مقالات وآراء

النازحون لن يكونوا كالأيتام على مآدب اللئام…

‬ علي بدر الدين

«تغيير المعالم السياسية والأمنية» في المنطقة ولبنان تحديداً وعلى «عينك يا عالم»، هدف جديد للعدو «الإسرائيلي»، ولتحقيقه يواصل بكلّ خبثه وحقده وعنصريته، و»تفوّق» طائراته الغادرة والقاتلة والمدمّرة ترويع المدنيين وقتلهم وتهجيرهم، بإنذارات إخلاء المدن والقرى والأحياء من السكان قبل قصفها وتدميرها بذرائع لا أساس لها من الصحة، حيث يتدفّق سيل الهاربين منها ومن منازلهم على عجل إلى حيث يجهلون، ولا يعلمون بأيّ أرض ينزلون وإلى أين يلجأون.
هل إلى المدارس (مراكز الإيواء) التي غصّت بالنازحين ولم يعد فيها حتى موطئ قدم لقادم جديد، أم إلى استئجار بيت جديد وقد امتلأت البيوت «عن بِكرة أبيها» وتضاعفت كلفة إيجارها، أم إلى البحث عن «مأوى» جماعي حيث ينام «النزلاء» فيه «كعب وراس» في ظلّ انعدام الاحتياجات، خاصة التدفئة والأغطية من (بطانيات وحرامات) التي ربما تقي من البرد الذي بدأ يتسلّل صباحاً ومساء إلى أجساد الأطفال الطرية وكبار السن الضعيفة والهزيلة؟ وكيف سيكون حال النازحين إلى المدارس؟
هل أتحدّث عن انقطاع المياه، أو شحّها، وقد زاد الطلب عليها وباتت «عملة نادرة» وأغلى من النفط، وقد لا تجد من يؤمّنها لك حتى بكلفة أعلى؟ عن ماذا أحدّثكم، عن جشع التجار وارتفاع الأسعار والاستغلال البشع الذي يطال المقيم والنازح على حدّ سواء… عن ماذا وماذا؟
لا أدّعي ولا أتوقّع ماذا سيحصل ولا معرفة إلى أين المصير، والى متى تستمرّ الحرب «الإسرائيلية» على لبنان، ولا متى يحصل الاتفاق على وقف إطلاق النار ومتى يصبح سارياً ويعوّل عليه لعودة النازحين إلى ديارهم.
لن اتفاءل أو أتشاءم، او أقول» بين… بين» ولا أصدّق ولا أنتم تصدّقون، كلّ ما يتمّ تسريبه في وسائل الإعلام أو يدّعيه سياسيون ومحللون استراتيجيون ومتوقّعون وإعلاميون ومنظّرون، عبر الشاشات و»المواقع» وفي الصالونات، لأنه غير صحيح وغير مطابق للواقع والوقائع، ولما هو آتٍ في المدى القريب وما بعده، ولا نعرف ولا يعرفون ماذا تخطّط له أميركا والكيان الصهيوني.
كلّ ما هو واضح ومكشوف أنهما مستمرّان في مشروعهما التدميري والتهويلي والتهديدي، من دون أن يُعلنا متى تكون النهاية وتنتهي الحرب، وتحصل التسوية ويتوقف سيل دماء الأبرياء وتدفق النازحين الذين ضاقت بهم الأزمنة والأمكنة، وضاق بهم العيش وقد أُفرِغَت الحرب وتداعياتها جيوبهم و»قججهم»، بعد أن سرقت المصارف أموالهم المودعة فيها.
على اللبنانيين عموماً والنازحين منهم، ألّا يعوموا على «شبر مَي» أو يصدقوا كلّ ما يُراد تسريبه أو ما هو مطلوب منهم تصديقه. تصرفوا على أساس أن النزوح قد يطول وأنّ العودة قد إلى الديار قد تتأخر أو تتأجل. نعلم أنكم اشتقتم إليها كثيراً، إن كانت على قيد الحياة أو أصبحت ركاماً، فاحلموا وتوقعوا وتمنوا وتأملوا أنّ وقف إطلاق النار قد يحصل غداً وأنّ العودة قريبة كقرب «الحاجب من رموش العين»، وسلّموا أمركم لله وراهنوا على رجال الله في الميدان وثقوا بهم وهم وحدهم من يحقّق النصر ويحدّد المصير وليس المفاوضات التي قد ستبدأ تحت النار، أو بعد وقف إطلاق النار؟
أيها اللبنانيون والنازحون، لا تيأسوا ولا تحبطوا ولا تستسلموا وترفعوا العشرة، مع أننا جميعاً في مركبٍ واحد وفي حال كارثية ومعاناة كبيرة جداً، ولن ندعوكم إلى مزيد من الصبر،لأنّ «للصبر حدوداً» وقد أصبحت الجيوب خاوية وخارت القوى و»فرطت» الأعصاب وزادت العصبية، وتفاقم الغضب، ولكن لن نكون أبداً ضعفاء حتى لا نتحوّل إلى «أيتام على مآدب اللئام» الذين يقتلون ويدمّرون ويهجرّون و… يستغلون وينهبون…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى