إملاءات آموس هوكشتاين ولاءات محمد عفيف
معن حمية
صار معلوماً أنّ الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الذي زار بيروت قبل يومين، لم يقدّم طرحاً متماسكاً يبرّر إدخال تعديلات على القرار 1701، في حين تولّت ماكينته السياسية والإعلامية الترويج لبنود جديدة تحوي شرائح موصولة بزرّ تفجير يتحكّم به كيان الاغتصاب الصهيوني، ويستخدمه ساعة يشاء لاستباحة سيادة لبنان وقتل اللبنانيين.
أخطر ما روّجته ماكينة هوكشتاين، صيغة جديدة مفخخة بلبوس القرار 1701. وهذه الصيغة رُسمت بناء على حزام التدمير الممنهج للمناطق اللبنانية المحاذية لفلسطين المحتلة، وعلى إعطاء قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان مهمات وسلطة قرار إلى ما هو أبعد من شمال الليطاني وجعلها شرطة دولية غير ملزمة بالتنسيق مع السلطات المعنية اللبنانية. والأخطر من ذلك الترويج لتشريع الانتهاكات والخروقات الصهيونية للسيادة اللبنانية منذ العام 2006، بنص يجعلها دائمة وسارية المفعول.
هذه الصيغة، وإنْ لم يتطرق إليها هوكشتاين خلال زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكنه تحدث عنها قبل مجيئه الى بيروت، وهذا يظهر صلافة أميركية غير مسبوقة، وإعلاناً لا لُبس فيه عن الاستماتة في الدفاع عن الكيان الغاصب الذي صعّد من عدوانه، قبل ساعات قليلة من وصول هوكشتاين إلى بيروت، لفرض الإملاءات على قاعدة تهديدات العدو «لا مفاوضات إلا تحت النار»!
صلافة أميركا ليست بمحاولة فرض الإملاءات على لبنان، تحت ضغط عدوان صهيوني غاشم، يدمّر الحجر ويقتل البشر، ولا يكترث لقانون ولا لمواثيق دولية ولا للقانون الدولي الانساني، بل أيضاً بتهميشها للهيئات والمؤسسات الدولية المعنية. فهي بغطرستها وعتوّها وبهمجية نار القتل «الإسرائيلية»، تتوهّم إمكانية تعديل وتغيير مضامين القرارات الدولية، بما يتناسب مع مصلحة كيان الاغتصاب الصهيوني.
على أية حال، فإنّ المسؤولين اللبنانيين وفي مقدّمتهم الرئيس بري أسمعوا المندوب الأميركي موقفا واضحاً وحاسماً مفاده أنّ لبنان لن يفاوض تحت النار. هذا عدا عن أنّ سفن هوكشتاين المزدوج الولاء، أميركياً وصهيونياً، تعاكس رياح المقاومة التي تهبّ في أكثر من اتجاه، رعداً وبرقاً وعواصف في الميدان جنوب لبنان وعلى تخوم فلسطين المحتلة، وصولاً إلى «غاليلوت» و»بنيامينا»، حيث قاعدة غولاني العسكرية وغرفة نوم المجرم بنيامين نتنياهو.
صحيح أنّ العدو الصهيوني بعدوانه الوحشي يدمّر مدننا وقرانا، ويهدم بيوتنا ومؤسّساتنا، ويقتل أطفالنا ونساءنا والأطباء والمسعفين والصحافيين، خلافاً لكلّ القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية، غير أنّ هذا العدو لن يستطيع أن يفرض شروطه وإملاءاته ونتائج عدوانه على مقاومة تدافع عن حقها وأرضها وكرامة شعبها.
العدو الصهيوني يمتلك شبكة واسعة من وسائل الإعلام متعدّدة الجنسيات، والعديد من الأدوات التي تتقاطع مصالحها الجزئية مع مصالحه، غير أنّ تلك الوسائل والأدوات جازفت في تصديق الوهم بإمكانية القضاء على المقاومة. وراهنت على بدء عصر صهيوني ـ أميركي جديد، وقرّرت أن تحجز مكاناً لها في ظله!
لكن… واهم مَن لا يفهم لغة المقاومة وقاموسها. فالتاريخ لم يسجل أن هُزمت مقاومة تدافع عن أرضها، فكيف بمقاومة ظافرة حققت على مدى 42 عاماً الانتصار تلو الانتصار.
خائب من لا يقرأ الميدان جيداً. وننصح الذين استعجلوا الاستثمار في العدوانية الصهيونية، بأن يراقبوا الميدان جيداً.
وخاسر من ينتظر أن تتحقق إملاءات هوكشتاين وشروطه.
الثابت الأكيد هو ما تختزنه الأمة من كبرياء وعنفوان، وبما تجسّده المقاومة في الميدان والذي عبّر عنه مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، في ردّه على تهديدات قادة العدو، بلاءات جديدة مكرّساً قاعدة حقوقية ذهبية «النار بالنار والدم بالدم والحديد بالحديد»…
*عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي