بلينكن يدمج شروط نتنياهو بمبادرة بايدن من الدوحة… سعياً لتحريك التفاوض / هليفي بعد غالانت: يمكن إنهاء العملية في لبنان… ويمكن الاحتفال بتحقيق النصر! / خسائر الاحتلال بالمئات في لبنان… والرائد فرحات بطل شهيد مدافع عن الوطن
كتب المحرّر السياسيّ
تتقاطع كلمات وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مع كلمات رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي أمس، عن اعتبار نجاح الكيان بقتل قادة المقاومة في لبنان وفلسطين فرصة لإنهاء الحرب وإعلان النصر، ولا يبدو كلام وزير الحرب في حكومة الكيان يوآف غالانت الذي بشر بإعلان نهاية العملية البرية في لبنان بعيداً عن ذلك، بينما يبدو موقف رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو لا يزال متمسكاً بمواصلة الحرب في لبنان وغزة والاستعداد لشن عدوان على إيران، قالت القناة الثانية عشرة في الكيان إن أسباباً تقنية وراء تأجيله، منها احتمال قيام إيران بالردّ قبل أن ينتهي العدوان وتدمير مدرجات مطارات الكيان ما يبقي الطائرات في الجو تبحث عن مكان تهبط فيه.
حاول بلينكن الحصول على صفقة اتفاق حول غزة تتضمّن طلبات نتنياهو بضمان عدم بقاء حماس في غزة بعد نهاية الحرب، وأعلن عن ذلك من الدوحة كجزء من الصفقة المنشودة، منتظراً من حركة حماس التي تقاتل ببسالة للشهر الثالث عشر وتستنزف جيش الاحتلال وتكبّده الخسائر البشرية والمادية أن تقبل الانتحار. وكان اللافت أن رئيس وزراء قطر الذي كان يشارك بلينكن مؤتمره الصحافي في الدوحة لم يعترض على هذا الدمج بمضمون وساطة يفترض أنها ثلاثيّة، أميركية مصرية قطرية.
وطلبات بلينكن الجديدة جاءت، مثلما جاءت طلبات نتنياهو التي لم يجرؤ المبعوث الرئاسي أموس هوكشتاين على طرحها أمام رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما المقاومة تسطر ملاحم البطولة على طول خط الحدود وتنزل بجيش الاحتلال خسائر لا يستطيع تحملها، وقد علا صراخ ضباطه وجنوده الذين زاد عدد إصاباتهم أمس عن المئتين، منهم النصف على جبهة عيتا الشعب وحدها، وزادت الدبابات المحترقة عن العشر في جبهة ميس الجبل وبليدا نصفها، بينما كان الجيش اللبناني يقدّم أحد الأبطال من ضباطه شهيداً بغارة إسرائيلية استهدفت مقراً للجيش في بلدة ياطر حيث استشهد الرائد محمد فرحات وجنديان معه، والرائد فرحات هو الذي تصدّى للاحتلال قبل سنة خلال محاولات تمدّد الاحتلال وتطاوله على الخط الحدودي بوضع شريط شائك مخالف لخط الحدود، فقام بإزالته وهدّد جنود الاحتلال وأمر جنوده يومها بالاستعداد لإطلاق النار.
وفيما تواصلت تصريحات قادة الاحتلال بالحديث عن إمكانية وقف العملية البرية في لبنان بعد فشل تحقيق أهداف الحرب لا سيما القضاء على حزب الله أو شلّ قدراته العسكرية، واصلت المقاومة الإسلامية عملياتها النوعية في شمال الكيان الصهيوني وعمقه، وقصفت قاعدة «زوفولون» للصناعات العسكرية شمال حيفا، وعددًا من المواقع الصهيونية، والمدن المحتلة.
وأعلن حزب الله قصف قاعدة سنط جين اللوجستية بين مستعمرة نهاريا ومدينة عكا المحتلة بصلية صاروخية كبيرة، واستهدف تجمعاً لجنود العدو الإسرائيلي شرقي بلدة عيترون بصلية صاروخية وقذائف المدفعية. وأعلن عن “اشتباكات عنيفة في بلدة عيتا الشعب من مسافة صفر وأنه عند تدخل دبابة ميركافا للإسناد استهدفها وأوقع طاقمها بين قتيل وجريح”. وقال “تم تدمير دبابة ميركافا أثناء اشتباك المجاهدين مع قوات العدو في عيتا الشعب بصاروخ موجّه وطاقمها بين قتيل وجريح”، وأفاد “أننا استهدفنا تجمّعين لقوات العدو في مستعمرتي المنارة ومسكفعام وقصفت كريات شمونة بصليات صاروخية”، وأشار الى قصف مدينة نهاريا بصلية صاروخية كبيرة جداً. وقصف أيضاً مدينة صفد المحتلة بصلية صاروخية كبيرة. واستهدف “تجمعاً لقوات العدو الصهيوني في موقع المالكية بصلية صاروخية، وقوات جنود إسرائيليين أثناء تقدّمها عند مثلث عديسة – رب ثلاثين – الطيبة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية وأجبرناها على التراجع.
وأفادت القناة 14 الإسرائيلية عن “نقل عشرات الجنود إلى المستشفيات بعد إصابتهم في معارك جنوب لبنان خلال الساعات الأخيرة”، فيما أعلن مستشفى رمبام في حيفا “استقبال 7 جنود إسرائيليين أصيبوا في معارك جنوب لبنان”.
وبعدما أعلن المتحدّث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري أمس الأول، «أننا نحاول إنهاء المعركة في لبنان بأسرع وقت ممكن»، أعلن أمس رئيس أركان جيش الاحتلال هارتسي هاليفي خلال مخاطبته قادة الفرقة 162 في جباليا، إلى أنه “يمكن إنهاء الأمور في الساحة الشماليّة بصورة قاطعة، حيث قضينا على سلسلة القيادة العليا لحزب الله”.
ولفتت مصادر سياسية وعسكرية لـ”البناء” أن فشل الأهداف الإسرائيلية للحرب على لبنان لا سيما القضاء على حزب الله أو شلّ قدراته وإفقاده حرية الحركة واتخاذ القرارات، بعد سلسلة الضربات التي تلقاها، دفع بالقيادة الإسرائيلية لإعادة النظر بالخطط العسكرية والسياسية المعدّة للحرب، والبحث بشكل جدي بكيفية إنهاء الحرب والاكتفاء بتحقيق إنجازات كاغتيال قيادة حزب الله الرئيسية وتدمير الكثير من مستودعات الأسلحة للحزب وبنيته الاجتماعية، واستثمارها في انتزاع ضمانات للأمن الإسرائيلي تسمح له باستعادة المستوطنين. وشدّدت المصادر على أن استيعاب حزب الله سلسلة الضربات والصمود الميداني للمقاومة في الجنوب ولبيئة المقاومة النازحة والصامدة في قرى الجنوب، وبدء الحزب سلسلة عمليات بناء على منهجية التصعيد التدريجيّ لا سيما عمليتي بنيامينا وقيساريا، أفشل أهداف الحرب ودفع قيادة «إسرائيل» للتفكير بحلول دبلوماسية.
وفي سياق ذلك، أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها، إلى أن حزب الله وبعد تعرّضه لسلسلة من الضربات الإسرائيلية المؤلمة، استعاد المبادرة ويقاوم ويُعدّ كمائن للقوات الإسرائيلية في لبنان ويكثف الضربات بالمسيّرات والصواريخ في عمق “إسرائيل”. وذكرت أن الهجمات تظهر أن حزب الله، على الرغم من إضعافه بعد مقتل جيل من قادته الكبار وتدمير بعض أسلحته، لا يزال قادراً على تحويل أعنف صراع يشهده لبنان منذ عقود إلى صراع طويل الأمد بالنسبة لـ”إسرائيل”.
ومساء أمس، برزت سلسلة تصريحات لافتة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كشف في حديث تلفزيوني أن “ما يتمّ بحثه الآن هو التفاهم على وقف إطلاق نار نهائيّ وأنه تفاهم مع المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين على تطبيق القرار 1701 من دون أي تعديلات”. وشدّد بري على أننا نتمسك بدور قوات اليونيفيل كضامنة لتطبيق القرار 1701، والجيش اللبناني سيتولى الآليات التنفيذية للقرار 1701 للحفاظ على الاستقرار. وأعلن رئيس المجلس أننا سنبدأ العمل لانتخاب رئيس توافقيّ للبنان بعد وقف إطلاق النار.
وأفيد أن هوكشتاين وعد الرئيس برّي بجسّ نبض “إسرائيل” حيال ما تم التفاهم عليه في لقائهما، إلا أن المبعوث الأميركي وفق المعلومات لم يعُد بردّ إسرائيلي حتى الآن. فيما أعلن عن اجتماع أميركي فرنسي لبناني اليوم في لندن.
الى ذلك، واصل العدو الصهيوني عدوانه الوحشي على لبنان جوًا وبرًا وعمليات اغتيالات طالت عناصر من الجيش اللبناني ومن الدفاع المدني والمدنيين في مناطق متفرقة وأسفرت عن وقوع العديد من الشهداء والجرحى.
واستهدف الطيران الحربي بشكل خاص المباني السكنية ومراكز الدفاع المدني، فيما لاحقت الطائرات المُسيّرة للعدو السيارات المدنية والدراجات النارية في عمليات اغتيال راح ضحيّتها العديد من المدنيين شهداء وجرحى.
وأولى جرائم العدو استهدفت عناصر للجيش اللبناني في خراج بلدة ياطر – بنت جبيل في الجنوب أثناء تنفيذ عملية إخلاء جرحى ما أدّى إلى ارتقاء ٣ شهداء بينهم ضابط، وهم: الشهيد الرائد محمد فرحات، الشهيد العريف محمد بزال، الشهيد العريف موسى مهنا. وشنت الطائرات الحربية الصهيونية موجات إضافيّة من الغارات الجوية شملت مختلف الأقضية الجنوبيّة، وتركزت على مدينة الخيام وبلدات: كفركلا، رب ثلاثين، الطيبة، حداثا، عيتا الشعب، السلطانية، برعشيت، ميس الجبل، صفد البطيخ، مجدل سلم، تبنين، كونين، عيناثا، الطيري، عيتا الشعب، بيت ليف، سلعا، دير انطار، القليلة، محيط صور، الشعيتية، السماعية، وطير حرفا، الشهابية، كفردونين، دير قانون، راس العين، برج قلويه، تولين، أنصارية، جباع، وحومين، عنقون، حومين التحتا.
وأغار الطيران الحربي الصهيوني على مركز للدفاع المدني في الهيئة الصحية في بلدة كفرفيلا، ما أدّى إلى تدميره، دون أن يبلغ عن إصابات في الأرواح. وطاولت الاعتداءات الجوّية الصهيونية مناطق في البقاع الشمالي، حيث أغارت طائرات العدو على مبانٍ في بلدة الخضر، أسفرت عن وقوع شهداء ومصابين.
وشنّ الطيران الحربي الصهيوني غارة على جرد علمات في قضاء جبيل.
ولاحقت المُسيّرات الصهيونية دراجة نارية كان يستقلها مختار بلدة برج قلاويه حسن رميتي وشخص آخر، فاستهدفتهما بصاروخ لدى وصولهما إلى منزل كان الطيران الحربي الصهيوني استهدفه ليلًا في برج قلاويه لانتشال جثامين شهداء ارتقوا في الغارة الليلية.
واستهدفت الطائرات المُسيّرة سيارة إسعاف ودراجة نارية في بلدة مجدل سلم، ودراجة نارية أخرى في بلدة الصوانة. وأغارت مُسيّرة صهيونية على سيارة مدنية على طريق عاليه – الكحالة، ما أدّى إلى تدميرها وارتقاء شهيدين كانا بداخلها.
وترافقت الاعتداءات الجوية الصهيونية مع قصف مدفعي عنيف ومركز على بلدات: الطيري، كونين، عيتا، حانين، العديسة، الطيبة، رب ثلاثين، كفركلا، الخيام وشبعا. وأقدمت قوات العدو المتوغلة في أطراف بلدة عيتا الشعب على تفخيخ وتفجير عدد من المنازل.
في غضون ذلك، وعلى وقع استمرار العدوان الصهيوني على لبنان، انعقد “المؤتمر الدولي لدعم لبنان”، في قصر المؤتمرات في باريس، وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في افتتاح المؤتمر أن “لا بد أن تنتهي حرب الآخرين على أرض لبنان”، ولفت الى “انه يتعرّض لجملة من التحديات تتمثل بهجمات إسرائيل والنزوح”. وأعلن تقديم “100 مليون يورو كمساعدات للبنان”، داعياً “”إسرائيل” الى وقف الحرب فيه”، وشدد على “وقف الهجمات على إسرائيل أيضاً”. ولفت الى أن “إيران تدفع بحزب الله لمواجهة إسرائيل”، ودعا الى “احترام القرار 1701 وتطبيقه من كافة الأطراف”، معتبراً أن “لدى الجيش اللبناني الآن مهمات أكثر من قبل وعلى حزب الله أن يوقف عملياته واستهداف ما بعد الخط الأزرق”.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي “أننا جمعنا 800 مليون دولار للمساعدات الإنسانية في لبنان و200 مليون دولار للجيش”، وقال: “لا يمكن الاكتفاء بهذه الاستجابة الإنسانية للأزمة والحلّ يمر بالتنفيذ الكامل للـ 1701 وقف الاعتداءات على الحدود وتعزيز قوات اليونيفيل”. وتابع: على إيران و”حزب الله” وضع حدّ للاعتداءات ونقول لإسرائيل إنّ النار لا يوصلها إلى السلام. وشدّد على ان “الحرب على لبنان تسبّبت بمحو 15 عامًا من النمو وندعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب”. وأكد أن “لا تستطيع أي دولة فرض هيمنة فريق على آخر في لبنان”.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: الاتحاد سيقدم للجيش اللبناني 20 مليون يورو في 2024 و40 مليونًا في 2025 ودعمًا إنسانيًا بقيمة 80 مليونًا. من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أنَّ “ألمانيا ستقدم 96 مليون يورو (حوالي 103 ملايين دولار) كمساعدات إنسانية وتنموية لشعب لبنان”… وكان ميقاتي اجتمع مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل في باريس قبيل انعقاد “المؤتمر الدولي لدعم لبنان وسيادته”. شارك في اللقاء وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، وتمّ البحث في الأوضاع الداخلية في لبنان وتكثيف التعاون بين لبنان والاتحاد الأوروبي ودعم الاتحاد للبنان على الصعد كافة.
بدوره، ألقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش كلمة في مؤتمر باريس لدعم لبنان قال فيها إن “منظمة الامم المتحدة قلقة على سلامة المدنيين على طرفي الخط الأزرق والهجمات ضد اليونيفيل أمر مرفوض تمامًا ويشكّل جريمة حرب”. واشار الى ان “إسرائيل تواصل قصفها العنيف لمناطق مأهولة في لبنان”. مؤكداً أن “وقف إطلاق النار مهم جداً”.
ولفت رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في كلمته خلال المؤتمر إلى أن “قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، يبقى بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان، وأن التنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان و”إسرائيل” من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها. إن التزام الحكومة اللبنانية ببدء عملية تطويع جنود لبنانيين إضافيين وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701 يُظهِر التزاماً واضحاً بتنفيذ هذا القرار. ويشكل قرار تجنيد المزيد من الجنود خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية على الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، فإن التنفيذ الناجح لهذا الالتزام سيتطلّب دعم المجتمع الدولي ومساندته. ويمكن أن تأتي هذه المساعدة في أشكال مختلفة، بما في ذلك الدعم المالي والتدريب والمساعدة الفنيّة لضمان تنفيذ عملية التجنيد بفعالية وكفاءة.»
كما تؤكد الحكومة اللبنانية وفق ميقاتي “التزامها بالعمل بشكل وثيق مع اليونيفيل لضمان أمن واستقرار المنطقة. إن معادلة الاستقرار تتحقق بالوقف الفوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ونشر 8000 عنصر من الجيش جنوب نهر الليطاني”.