أولى

خيارُنا… الالتزام بوصايا الشهداء

‬ أحمد بهجة

تتوالى الإنجازات في الميدان، حيث يبرهن رجال الله أنّ أقدامهم ثابتة وملتصقة بأرضنا الطيبة في الجنوب حتى آخر شبر، وفي جنوب الجنوب، في فلسطين الحبيبة حيث لا مفرّ من النصر تطبيقاً لما تقوله كتائب القسام «إنه لَجهاد، نصرٌ أو استشهاد»، فكان استشهاد القائد البطل يحيى السنوار كما يليق بالقادة الكبار ممشِتقاً سلاحَه مشتبكاً مع العدو في مواجهة بطولية ارتقى معه فيها اثنان من قادة القسام في منطقة رفح الحدودية مع مصر.
وكما قال شهيدُنا الأسمى والأغلى السيد حسن نصرالله فإننا «لا نُهزم، عندما ننتصر ننتصر وعندما نستشهد ننتصر»، وهذا بالضبط ما بدأ يلمسه العدو بجيشه وحكومته ومستوطنيه، حيث لا يخفي كثيرون منهم أنّ كيانهم ارتكب الخطأ الكبير باغتيال قادتنا وهم الآن يدفعون الثمن غالياً جداً، لأنّ الرجال الرجال الذين أعدّهم القادة الشهداء لا يمكن أن يستكينوا أو يهدأوا قبل تحقيق ثأر الله من أعداء الله والإنسانية الذين يواصلون ارتكاب المجازر ضدّ المدنيين العزل في فلسطين ولبنان، مثلما حصل مؤخراً في جباليا جرّاء قصف مدرسة تأوي نازحين غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السنّ، وفي النبطية جرّاء استهداف مبنى البلدية في وقت كان رئيسها الشهيد الدكتور أحمد كحيل ومعه أعضاء من المجلس البلدي وعدد من الموظفين والمتطوّعين يُحضّرون الحصص الغذائية لتوزيعها على العائلات الصامدة في المدينة.
هذا هو العدو الهمجي البربري الوحشي الذي نواجهه ونقاتله، يهرب من عجزه عن مواجهة أبطال لبنان وفلسطين في الميدان، إلى ممارسة أفظع أعمال القتل والإجرام والتدمير والتخريب. وقد صدَق مَن قال «إنّ جيش العدو هو جيش قاتل وليس جيشاً مقاتلاً»، لكنه مهما ارتكب من مجازر وجرائم فإنه في النهاية سيجد نفسه مهزوماً، وسيهرَع إليه داعموه وخاصة الولايات المتحدة الأميركية لمحاولة إنقاذه وتمكينه من الوقوف مجدّداً على قدميه، ومساعدته في السياسة والدبلوماسية لتعويض شيء مما خسره نتيجة هزيمته المدوية في الميدان.
في هذا السياق نستذكر شريط الأحداث التي حصلت خلال 33 يوماً من العدوان الصهيوني على لبنان في تموز ـ آب 2006، كأننا نعيش تلك المرحلة مرة ثانية، حيث لم نكن نسمع في الأيام العشرين الأولى إلا مقولات المهزومين والمتآمرين الذين يطلّون على الشاشات والمنابر ويُفبركون ويكذبون ويدّعون بأنّ المقاومة قد هُزمت ولم يعد أمامها إلا تسليم السلاح والاستسلام!
آنذاك جاء الموفدون من العرب والأجانب، وأبرزهم وزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندوليزا رايس، التي أقامت في سفارة عوكر «وليمة من السندويشات» لجماعتها في فريق 14 آذار لإعطائهم التوجيهات لما عليهم فعله في «مرحلة ما بعد حزب الله…»!
لكن الجميع فوجئ بأنّ المقاومة تبتدع المعجزات في الميدان وتلحق الهزيمة تلو الأخرى بجيش العدو الصهيوني، فانقلب السحر على الساحر، وعجز «القوم» عن تنفيذ تعليمات رايس وأصبح السؤال: «لمَن ستُهدي النصرَ يا سيد»؟
ولا يمكن في هذا السياق إلا التذكير بالدور الأساسي والمحوري الذي قام به فخامة رئيس الجمهورية يومها الرئيس المقاوم العماد إميل لحود الذي وضع حداً لكلّ الألاعيب ومنعَ تمرير أيّ شيء قد يمسّ المقاومة ووجودها وسلاحها وقدرتها على الدفاع عن لبنان.
ما أشبه اليوم بالأمس، إذ أننا نعيش التفاصيل نفسها تقريباً، حيث نرى «القوم» أنفسهم، مع بعض التعديلات الطفيفة، يراهنون ويرهنون البلد كله علّهم يحققون أحلامهم وأحلام مُشغليهم الخارجيّين، للنيل من المقاومة اعتقاداً منهم بأنّ ما لحق بها من خسائر خلال الأسابيع الماضية، قد ألحق بها الضربة القاضية، وتحديداً تفجيرات الـ «بايجر» وأجهزة اللاسلكي واغتيال قادة كبار وأساسيين في الجسم العسكري وصولاً إلى اغتيال سماحة الأمين العام السيد الشهيد حسن نصر الله…
لكن ما يحصل على أرض الواقع يجعل كلّ ذلك مجرد أوهام، ويثبت أنّ الخسائر التي أصابت المقاومة شكلت حافزاً لها ولرجالها لكي يتوثبوا إلى الأمام، من أجل تنفيذ وصايا الشهداء العظماء، لا سيما سماحة الأمين العام الشهيد الأقدس، وإلحاق الهزيمة المدوية بالعدو وتحقيق نصرنا الكبير المنتظر رغم كلّ الآلام والأوجاع… أليس هذا هو الوعد؟ ورجال الله لا يخلفون بالوعد أبداً، بل هم الوعد الصادق الذي يتجسّد أمامنا يوماً بعد يوم…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى