تقدير موقف
ناصر قنديل
– بدأ جيش الاحتلال يوم 30-9 عملية برية وصفها بـ المحدودة في جنوب لبنان، بعدما حشد ست فرق عسكرية هي عملياً كل جيش الاحتلال، مع بقاء أقل من فرقة واحدة في قطاع غزة، ولواء في الضفة الغربية يعاونه جهاز الشاباك وحرس الحدود، ثم سحب منها فرقتين وأبقى أربع فرق عندما ظهرت متاعب تحقيق التقدم السريع في الجبهة وهي 98 و36 و91 والفرقة 146. وبدا أن المقاومة تستعيد السيطرة على غزة، ومع مرور أسبوعين في 14-10 عاد إلى استقدام فرقة خامسة هي الفرقة 210، بما بدا إعلاناً عن بدء التقدم البري النوعي. وتوزّعت الفرق الخمس على خمسة خطوط تقدُّم، الأولى في منطقة الناقورة امتداداً الى جبهة عيتا الشعب (الفرقة 146)، والثانية على جبهة مارون الراس (الفرقة 36)، والثالثة على جبهة العديسة (الفرقة 91)، والرابعة على جبهة كفركلا (الفرقة 98)، والخامسة على جبهة مزارع شبعا (الفرقة 210).
– خلال الأسبوعين الأولين من العملية البرية أصيبت وحدة ايغوز كوحدة نخبة النخبة في لواء جولاني الذي يكون لواء النخبة في الفرقة 36، بخسائر كبيرة جراء محاولات التقدم على محاور بليدا ومارون الراس ويارون ونتج عنها خلال الأسبوع الأول سقوط 25 قتيلاً و135 جريحاً، ليشهد الأسبوع الثاني توجيه ضربة قاتلة للواء جولاني عبر استهداف طائرة مسيرة لقاعدة بنيامينا انتهت إلى مقتل أربعة وإصابة 67 بجراح، فتصبح الفرقة 36 بطة عرجاء في الهجوم، والحاجة للاعتماد على الفرقة 146 لخوض رأس الرمح في التقدّم، وتشكيل الفرقة 36 لميمنة الهجوم، على محاور ميس الجبل ورب الثلاثين وصولاً إلى محيبيب.
– خلال ليل 15/16-10 بدأت العملية البرية التي لا يمكن وصفها بالمحدودة، وقد حُشدت لها خمس فرق، أي ما يقارب 75 ألف جندي وضابط وأكثر من 200 دبابة، و500 ناقلة جند، ما يقارب عديد القوات التي نفّذت اجتياح العام 1982، لكن التصريح بمحدوديّة العملية هو نوع من التحسّب الاستباقيّ للفشل، بما في ذلك تقديم تفسير للمحدوديّة بما ورد في ورقة ضباط جيش الاحتلال حول شروط وقف النار وما تضمّنته من السيطرة على شريط بعمق ثلاثة كيلومترات، تحت شعار التحقق من عدم وجود فتحات أنفاق تتيح التسلل إلى عمق الأراضي المحتلة، لأن الحشود والوظيفة الاستراتيجية للعملية البرية يكفيان للقول إن هدف الحد الأدنى هو احتلال كل منطقة جنوب الليطاني.
– التقدّم الذي نجح جيش الاحتلال بتحقيقه يتراوح بين 500 م و1500م، وتشكل جبهة راميا – القوزح عيتا الشعب محور القتال الرئيسيّ، حيث تقع راميا ومثلها عيتا الشعب على الحدود مباشرة، وفي معركة تدور على مساحة 20 كلم مربع، عرضها 10 كلم وعمقها 2 كلم، دارت معارك ضارية لأربع وعشرين ساعة، شهدت أكثر من ثلاثمئة غارة طيران وألفي قذيفة مدفعية، والحصيلة هي كما أوردتها وسائل إعلام الاحتلال، عشر مروحيّات تُخلي 45 إصابة من ميادين الحرب في الجبهة الأمامية إلى مستشفيات شمال فلسطين المحتلة، وخصوصاً حيفا. وتداولت وسائل إعلام الكيان معلومات عن كمين مركّب أعدّته المقاومة واستدرجت إليه سرّية كاملة من جيش الاحتلال واجهت مطحنة نارية.
– نحن أمام أيّام قتالية، هذه المرّة تخوضها المقاومة بوجه جيش الاحتلال، قد تمتدّ لأسبوع استنزاف في قتال تأخيريّ لتقدّم جيش الاحتلال، وقيادته إلى منطقة القتل الكبرى التي تكون المقاومة قد أعدّتها أسوة بما جرى في وادي الحجير في حرب تموز 2006، وما ظهر خلال سبعة عشر يوماً من القتال يقول إن المقاومة قد أعدّت إعداداً استثنائياً لهذه المنازلة القتالية، وأنها تسطّر خلالها ملاحم سيتم تدريسها في كليّات الحرب، لكن المقتلة الكبرى سوف تفوق التصوّر والخيال.