المقاومة تسقط الردع «الإسرائيلي» وتترجم استراتيجية «إيلام العدو»
حسن حردان
سريعاً وجه حزب الله الضربات القاسية الصاعقة والموجعة للأمن الصهيوني، وضرب منزل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في قيساريا، وحوّل كلّ الشمال الفلسطيني المحتل، لا سيما مدينة حيفا، إلى ساحة حرب تتساقط فيها الصواريخ، مؤكداً قدرة المقاومة على إفقاد الصهاينة الأمن، وإعادة تحطيم منظومة الردع الإسرائيلية التي حاول ترميمها نتنياهو عبر الاغتيالات لقادة المقاومة، وتدمير المدن والقرى اللبنانية في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، لكن المقاومة أوصلت الرسالة بقوة وعزم بأنّ الكيان وقادته، وفي الطليعة نتنياهو، لم يعودوا في أمان، وانّ المقاومة ستلاحقهم أينما كانوا، في منازلهم او المواقع التي يتواجدون فيها، رداً على اغتيال قادة المقاومة، الأمر الذي يثبت قدرات المقاومة العالية، وكفاءة مُسيّراتها في القدرة على ضرب أيّ هدف في كيان الاحتلال بدقة متناهية، وأنّ نتنياهو الذي وعد المستوطنين النازحين بإعادتهم إلى مستعمراتهم في الشمال، بات هو أيضاً من المهجرين غير قادر على العودة إلى منزله، الذي يبعد سبعين كلم عن الحدود مع لبنان… وقد اعترف العدو بإصابة منزله بمُسيّرة انقضاضية للمقاومة…
إنّ هذا التطوّر في تصعيد المقاومة عملياتها، كما وعدت، في إطار مرحلة جديدة من التصعيد، سوف يترك تداعيات كبيرة في كلّ الكيان، انْ كان على مستوى أمن ورموز الحكم فيه، او على مستوى أمن المستوطنين، الأمر الذي يشكل نجاحاً كبيراً للمقاومة، أدى ويؤدي إلى النتائج التالية:
أولاً، إحداث وقع كبير نفسي ومعنوي في صفوف المستوطنين أدخل، او سيدخل إليهم الشكّ الكبير في قدرة جيشهم وحكومتهم على حمايتهم، خصوصاً بعد ان عجزوا عن حماية منزل رئيس وزرائهم في مكان إقامته الأكثر حماية.. مما يدفعهم إلى النزوح عن الشمال باتجاه الجنوب، وهو ما يحقق هدف المقاومة بتحويل مدن ومستعمرات الاحتلال إلى مدن ومستعمرات أشباح خالية من السكان تماماً كما هو حال مستعمرتي كريات شمونة والمطلة على الحدود.
ثانياً، انّ قادة العدو لم يعودوا بعد اليوم يشعرون بأنهم في أمان في أيّ موقع في فلسطين المحتلة، لأنّ المقاومة قادرة على الوصول إليهم، وانّ منظومة دفاعاتهم الجوية لا تستطيع حماية أمنهم وأمن الكيان برمته.. وهو ما دفع العدو إلى اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية لحماية المسؤولين الصهاينة السياسيين والعسكريين.. معترفاً بأنّ استهداف منزل نتنياهو يُعتبر فشلاً أمنياً كبيراً…
ثالثاً، تطبيق المقاومة استراتيجية «إيلام العدو» التي أعلن عنها نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الثالثة في تأكيد على تعافي حزب الله من الضربات التي وُجهت له، واستعادته زمام المبادرة، وإظهار قدرته على الردّ وبقوة على الجرائم الصهيونية، وتدفيع العدو الثمن الكبير.
رابعاً، إفهام العدو بأنه لا يستطيع إخضاع المقاومة لشروطه بوقف النار، وانّ المقاومة تملك القدرة على إعادة فرض المعادلات الردعية: أمن اللبنانيين مقابل أمن المستوطنين، والتهجير بالتهجير، والاغتيالات بالاغتيالات، والتصعيد بالتصعيد.. والمقاومة في الميدان في مواجهة جيش الاحتلال.
خامساً، القول للعدو، أردْتَها حرب استنزاف للمقاومة، وعليك من الآن فصاعداً تحمّل الكلفة العالية لهذه الحرب، وها هي المقاومة تثبت أنها تملك القدرات على تحويل الكيان كله إلى ساحة حرب، يفتقد فيه المستوطنون وقادة العدو القدرة على التجوّل، وتجعلهم يختبئون في الملاجئ…
من هنا فإنّ نجاح المقاومة في ضرب منزل نتنياهو، بعد الهجوم على قاعدة غولاني، شكل تحوّلاً جديداً في مسار الحرب، تؤكد فيه المقاومة أنها تملك القدرات الكبيرة والنوعية على مقارعة العدو واستهدافه أينما كان، وهو أمر يحصل لأول مرة في تاريخ الصراع العربي ـ «الإسرائيلي»، ويكشف انّ كيان الاحتلال ليس كليّ القدرة والجبروت، وأنه عندما تتوافر مقاومة تملك استراتيجية متكاملة للمواجهة وتعمل على توفير مستلزماتها تستطيع أن تغيّر معادلات الصراع، وان تفرض إرادتها، وتبرهن للعدو والصديق، انها عندما تقول تفعل، وانها عندما تعلن «ارقبوا الميدان»، كما قال بيان غرفة عمليات المقاومة، فإنّ رجال المقاومة ينفذون ما قاله سيد المقاومة قبل استشهاده، «ما ترون لا ما تسمعون».. وها هو صوت الانفجار القوي في منزل نتنياهو في قيساريا يتحوّل إلى الحدث الأول الذي يراه العالم كله بدهشة لم يسبق لها مثيل، لأنّ المقاومة أثبتت جرأة منقطعة النظير على تحدّي الاحتلال.. وانّ سلاح الجو المُسيّر في المقاومة أثبت وبإمكانيات لا يمكن مقارنتها بطيران العدو الأحدث في العالم، انه يستطيع أن يحطم القوة الصهيونية وان يثأر لقادته الشهداء، ويكشف حجم الإخفاق الاستخباري للعدو، وفشل منظومة دفاعه وسلاحه الجوي في منع مُسيّرات المقاومة من الوصول إلى أهدافها وان تضرب بدقة متناهية هذه الأهداف في أكثر أماكنها حماية وتحصيناً من الناحية الامنية..
لهذا فقد اعترف مسؤولون عسكريون «إسرائيليون» لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، بأنّ «حزب الله يستطيع تعبئة قواته بسرعة تبعاً لتطورات المعركة، وانّ بعض المناصب الرئيسية في الحزب شغلها أشخاص لا تعرف إسرائيل أسماءهم، وان حزب الله لا يزال عدواً قوياً رغم القصف الموسّع لجنوب لبنان، وانّ الجيش الإسرائيلي متردّد في استخدام المروحيات لإجلاء قتلاه وجرحاه، والخوف شديد من أن يتمكن حزب الله من أسر عدد من الجنود».
لذلك ثقوا بالمقاومة وبقدرتها على إحباط أهداف العدوان، وإعادة فرض معادلات الردع، وجعل كيان العدو يصل إلى مرحلة اليأس والاحباط من إمكانية تحقيق مخططاته في لبنان…