البقاء أو الزوال… هل مَن يتعظ قبل فوات الأوان؟
علي بدر الدين
لبنان أمام خيارين: البقاء أو الزوال. وأمام الشعب اللبناني خيار واحد يتمثّل بالوحدة والتماسك والشراكة الفعلية والمواطنة الصحيحة، لأن العكس يعني التشرذم والانقسام والضياع وخسارة كلّ شيء لأنه سيتناثر في مهبّ الريح ويتشتّت بحثاً عن مكانٍ وعبثاً يحاول. وربما يكون مصير اللبنانيين في خيمٍ منتشرة في الصحراء ينتظرون هبوط “كراتين الإعاشة” بالمظلات ويتسابقون للحصول على بقاياها (الأمثلة كثيرة قريبة وبعيدة).
إياكم أيها اللبنانيون أن يفعل بكم العدو الإسرائيلي، عدو الإنسانية ما فعله ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻤﻐﻮﻟﻲ “ﺟﻨﻜﻴﺰ ﺧﺎﻥ” ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﻢ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺨﺎﺭﻯ وﻋﺠﺰ ﻋﻦ اﻗﺘﺤﺎﻣﻬﺎ، ﻓﻜﺘﺐ ﻷهلها: “ﻣﻦ يقف ﻓﻲ ﺻﻔﻨﺎ ﻓﻬﻮ ﺁﻣﻦ!”، فإنقسموا ﺇﻟﻰ ﺻﻔّﻴﻦ:
ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻷﻭﻝ ﺭﻓﺾ.. وأصرّ على المواجهة والدفاع عن المدينة وشعبها إلى آخر رجل. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻒ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓوافق على الرضوخ خوفاً من بطش المغول.
عاد ﺟﻨﻜﻴﺰ ﺧﺎن وكتب ﻟﻤﻦ ﻭﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺿﻮﺥ:
“إنْ ﺃﻋﻨﺘﻤﻮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﺭﻓﺾ ﻣﻨﻜﻢ، ﻧﻮﻟِﻜُﻢ ﺃﻣﺮ بلدِكم، ونمكّنَكٌم من الحكم والسلطة”، فتجنّد ضعاف النفوس والجبناء، و”نزلوﺍ” ﻷﻣﺮﻩ ﻭﺩﺍﺭﺕ ﺭﺣﻰ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺑﻴﻦ أبناء الشعب الواحد في حين وقفت جيوش المغول تتفرّج. ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، اﻧﺘﺼﺮ ﻃﺮﻑ “ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ”. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺃﻥّ “ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ” ﺳﺤﺒﻮﺍ ﻣن “المنتصرين” ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺃﻣﺮﻭﺍ ﺑﺬﺑﺤهم.
ﻭﻗﺎﻝ ﺟﻨﻜﻴﺰ ﻣﻘﻮﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ :
“ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻣَﻦ ﺟﺎﻧﺒﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻏﺪَﺭﻭﺍ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎء”.
اتّعظوا أيها اللبنانيون قبل أن تذهب ريحكم ولن يبقى لكم وطن لتتناحروا فيه وعليه، ولا شعب لتمارسوا سلطتكم وسادّيتكم عليه لإخضاعه ونهبه. هل مَن يتّعظ قبل فوات الأوان؟