فوبيا الاغتيال
خبران يسيطران على وسائل الإعلام وتصريحات القادة في الكيان، الأول هو وصول طائرة مسيرة للمقاومة قبل يومين الى قيسارية وإصابة منزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووصفه بالزلزال والإصرار على تداوله تحت مسمّى محاولة اغتيال رئيس الحكومة، والثاني هو ما تم تداوله مساء أمس، عن استعادة خبر محاولة اغتيال رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، والتداول تحت عنوان تأكيد الاغتيال.
فوبيا الاغتيال تسيطر على عقل الكيان وتكشف طريقة التفكير. فالقلق من الاغتيالات دفعت إلى توفير حماية استثنائية للوزراء وبعض النواب وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين، والمضحك أن الحماية من نوع المرافقات والإجراءات الحمائية التي لا تجيب على التحدّي الذي يمثله التهديد الجديد، وهو الطائرات المسيّرة. وكان يوم أمس هو يوم البحث عن طائرة مسيّرة أفلتت من رادارات الكيان وبقيت عملية البحث مستمرة حتى آخر الليل عنها، ولا أحد يعلم ولا أحد يملك ضمانة بأن المقاومة لن تواصل إرسال الطائرات المسيّرة نحو الرموز القيادية والمؤسسات الحيوية في الكيان.
محاولة صناعة صورة محصنة، لا تقف عند الحديث عن محاولة اغتيال نتنياهو وحماية الشخصيات، لأن استعادة الحديث عن السيد هاشم صفي الدين واغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يأتي في سياق البحث ذاته عن صورة محصّنة للكيان، وإنكار الاعتراف بأنه ظهر مكشوفاً عاجزاً عن تأمين ما يثبت قدرته على تفادي مزيد من الانكشاف، خصوصاً أنه إلى جانب الطائرات المسيّرة هناك سلاح الصواريخ الدقيقة الذي لا يزال، كما تقول الضربات المحدودة والمدروسة التي يقوم بها في طور التجريب، ولم يدخل المعركة بعد.
صورة فوبيا الاغتيالات هي في الحقيقة بوجهيها تعبير عن أزمة ضعف الكيان، وقد وجد من جهة أنه عاجز عن تأمين الأمن المطلق الذي زعم امتلاكه، وظهرت المقاومة قادرة على إيصال رسالتها من طائرة قيسارية بما هو أهم عندها من اغتيال بنيامين نتنياهو، رغم الإصرار على وصف العملية بمحاولة الاغتيال، للقول إنها فشلت، بينما المقاومة معنية بنجاحها في مجال الهدف الأصلي وهو أن المقاومة القادرة على الوصول إلى غرفة نوم رئيس حكومة الكيان لا شيء يمنعها من الوصول إلى كل غرف نوم المستوطنين. والرسالة هي كيانكم مكشوف أمامنا وزمن الشعور بالأمن والثقة بالأمن قد انتهى. وبالمقابل عندما لا يتبقى للكيان لإظهار قوته سوى استعادة عمليات سابقة، فهذا اعتراف بالعجز عبر السعي للتغطية عليه، بينما المقاومة معنية بشيء آخر، دون تأكيد أو نفي ما يروى حول السيد صفي الدين، وهو أنها تجاوزت المرحلة الصعبة التي أنتجتها مرحلة الاغتيالات ودخلت في مرحلة استعادة زمام المبادرة التي لا يستطيع الكيان إنكارها كحقيقة بائنة في الميدان مهما تذاكى في اللعبة الإعلامية ومهما مارس المكابرة.