أولى

الهدهد أحد أسلحة المقاومة

نجحت المقاومة بجعل رسائل الفيديو التي تقوم بنشرها في سياق الحرب الإعلامية المرافقة لمواجهتها الباسلة في الميدان جزءاً من الحرب العسكرية والسياسية، خلافاً لما قد يعتقده ويقوله البعض على قاعدة أن المقاومة ليست بحاجة لشرعنة استهدافاتها بعدما بلغ العدوان عليها وعلى لبنان وعلى بيئتها مرحلة استباحة كل شيء، لأن قضية المقاومة ليست فقط شرعنة ضرباتها بل توظيف مدروس لهذه الضربات في صناعة معادلات تحقق لها النصر، الذي يترجمه خلق اليأس من جدوى استمرار الحرب، والذهاب بالتالي إلى اتفاق مع المقاومة في غزة كطريق لإنهاء كل حروب جبهات الإسناد.
تنجح المقاومة مع توالي ضرباتها على الأهداف التي تعرضها مسبقاً في تسجيلات الهدهد بتعزيز مصداقية الفعل العسكري، باعتبار نشر التسجيلات إنذاراً مسبقاً بالاستهداف، والاستهداف ترجمة لهذا الإنذار، وتناغم الفعل والإنذار، له وظيفة هي خلق قناعة لدى الرأي العام في الكيان بأن هذه المقاومة قادرة ولا تهاب ترجمة تهديداتها، ولا يستطيع جيش الاحتلال رغم معرفته المسبقة بأن الضربات آتية بتفاديها، وهذا عمل سياسي وليس مجرد حرب نفسيّة وإعلاميّة.
لا تخوض المقاومة حربها على طريقة الثأر القبلي، بل هي تخوض حرباً حديثة وفق أعلى معايير العلم والدراسة والدقة، وجوهر الحروب ليس كم تقتل وكم تدمّر لدى عدوك، وها هو جيش الاحتلال وقد قتل ودمّر في غزة ما لا يتصور عقل حدوثه في حرب على مساحة بهذا الحجم وفي زمن بهذا الضيق، لكن كل ذلك لم يجعل الاحتلال أقرب إلى النصر، فهو أجاد الانتقام من الشعب الفلسطيني ومقاومته، كما يجيد الانتقام من الشعب اللبناني ومقاومته، لكنه أبعد ما يكون عن النصر.
المقاومة تعتبر أعلى مراتب الانتقام لقادتها وشعبها وتضحياتها وتضحيات غزة وفلسطين ومقاومة الشعب الفلسطيني، هو في إنهاء هذه الحرب بنصر واضح، يفشل قدرة كيان الاحتلال على تحقيق أي من أهداف حربه، وتخرج منه مقاومات المنطقة أشد قوة وحضوراً.
هدهد إحدى أدوات المقاومة لصناعة النصر، لأنه أحد أسلحة الحرب السياسية في إنتاج صورة ومناخ لدى المستوطنين يندفع نحو اليأس من مواصلة الحرب، انطلاقاً من القناعة بأن الاحتلال يواجه مقاومة مقتدرة تقول وتفعل، وتملك أدوات فعل كل ما تقول، ولا قوة يمكنها منعها من ذلك. وعبر هذه الخلاصة دفع الرأي العام في الكيان ليشكل قوة تأثير سياسية بهذا الاتجاه، وهذا ما ينجح الهدهد في تحقيقه كل مرة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى