هل هذه تسمّى فرصة ذهبية؟
بعيداً عن التفاؤل بروح وطنية يفتقدها بعض اللبنانيين أو روح عربية يفتقدها بعض العرب، ويشمتون بقتل قادة المقاومة وفلسطين، يجب التساؤل بصورة واقعيّة عما يصفه هؤلاء بالفرصة الذهبية لما يسمّونه التخلص من مشروع تخريبيّ للاستقرار في المنطقة يقولون إن قوى المقاومة وإيران هي مَن يمثله ويشكل أداته.
لو سلّمنا برغبة هؤلاء لأسباب تتصل بالحقد والجهل والارتزاق والتفاهة، في رؤية المنطقة بدون قوى المقاومة ورؤية إيران ضعيفة، فالسؤال هو إلى أي صورة للمنطقة نذهب؟
الصورة هي ببساطة ليست صورة المستعمر الفرنسي والبريطاني في مطلع القرن الماضي، ولا صورة المحتل الأميركي في العراق مطلع القرن الحالي، رغم كل بشاعة هاتين الصورتين ووحشيّتهما، لأن القوة التي سوف تصعد في المنطقة من خلال القضاء على هذه المقاومات وتحجيم إيران هي ببساطة هذا الكيان الذي يقدّم بصورة واضحة لا التباس بها عن وعوده وتصوراته وطموحاته.
هذا الكيان يقول لنا حقيقته بلا مواربة. فالعرب عنده مجرد حيوانات بشرية، وأرضهم هي حق مكتسب، والمرحلة الأولى للتوسّع عنده تضم جنوب لبنان وجنوب سورية وكل الأردن وشمال مصر وشمال السعودية، وفي المرحلة الثانية كل سورية وكل العراق وكل السعودية وأغلب مصر حيث يجري النيل، وهو يحتفظ بالسكان الأصليين حيث يكونون عبيداً، ويستولي على الثروات من نفط وسواه باعتبارها حقاً خالصاً له، ومَن لا يصدّق عليه أن يسأل نفسه عن مشاهد حرق الأطفال وهم أحياء في خيم النزوح في غزة، وعشوائيّة التدمير في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع وصولاً الى أيطو، فهل كان ذلك تلبية لضرورات الخطة العسكرية؟ وهل كان تدمير المساكن في غزة له وظيفة أخرى غير تهجير أهلها تمهيداً للاستيطان فيها؟
يستطيع اليهودي الصهيوني حصراً، وليس أي مسلم أو مسيحي لبناني أو عربي، أن يقول إنها فرصة ذهبية، أما أن تصدر عن لبناني أو عربي يرى ما نراه ويعلم ما نعلمه، فقط لأنه حاقد أو مريض نفسياً أو تافه، فذلك يقول شيئاً آخر أنه مصاب بعقدة العبودية ويستمتع بأن يكون كما وصفه يوآف غالانت مجرد حيوانات على هيئة بشر، وأن يخاطب بهذه اللغة!