واشنطن وتعديل القرار 1701
ناصر قنديل
أموس هوكشتاين هو مبعوث رئاسي أميركي بين لبنان وكيان الاحتلال، ليست مهمته محصورة بالتفاوض على تقاسم حقول الغاز، بل كان مواكباً لمسار الحرب طيلة سنة يحمل الرسائل، التي كانت آخرها رسائل التهديد الإسرائيلية التي استفزت الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط فصرّح علناً بأن على الوسيط السعي لإيجاد حلول لا نقل رسائل التهديد، وعندما يقول هوكشتاين “يجب أن تكون هناك إضافات أو تعديلات للقرار، للتأكد من تطبيقه”، فهو لا ينطق بذلك عبثاً، بل بصفته ممثلاً للرئاسة الأميركية. وهذا معنى قول الرئيس الأميركي جو بايدن، “إن هناك إمكانية للعمل على التوصل لوقف إطلاق النار في لبنان، لكن الأمر سيكون أصعب في غزة”. وهذا أيضاً ما يفسر تراجع واشنطن عن البيان الرئاسي الأميركي الفرنسي الذي نص على وقف مؤقت لإطلاق النار، للتفاوض على تطبيق القرار 1701 في لبنان و2735 في غزة، نزولا عند الرغبة الإسرائيلية بما قاله وزير الحرب في كيان الاحتلال، “عندما يجري التفاوض مع لبنان، فإن ذلك سيجري تحت النار”.
الواضح أن القرار 1701 لا يعجب واشنطن لأنه لا يعجب تل أبيب، لأنه ولد ثمرة عجز إسرائيلي عن مواصلة الحرب عام 2006، ما تسبب بقبول تفسير لانتشار الجيش واليونيفيل في جنوب لبنان دون أن يكون لليونيفيل صلاحيات كانت في النسخة السابقة للاتفاق على وقف النار ورفضها لبنان ورفضتها المقاومة في لبنان. والمقصود كان هو التحقق من أن لا سلاح للمقاومة جنوب الليطاني، بينما كانت المقاومة تلتزم بأن لا مظاهر مسلحة جنوب الليطاني. وهذا ما يعرفه كل الذين رافقوا التفاوض وصولاً لإعلان وقف إطلاق النار، ولمن يريد التحقق نعيده الى الفيديو المنشور لرئيس حكومة قطر السابق حمد بن جاسم عن كيفيّة طلب الإسرائيليين للمسارعة بوقف النار بعد فشل الحرب البريّة وإبلاغهم القبول بالصيغة التي كانت في شروط لبنان والمقاومة.
يريد الأميركي والإسرائيلي إعادة التفاوض على شروط القرار 1701 وتفسيرات تطبيقه، وفق رهان على تغيير موازين القوى التي أنتجت هذه النسخة من القرار بتفسيرها المتوافق عليه ضمناً. وهذه هي وظيفة الحرب البريّة اليوم، بعدما فشل القصف التدميريّ وعمليات الاغتيال والضربات التي صُمّمت أميركياً وإسرائيلياً لإسقاط المقاومة، لكنها فاجأتهم وهي تنهض وتقف على قدميها وتصنع ملاحم قتال في جبهات الحرب البريّة، وتنجح في صناعة معادلات التوازن الناريّ نحو عمق الكيان ومعادلة “حيفا مثل كريات شمونة”، والعمليات النوعية التي تشبه عملية بنيامينا، ولذلك يبدو أن وقف إطلاق النار هو موضوع التفاوض تحت النار، وفقاً لتقاطع تصريحات غالانت وهوكشتاين وبايدن. وهذا يعني أن من يريد تطبيق الـ 1701 يجب أن يكون مع وقف إطلاق النار للتفاوض على آليات تطبيقه، وأن يتساءل عما إذا كان ممكناً الجمع بين هذا الموقف والحديث عن دور أميركي في فرض وقف إطلاق النار، لأن من يريد تعديل الـ 1701 يؤيد التفاوض تحت النار.
كذلك هو الأمر، كما رأيناه في غزة منذ الإعلان عن مبادرة الرئيس جو بايدن التي قبلتها المقاومة وتعطّلت بسبب تعديلات تقدم بها الاحتلال وفق معادلة التفاوض تحت النار، ووقف صاحب المبادرة يعدّلها بما يناسب الاحتلال لأن التفاوض تحت النار، وبقيت المقاومة تتمسك بالمبادرة لأنها تعطي الأولوية لوقف إطلاق النار، والبيان الرئاسي الأميركي الفرنسي الذي ينص على وقف النار للتفاوض على القرارين 1701 و2735، جرى رميه في سلة المهملات لأنه يتناقض مع التفاوض تحت النار، رغم أن واشنطن حصلت له على تأييد عشر دول غربية وعربية.
هذا يعني شيئاً واحداً هو أن ثبات المقاومة في الجبهات الأمامية هو ما سوف يضمن تطبيق القرار 1701 وتثبيت أولوية وقف إطلاق النار، فهل ينتبه اللبنانيون الذين ينادون بالقرار 1701 إلى ذلك؟