هذا الوقت سيمضي…
عبير حمدان
هذا الوقت سيمضي، وسنعود الى ايامنا وبيوتنا وقرانا وتفاصيلنا التي كنا نتأفف منها أحياناً…
سنعود أكثر انحيازاً إلى عقيدتنا القتالية والمحقة والراسخة في أرواحنا، وسنجمع فتات ذاكرتنا لنعيد تشكيل الأماكن كما نعرفها ونريدها دوماً مزنرة بالفخر والعزّ.
هذا الوقت سيمضي، وسنحمل منه ذخيرة الصبر والصمود والإيمان بالنصر مهما تفاقم الوجع ومهما طال عمر النزف ومهما حاول البعض رميَنا بسهام الغدر…
هذا الوقت سيمضي وسنعود أقوى وأكثر صلابة وتمسكاً بجذورنا التي ارتوت من دماء شهدائنا، وهذه الجذور ستمتدّ في كلّ شبر من بلادنا لتقتلع الحواجز الاستعمارية والتقسيمات الفئوية محددة مفهوم الهوية القومية والوطنية،
هذا الوقت سيمضي، وسنعود بقدرة الميدان وتسديدات المرابضين على الثغور وصدق الوعد الذي لم يخلف أهله يوماً به،
نحن أبناء البلاد التي قارعت المحتلّ على الدوام والتي جعلت من زيتونها وقمحها وتبغها وترابها مرابض للتصدي، ونحن أهل الأرض التي تطهّرت بدماء الشهداء، منا من ضمّد جراحه ومضى يواجه فباتت شرايينه أشجاراً وأنهاراً، ومنا من كتب وصاياه للأجيال القادمة كي يصونوا زهر الليمون من كيد المعتدي.
نحن لا نكتب النصوص الوجدانية استجداء وضعفاً إنما تأكــيداً على تمســكنا بكلّ التفاصيل البسيطة المتصلة بثقافة المقاومة والصمود.
نحن لا نكتب الوجع بصيغة استعراضية بل نتعلم منه أنّ الحياة المقترنة بوقفات العز تليق بالاحرار ونتعلم أن لا ننكسر أمام الأزمات ولا نستجدي العطاء لأننا أهل البذل والعطاء والتضحيات في سبيل بلادنا من بحرها الى نهرها.
نحن لسنا دعاة موت إنما نسعى للحياة الحرة والكريمة والسيادة الحقيقية دون تبعية أو إرتهان، هكذا تكون المقاومة أسلوب عيش لا ينفصل على النار والبارود إنما يكمّلهما بالكلمة والعمل وتحفيز الوعي بأننا أصحاب حق لا يزول مهما حاول الاستعمار ومن يصفق له تزوير التاريخ وقلب الحقائق..
هذا الوقت سيمضي… وسنعود الى بيادرنا وحقولنا ومواسم الخير لنرفع الغبار عن عتباتنا ومصطباتنا ونزيل الركام عن أوراقنا ودفاترنا ونجمع ألعاب الأطفال الى المدى الأرحب.
سنعود ولن نخنق الدمع الذي حبسناه بانتظار الشمس التي ستشرق من كفي سيدنا هناك في عليائه حيث يخط حروفه على امتداد العمر الآتي والسموات بأننا «قطعاً سننتصر».