان الأنظمة العربية والغربية على حدّ سواء ولم توجه كلمة لوم على آلة القتل العشوائية التي ما انفكت تقتل وتدمّر وتسحق كلّ من كان بوجهها، بينما المقاومون يقارعون بصدورهم وباللحم الحي ذلك العدوان الغاشم متكلين على الله وبسالتهم وشجاعتهم وما تقدّمه لهم جبهة الإسناد الوحيدة من دعم نفسي ومعنوي، وبأنهم ليسوا وحدهم في الميدان، فاستدارت بوصلة العدو إلى جبهة الشمال بعد أن حققت خرقاً أمنياً بالبيجر والتوكي ووكي والاغتيالات الغادرة، وأبرزها اغتيال الأمين العام شهيدنا الأسمى السيد حسن نصر الله، على أمل أن تقضي على الروح في جسد المقاومة، وسها عن بالهم أنّ تلك الروح قد تغلغلت في نفس كلّ الجماهير وأصبح كلّ واحد منهم فيه الكثير من حسن نصرالله، وهذا ما يحتم النصر، فمهمها تفوّق العدو بسلاح الجو والتكنولوجيا، فهذا لا يمثل شيئاً على أرض الواقع وفي المواجهة، وهذا ما ستثبته الأيام المقبلة، قد يدمّرون ويقتلون الأبرياء ويضرّون بكلّ ما يحلو لهم، لكنهم لن يلووا ذراع المقاومة في المواجهة وفي الاستبسال للنصر ومنع العدو من تحقيق أهدافه من تلك الحرب فضلاً عن الثأر لشهيدنا الأسمى.
استشهد السيد حسن نصر الله وهو في الواقع حي لا يموت في وجدان كلّ حر أبي، لا سيما عند جمهوره الكبير المترامي والعابر للطوائف والحدود وكلّ العالم، استشهد لكن الفكرة لم تمت وقد تربى عليها أجيال وسيحملونها وسيواصلون الدرب حتى النصر ومهما طال الزمان وعظمت التضحيات. استشهد السيد، وقد حان الوقت ليستريح ويسلّم الراية بعد أن خدم تلك القضية الكبيرة لفترة طويلة، وحقه أن ينال الاستشهاد كأرفع وسام حسيني، وكي يتساوى بمن سبقوه وجادوا بأرواحهم في سبيل إعلاء راية ألحق والعدل والنصر، وكي يكون منارة للأجيال القادمة، استشهد شهيدنا الأسمى وما زال ملهماً بالنصر، استشهد والشهيد يحيا في يوم استشهاده…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى