استشهاد يحيى السنوار والوفاء للأحرار
حمزة البشتاوي
منذ إطلاق سراحه من السجون “الإسرائيلية” في صفقة التبادل عام 2011 التي عرفت بإسم عملية الوفاء للأحرار، وعد يحيى السنوار جميع الأسرى الفلسطينيين بالإفراج عنهم في عملية وفاء لصبرهم وتضحياتهم وهذا الوعد ما زال سارياً رغم استشهاده الذي لا يشكل إلغاء لهذا الوعد، حيث أثبتت التجارب السابقة بأنّ اغتيال قيادات المقاومة لا يزيدها إلا قوة وإصراراً وقدرة على التكيّف مع التكاليف الكبيرة التي تتكبّدها منذ بداياتها حتى اليوم، وأثبتت المقاومة في لبنان وفلسطين قدرتها على مواصلة القتال وتحقيق الإنجازات في الميدان حتى بعد استشهاد شخصيات ورموز قيادية قوية ومؤثرة حيث لم يؤدّ اغتيالهم إلى انهيار القدرات القتالية بل إلى إيقاع المزيد من الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال.
ولن تستطيع هذه الاغتيالات فرض ما يسمّى الشرق الأوسط الجديد عبر ما يسمّى بالنصر التكتيكي الذي يتحدث عنه قادة جيش الاحتلال كونه لا ينفي حقيقة وحتمية الهزيمة الاستراتيجية التي سيُمنى بها الاحتلال في هذه الحرب، ويتوهّم بنيامين نتنياهو ومعه الإدارة الأميركية بقدرتهم على إعادة ترتيب المنطقة من جديد بما يتناسب مع مشروع الهيمنة والسيطرة الذي يلعب فيه كيان الاحتلال “الإسرائيلي” دوراً وظيفياً ويكون فيه بمثابة الحاكم العسكري للمنطقة، وبالتالي القضاء على القضية الفلسطينية عبر ضمّ الضفة الغربية وتهجير وتوطين الفلسطينيين بعد إضعاف المقاومة في فلسطين ولبنان.
ولكن هذا الترتيب يصطدم بترتيبات المقاومة في الميدان الأقدر على الحسم وتغيير وجه الشرق الأوسط بانتصار المقاومة على العدوان والمخططات والمشاريع الأميركية و”الإسرائيلية” التي لن تمنع المقاومة من الحفاظ على قوتها والقيام بواجبها دفاعاً عن الأرض والإنسان وتحمّل مسؤولياتها بمواجهة ترتيب الشرق الأوسط الجديد الذي يهدّد الوجود والمستقبل والحقوق.
وقد تحمّل يحيى السنوار المسؤولية بجدارة من أجل المسجد الأقصى وحرية الأسرى وفي مواجهة حرب الإبادة الوحشية التي تستهدف طرد الشعب الفلسطيني من أرضه ومحو الذاكرة والمكان والتراث برواية حاقدة ومدجّجة بالأسلحة الفتاكة وإيديولوجيا التوسع والتهويد والإستيطان، ولكن يحيى السنوار واجَه هذه الرواية عبر المقاومة وفعل البطولة والصبر الصمود والعيون الحاسمة بالوفاء للأحرار وتحقيق الانتصار عبر كسر قيود وجبروت الاحتلال.
وإذا كان السنوار قد رحل فإنّ عهده سيبقى والعهود وفاء.