مانشيت

المقاومة تلاقي الاجتياح البري على محور القوزح راميا بملحمة و100 إصابة / غالانت يكشف خطة الحرب: أي مفاوضات على جبهة لبنان ستتم تحت إطلاق النار / القمة الروحيّة: الأولوية لوقف إطلاق النار… وواشنطن لانتخاب الرئيس أولاً /

كتب المحرّر السياسيّ

أكملت القمة الروحية التي عقدت في بكركي وحضرها رؤساء الطوائف في لبنان العقد الوطني حول أولوية وقف إطلاق النار على أي بحث بكيفية تطبيق القرار 1701 أو انتخاب رئيس للجمهورية، بعدما كان نداء عين التينة الذي صدر عن لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأيّده كل من نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وظهرت الدعوة الأميركية لانتخاب رئيس للجمهورية تحت نيران العدوان بلا صدًى محلي، حيث كان لقاء معراب صدمة سياسية تكشف عزلة الذين تنطّحوا للاستثمار السياسي في العدوان بمحاولة وضع الشروط الأميركية الإسرائيلية على الطاولة أمام المقاومة فبقوا وحدهم.
على ضفة موازية خرج وزير حرب الكيان يوآف غالانت بحديث يكشف خطة الحرب قائلاً إن لا تفاوض بعد وقف إطلاق النار كما يقترح نداء عين التينة الذي لقي دعماً عربياً ودولياً بقيت أميركا وحدها خارجه، رغم ادعاء تأييد وقف إطلاق النار، وقال غالانت إن التفاوض سيجري مع لبنان تحت النار، وبذلك صارت الكلمة الوحيدة التي يمكن التعويل عليها هي ما سيقوله الميدان.
في الميدان كان قادة الكيان على أهبة تبادل التهاني بالإنجاز الذي حققته قوات الاحتلال في إحداث اختراق بري على جبهة عيتا الشعب راميا القوزح، حتى جاءتهم الأنباء السيئة عن مقتلة تعرّض لها جنود الاحتلال في مثلث التقدم أدت إلى مقتل وجرح قرابة المئة من الجنود والضباط، عندما وقعت سرية كاملة في كمين نوعيّ مركب ومعقد نصبته المقاومة، واستهدفت خلاله المشاة والآليات، وبقيت طوافات جيش الاحتلال تنقل القتلى والجرحى لساعات من مكان الاستهداف، حيث تحدثت وسائل الإعلام في الكيان عن عشر طوافات نقلت قتلى وجرحى، وتحدثت أخرى عن عشرة قتلى وأكثر من سبعين جريحاً، وقال بعض ثالث إن عدداً من الإصابات لا يزال في أرض المعركة، بينما كانت صواريخ المقاومة تتوزّع في عمق الكيان وخصوصاً مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ومرابض المدفعية وثكنات تجميع قوات الاحتلال، ووسائل التواصل الاجتماعي العبرية تتداول بكثافة تسجيلاً للإعلام الحربي عنوانه سنجعل حيفا مثل كريات شمونة.

وفيما الغارات لم ترحم قرى الجنوب والبقاع، تعرّضت مدينة النبطية لأعنف الغارات التي أدّت إلى تدمير مبنى البلدية واستشهاد رئيسها أحمد كحيل وبعض الأعضاء بالإضافة إلى مسؤول الإعلام محمد بيطار والموظف محمد زهري لكونهم داخل المبنى. كما تعرّضت سرايا النبطية الحكومية لعدوان إسرائيلي، حيث استهدف طيران العدو مدخلها الشرقي بغارة دمّرت معظم المكاتب الشرقية فيها وألحقت أضراراً بعشرات السيارات المركونة بجوارها. وأفادت وزارة الصحة عن سقوط 6 شهداء و43 جريحاً في مجزرة النبطية فيما أعمال البحث عن مفقودين مستمرة.
وأدان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العدوان الإسرائيلي الجديد على المدنيين في مدينة النبطية والذي استهدف قصداً اجتماعاً للمجلس البلدي للبحث في وضع المدينة الخدميّ والإغاثي. وقال: «إن هذا العدوان الجديد، معطوفاً على كل الجرائم التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في حق المدنيين، هو برسم العالم الساكت عمداً على جرائم الاحتلال، مما يشجعه على التمادي في غيّه وجرائمه». أضاف: «إذا كانت كل دول العالم عاجزة عن ردع عدوان موصوف على الشعب اللبناني، فهل ينفع بعد اللجوء إلى مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار؟ وما الذي يمكن أن يردع العدو عن جرائمه التي وصلت إلى حدّ استهداف قوات حفظ السلام في الجنوب؟ وأي حلّ يرتجى في ظل هذا الواقع؟».
وقالت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة جينين هينيس – بلاسخارت إنه يتعيّن «حماية المدنيين في جميع الأوقات». وأفادت في بيان تعليقاً على الهجوم على النبطية بأن «انتهاكات القانون الإنساني الدولي غير مقبولة على الإطلاق». وأضافت «تتعين حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في الأوقات كافة»، معتبرة أنه «حان الوقت لأن توقف الأطراف المعنية كافة إطلاق النار فوراً وتفتح الباب أمام الحلول الديبلوماسية».
وكان جيش العدو الإسرائيلي خرق اليوم الخامس من الهدوء الحذر الذي سيطر على الضاحية، باستهداف مبنى في حارة حريك صباحاً. وفي هذا السياق، زعمت إذاعة جيش العدو أن هدف الهجوم على الضاحية كان بنية عسكرية لـ حزب الله.
وأمس، هدّد العدو الإسرائيلي نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن «يومه سيأتي». وقال رئيس الكيان الإسرائيليّ إسحاق هرتسوغ في معرض تعليقه على خطاب الشيخ قاسم الأخير «لقد سمعتُ خطابه، إنّه مخطئ تمامًا مثل أسلافه، وأولئك الذين سبقوه». اعتبر هرتسوغ، بحسب ما أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أن نائب الأمين العام «ليس مخطئًا فحسب، بل أعتقد أن يومه سيأتي أيضًا».
في المقابل، أعلن حزب الله في سلسلة بيانات استهداف صفد ومستوطنة يفتاح ومرابض مدفعيّة ‌‏الجيش الإسرائيلي في دلتون وديشون بصلية صاروخية. كما استهدف «تجمّعاً لجنود العدو الإسرائيلي على تل القبع في مركبا بقذائف المدفعية ومستعمرة كرمئيل بصلية صاروخيّة كبيرة»، واستهدف دبابة ميركافا في محيط بلدة راميا بصاروخ موجّه وأوقع طاقمها بين قتيل وجريح. واستهدف‌ «‌تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي في مسكفعام بقذائف المدفعية». وأعلن حزب الله في بيانٍ أن مقاتليه يخوضون اشتباكاتٍ في بلدة القوزح في جنوب لبنان من النقطة الصفر بمختلف أنواع الأسلحة الرشاشة. وأكدّ البيان أن الاشتباكات «أدّت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف قوات العدو».
وأكد وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم، أن «لبنان يحترم القرارات الدولية، ومن المنطق أن يتحدث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذه الدبلوماسية». وقال بيرم «ما من ضمانات تؤكد أن الإسرائيلي سيلتزم بوقف إطلاق النار»، مشدداً على «ألا جهة تمنع انتشار الجيش اللبناني على أي نقطة في الأراضي اللبنانية».
وسأل: «هل أصبحت القوى الرسمية العسكرية جاهزة لردع العدوان الاسرائيلي؟ هل القرار 1701 يدافع عن الشعب اللبناني؟»، مشيراً إلى أن «القوات الدولية لا تستطيع الدفاع عن نفسها».
وأعلنت «اليونيفيل»، في بيان، أنه «رصد جنود حفظ السلام المتمركزون في موقع بالقرب من كفركلا، دبابة ميركافا تابعة للجيش الإسرائيلي تطلق النار على برج المراقبة الخاص بهم، وقد تمّ تدمير كاميرتين، وتضرر البرج. ومرة أخرى، نرى إطلاق نار مباشراً ومتعمّداً على ما يبدو على موقع تابع لليونيفيل».
وبينما أعلنت الخارجية الفرنسية ان الدول الأوروبية ستبقى ملتزمة باليونيفيل في لبنان، تمّ تقديم شكوى جديدة الى مجلس الأمن بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان خلال الفترة من 3 ولغاية 14 تشرين الأول 2024. وأدان لبنان استمرار «إسرائيل» في خرقها لسيادته بحراً وبراً وجواً، واستهدافها مراكز الجيش اللبناني، وهيئات الإسعاف والإغاثة، والمدنيين غير المشاركين في الأعمال الحربية بقصف عشوائي للمدن والقرى، على غرار ما حصل في بلدة أيطو ومنطقتي النويري ورأس النبع وغيرها من المناطق، حيث سقط مئات الشهداء والجرحى من المدنيين. إضافة الى استهدافها محطات نقل المياه، ومعبر المصنع الحدودي، وشنّها غارات على محيط قلعة بعلبك المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، وعلى سوق النبطية التاريخي. كما أدان لبنان انتهاج «إسرائيل» سياسة التصفية والاغتيالات الممنهجة عبر الغارات الجوية المباغتة في المدن والقرى والأحياء المأهولة بالسكان، دون أي اكتراث بحياة المدنيين.
وبينما أكدت السعودية ومصر، في بيان مشترك، «أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته والعمل على وقف فوري لإطلاق النار في لبنان مع التأكيد على ضرورة احترام سيادة لبنان وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه. أشار وزير الحرب الإسرائيليّ يوآف غالانت خلال تقييم الوضع على الجبهة الشماليّة إلى أنّ «أي مفاوضات لإنهاء القتال في لبنان يجب أنّ تتمّ تحت عنوان وقف إطلاق النار».
ادعت وزارة الخارجية الأميركية، أن «لا علم لنا بأسباب تفجير القوات الإسرائيلية قرية بأكملها في جنوب لبنان».
وزعمت أن «من حق «إسرائيل» استهداف حزب الله وبنيته التحتية، لكن عليها تجنب الإضرار بالممتلكات المدنية»، مضيفة «واشنطن على تواصل مع «إسرائيل» بشأن ضربتها على قرية في لبنان». وأشار البيت الأبيض، إلى أننا «أبلغنا «إسرائيل» مباشرة معارضتنا أي حملة من الضربات شبه اليومية على المناطق المكتظة بالسكان في بيروت»، لافتاً إلى أننا «كنا واضحين بأننا سنستمر في إجراء المحادثات الدبلوماسية مع الإسرائيليين لإنهاء التوتر مع حزب الله».
وعلى مستوى الاتصالات السياسية المحلية تنقل أمس، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بين عين التينة والسراي، وأعلن من عين التينة قبوله «حواراً داخلياً، ووقفاً لإطلاق النار على قاعدة القرار 1701 وتسليم الجيش الأمن في الجنوب اللبناني». وتمنّى على «الدول وبالتحديد فرنسا والدول الكبرى والولايات المتحدة الأميركية المساعدة العملية والفعالة للجيش اللبناني، كي يستطيع القيام بالمهمة الموكلة إليه بشكل معزّز ومكرّم».
ورداً على سؤال قال جنبلاط: «علينا أن ننتظر اعتداءات إسرائيلية في كل مكان، ولا أعتقد أن هناك مناطق آمنة في لبنان، وحتى في قسم من العاصمة بيروت، وحده وقف إطلاق النار بمساعدة الدول الكبرى يوصلنا إلى انتخاب رئيس وإلى الابتداء بالكلام بعيداً عن الخراب والدماء والدمار». واصفاً كلام وزير الحرب الإسرائيلي عن إجبار لبنان على التفاوض تحت النار بأنه «منطق خاطئ» متسائلاً «كيف نتفاوض ومَن سيتفاوض مع الدولة اللبنانية والاعتداء مستمرّ على كل الشعب اللبناني؟ هذا اختراع جديد في السياسة الدولية».
ودّون جنبلاط ملاحظاته، وأودعها رئيس المجلس، وختم بـ «الاتكال على الله».
خلال لقائه مع ميقاتي ركّز جنبلاط «على نقطة واحدة وأساسية، وهي العودة إلى اتفاق الطائف»، التي «تخرجنا من كل هذا السجال العقيم أحياناً بشأن القرارين 1559 أو 1680». وأشار إلى أن «وثيقة الطائف واضحة جداً، وتقول ببسط سيادة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، وأتمنى أن نعود إليها ونتمسك بها، وهي أيضاً تشتمل في ما تشتمل على تأكيد اتفاق الهدنة الذي وضع بين دولة لبنان ودولة «إسرائيل» عام 1949 والهدنة هي حرب معلنة، مع وقف التنفيذ».
ومن السراي أيضاً برز موقف لافت للسفير الفرنسي في لبنان، هيرفيه ماغرو، الذي قال رداً على سؤال حول الأوضاع الراهنة في لبنان «ما يحصل غير مقبول، ونحن نستمر بطلب وقف لإطلاق النار، وبعد جهودنا في نيويورك نودّ التذكير بأن فكرة وقف إطلاق النار لم تمت وسنستمر بالعمل عليها». ووجّه ماغرو دعوة رسمية لرئيس الحكومة للمشاركة في مؤتمر باريس من أجل لبنان، الذي سيعقد في 24 تشرين الحالي، و»الذي سنبحث فيه الأوضاع التي يعيشها لبنان حالياً، وضرورة أن تساند المجموعة الدولية الجهود الإنسانيّة لدعم لبنان، والمراحل المقبلة وكيف يمكننا المساعدة في تقوية الدولة اللبنانية من خلال القوات المسلحة اللبنانية»، ورأى أن «المؤتمر سيكون مهماً وسيرأسه رئيس الجمهورية الفرنسيّة، ويشارك فيه العديد من الدول لدعم لبنان في هذه الأوضاع الصعبة جداً».
وأمس، استضافت بكركي قمة روحية شارك فيها ممثلون عن كل الطوائف. ففي بيانها الختامي، أكدت القمة الروحية المسيحيّة الإسلاميّة على ضرورة «الشروع فورًا بتطبيق القرار 1701 كاملًا وعلى الحكومة الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة مع مجلس النواب والسعي إلى حشد الدعم العربي». وأشارت إلى أن «البحث جرى في العدوان الهمجي الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي غير مكترث بالأمم المتحدة والقرارات الدولية إذ إنّه يُمعن بالإبادة الجماعية». ودعت مجلس الأمن الدولي «للاجتماع فوراً ومن دون أي تلكؤ لوقف إطلاق النار ووقف المجزرة الإنسانيّة بحق لبنان»، وشدّدت على وجوب «إعادة تكوين المؤسسات الدستورية وقيام مجلس النواب بانتخاب رئيس للجمهورية يحظى بثقة اللبنانيين».
وكانت قمة بكركي شهدت سجالاً بين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب والمطرن الياس عودة الذي دعا إلى اعتبار موقف قبلان رأياً خاصاً، وقال «نحن يهمنا الوطن ولنذهب إلى المجلس لانتخاب رئيس بدلاً من التلهي بمصطلحات من هنا وهناك»، في حين أن الشيخ قبلان أكد ضرورة الإشارة في البيان الى الرئيس التوافقي بعدما طلب أن يأتي البيان على ذكر الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي وعلى رأسهم السيد حسن نصرالله وإثر ذلك تدخل شيخ العقل الشيخ سامي أبي المنى الذي حاول الالتفاف على ما طرحه عودة وطرح عبارة رئيس بأكبر قدر من التفاهم والتوافق والتي كانت وردت في كلمته، علماً أن اللقاء وصف الذين سقطوا من جراء الاعتداءات الإسرائيلية بـ «شهداء الوطن الذين ضحّوا بحياتهم دفاعاً عن لبنان».
واستقبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، حيث جرى عرض لتطورات الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية وشؤون تشريعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى