دعم النازحين واجب…
علي بدر الدين
في الأزمات الكبرى الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وفي الحروب، كالحرب «الإسرائيلية» على لبنان التي بدأها العدو «الإسرائيلي» منذ الثامن من تشرين الأول عام 2023، ولا تزال مستمرة بوحشية وهمجية على المدنيين الأبرياء في المدن والقرى والبيوت وكلّ مكان، وعلى المؤسّسات والمراكز والطواقم الطبية.
الصواريخ الغادرة القاتلة والمدمّرة التي تطلقها الطائرات الحربية المعادية لا تميّز بين منطقة ومنطقة، ولا بين حيٍّ وحي أو شارع وشارع أو بين بيت وبيت أو بين مدني وآخر، أو بين غنيٍّ وفقير أو بين شخص وشخص إلى أيّ طائفة أو بيئة أو مجموعة انتمى. تداعيات الحرب «الإسرائيلية» وخطرها سيطال الجميع ولن يستثني أحداً لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد، وحتماً «سيؤكَل الثور الأسود بعدما يؤكل الثور الأبيض».
ما أودّ قوله أنه في الحرب «الإسرائيلية» على لبنان التي تقتل وتدمِّر وتهجِّر ،أحوج ما يكون إليه الشعب اللبناني المُستهدَف بجميع مكوناته هو الدعم والمساعدة والمساندة، وجرعات زائدة من الوطنية والرحمة والرأفة والإنسانية، والإلتصاق أكثر بضعفاء الناس الذين غدر بهم الزمان سلماً، وها هو العدو «الإسرائيلي» يغدر بهم حرباً، وهُم أساساً يُعانون اقتصادياً ومادياً ومعيشياً.
النازحون تركوا قراهم وبيوتهم العامرة بالحب والدفء والأمان تحت ضغط العدوان، ورغم القلّة ربما والفقر كانوا «سعداء» تحت سقوفها التي تأويهم وتجمع شملهم حتى لو كانت من «طين وقش»، عكس ما يعانيه النازحون الطيّبون الكرماء الضعفاء الذين «يتكدّسون» (آسف لهذا التعبير) في المدارس الرسمية المنسيّة والمهترئ بعضها بفضل الإهمال الرسمي المزمن المتراكم، ومُنعوا من الدخول إلى المدارس الخاصة «النظيفة والأنيقة» التي قد تكون الإقامة المؤقتة فيها مريحة أكثر.
إنّ مدارس أو مراكز ما يُسمّى بالإيواء لا تصلح حتى للتعليم، فكيف سيشعر فيها المواطن النازح بالأمن والأمان والسلام وقد باتت تُرشَق بالشائعات والإساءات وكأنّ الذين لجأوا إليها ليسوا من مواطني الدرجة الأولى، إضافة إلى ما استجدّ من تحذير المنظمات الصحية والإنسانية الدولية من تفشّي الأوبئة والأمراض بين الأطفال لإنعدام وجود المياه والكهرباء والنظافة العامة والخاصة وسوء التغذية.
ما أريد قوله أيضاً، هو دعوة صادقة وتمنّ على المقتدرين والأثرياء والأغنياء والذين منَّ عليهم الله بالنِعَم والخير وأجزل العطاء أن يعطوا ولو القليل مما أعطاهم الله، وأعرف تماماً أنّ معظمهم يقوم بواجباته ويتحمّل مسؤوليته تجاه أهله وأقربائه وجيرانه وأبناء بلدته والجوار، وهم يفعلون ذلك في الحرب كما في السلم . غير أنّ البعض من المتموّلين وكبار التجار وأصحاب العقارات يعطي كلاماً معسولاً ووعوداً فضفاضة، كأن يقول لصاحب حاجة في مثل هذه الظروف الصعبة والقاسية «أنا في خدمتك، ما تستحي منّي بس بدّك شي، اتصل بمرافقي أو زلمتي متى تشاء، وأنا حدّك على طول»، هذا كلام منمَّق وهروب من الدعم والمساعدة والمؤزارة، وهذا غير مقبول ولا يجوز، لأنّ المطلوب أن تقدّم وليكن العطاء بسخاء وشجاعة من دون سؤال وإحراج أو منّة أو «تربيج جميلة»، وهذا واجب عليك قبل كلّ شيء،
والنازح هو إنسان لبناني ومن حقٍّه أن يعيش في وطنه كريماً ومحترماً، وقد غدرت به الأيام وأفقرته وجوّعته الطبقات السياسية والمالية الحاكمة والمتحكمة وسرقت أمواله الخاصة كما سرقت الأموال العامة. «اللهم اشهد أنّي بلّغت».