معيار الفوز بالحرب ومقياس الثقة
– بمثل ما كان شعار “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت” أبرز ما أبدعه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداة تحرير جنوب لبنان عام 2000، بحيث شكّل رأس حربة الحرب النفسية لزعزعة ثقة المستوطنين بقدرة الكيان على البقاء، و قدرة جيشه على حمايتهم، كان الهدف معاكساً بزعزعة الثقة بقدرة المقاومة عبر إصابتها بالحزمة القاتلة التي وجّهها الكيان بمعونة أميركية وغربية لحزب الله، وانتهت باغتيال الأمين العام وعدد كبير من قيادات المقاومة الكبار والميدانيين وإصابة بنيته وبيئته بخسائر كبرى عبر ضربات أجهزة المناداة وأجهزة الاتصال والغارات التي استهدفت الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، للقول أنتم أوهن من بيت العنكبوت وليس الكيان.
– الأكيد أن قيادة الكيان نجحت خلال أسبوعين باستعادة ثقة مستوطنيها بقوة جيش الاحتلال وأجهزة مخابراته، والتعافي المؤقت من لعنة أوهن من بيت العنكبوت، بينما اهتزّت ثقة الكثيرين من مؤيدي المقاومة وبيئتها بقدرتها على الوفاء بما وعدتهم به من قدرات وقوة، ولولا هذا التحوّل المزدوج لما تجرأ الكيان على التفكير بعملية برية كان يُحجم عنها دائماً لخشيته من الفشل، لكن منذ مطلع هذا الشهر، والأحداث المتلاحقة تفعل باتجاه معاكس تماماً، فالضربة الإيرانية أصابت الكيان إصابات قاتلة، أظهرت هشاشة منظومته الدفاعية وعجزه الاستخباري، بينما تكفلت أيام الحرب البرية الممتدة منذ أول الشهر بإظهار قوة المقاومة واقتدارها، بحيث إنها نهضت من أضخم ضربة يمكن لها أن تقضي على دول وجيوش، وأظهرت بسالة وقوة وتنظيماً واقتداراً، لا يلبث أن يفاجئ بما يقدّمه الميدان من وقائع تفوّق المقاومة على جيش الاحتلال، بما أعاد الثقة لجمهور المقاومة ومؤيديها وبيئتها بأنها عند وعودها، بل إنها أهل لثقتهم، لما يقوله نهوضها السريع والمبهر والمذهل رغم قسوة ما تعرّضت له، ويقابل ذلك تراجع درجة الثقة داخل الكيان بقدرة جيش الاحتلال على صناعة الانتصار على هذه المقاومة لما أظهرته رغم كل الضربات القاسية التي تلقتها.
– جاءت المعادلات النارية التي رسمتها المقاومة عبر صواريخها واستهداف طائراتها المسيّرة لتقول إن المقاومة لا تزال تملك بنك أهداف دسماً وقدرات استخبارية وازنة ومؤثرة، بما طرح الكثير من الأسئلة حول أهليّة جيش الاحتلال وقدرته على إقامة التوازن في وجهها ما استنفد بنك أهدافه ومظاهر تفوقه الاستخباري، وبدا أنه يذهب كما في غزة الى استهداف تدمير المساكن وقتل المدنيين.
– تتفوّق المقاومة اليوم في معركة الثقة، التي يخسرها الكيان، فيخسر ثقة مستوطنيه بعدما فاز بها لأيام، لترتفع الأسئلة مجدداً عن قدرة جيش الاحتلال على ضمان أمن الكيان، بينما تزداد ثقة بيئة المقاومة والبيئة اللبنانية والعربية في أنها قوة استثنائية تصعب هزيمتها.
– السؤال الدائم عن النصر والهزيمة يبدأ وينتهي بالثقة، والجواب هو أن المهزوم في هذه الحرب هو مَن يشبه أكثر معادلة أوهن من بيت العنكبوت.