الأولوية لوقف النار لا للرئاسة والتفاوض
انضمت القمة الروحية إلى النداء الذي وجهه لقاء عين التينة الذي ضم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والأستاذ وليد جنبلاط وأيّده حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والذي يدعو إلى أولوية وقف إطلاق النار على أي استحقاق آخر، سواء انتخاب رئيس للجمهورية أو بدء التفاوض حول ترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار تحت شعار تطبيق القرار 1701.
جاء الأميركي متأخراً، وقد تم ترتيب البيت اللبناني على أجندة وطنية تبدأ من أولوية وقف إطلاق النار ولا تقبل انتخاب رئيس تحت نار العدوان. واللبنانيون يدركون ومنهم من لم يكن يؤيد حزب الله بفتح جبهة الإسناد أن مجيء حزب الله إلى أولوية وقف إطلاق النار دون أن يربط ذلك بغزة هو ملاقاة لهم في منتصف الطريق لا يريدون تضييعها، وهم يعلمون أن الأميركي لن يفرض شيئاً على كيان الاحتلال إما لأنه عاجز أو لأنه لا يريد. وفي الحالين لن تصدّ الإسرائيلي الا قوةُ المقاومة، وطالما أنها تحت سقف أولوية وقف النار فهذا سقف وطني جامع لن يفرّط به أحد.
عملياً يحاول الأميركي تكرار تجربته عام 1982 عندما تمّ اجتياح لبنان وجاءت القوات الأميركية وتم توقيع اتفاق 17 أيار في ظل رئيس انتخب تحت نيران العدوان والاحتلال، لكنه لم ينتبه إلى أمرين، الأول أنّه يومها لم ينجح بفرض استمرار إنجازاته لأكثر من عام، وانهار بعدها كل شيء بما في ذلك الاحتلال نفسه، والثاني أن ما تغيّر في حال لبنان تغيّر في غير صالح الاحتلال وفي غير صالح ما تسعى إليه واشنطن، وأن انفلات آلة التوحش على لبنان على الطريقة التي تمّت في غزة بحماية ورعاية من واشنطن يقابلها توازن ناري تفرضه المقاومة لن تتردّد باستخدام أقصى ما لديها إذا سلكت الأمور هذا السبيل.
عندما يقول وزير حرب الكيان يوآف غالانت إن لا وقف إطلاق نار ثم تفاوض بل إن التفاوض سيجري تحت النار، فهذا يعني أن هناك ثمناً أكبر من ترتيبات حدودية يريدها الكيان، وإن الثمن سياسي وأمني يقتطع له جزءاً من السيادة اللبنانية، وأن قدر اللبنانيين وقد توحّدوا تحت شعار أولوية وقف إطلاق النار، فإن قدرهم أيضاً أن يحفظوا سيادتهم وأن لا يفرّطوا بها وأمامهم مقاومة تكتب ملاحم البطولة.