الحرب والرئاسة… لا رئيس على الدبابة «الإسرائيلية»!
نمر أبي ديب
لبنان كما المنطقة في خضمّ «معركة وجود استراتيجية» ذات أحداث أمنية وعسكرية متسارعة، أرخت في ثقلها الميداني على الكيان «الإسرائيلي»، الذي فشل رغم «التعتيم الإعلامي» الكبير، وتاريخه الحافل بالأخبار المفبركة وغير الصحيحة في إظهار الحدّ الأدنى من الترف الميداني المصطنع، الذي يعيشه الكيان، في حرب باتت وجودية، أثقلت فيها قدرات المقاومة الصاروخية عمق الكيان «الإسرائيلي»، وأيضاً قواعده العسكرية على كامل مساحة فلسطين المحتلة، وصولاً إلى الجولان السوري المحتلّ، ما أسقط مع متدرجات الحرب البرية ومفاعيلها الكارثية على كيان الاحتلال مكاسب الجولة الأولى رغم ثقلها الإنساني وعظيم التضحيات، وصولاً إلى اغتيال سماحة أمين عام حزب الله السيد الشهيد حسن نصر الله»، وما استتبعها من تطورات ميدانية متلاحقة، على مستوى الجبهتين اللبنانية والفلسطينية.
ما تقدَّم مدخل عسكري لمقاربة رئاسية قائمة من وجهة نظر أميركية، على مبدأ ضعف الموقف السياسي وحتى العسكري لحزب الله، وهذا ما عبَّر عنه موقع «أكسيوس» نقلًا عن مسؤولين أميركيين حين أعلن أنّ واشنطن تريد استغلال ما تعتقده ضعف حزب الله لانتخاب رئيس للجمهورية.
يأتي الموقف الأميركي في مرحلة فصل إقليمي عسكري بين مشروعين تخوض من خلالهما القوى العالمية الكبرى «حرباً الوكالة» على مستوى المنطقة والعالم، وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الرئاسة اللبنانية جزء لا يتجزأ من معادلة الربح والخسارة الإقليمية وحتى العالمية، ضمن معركة محاور كبرى، يخوضها لبنان بجميع أطيافه السياسية كما الحزبية وحتى الشعبية، انطلاقاً من الانقسام العمودي القائم على هوية لبنان، وأيضاً على «انتمائه العربي وسياسته الخارجية»، وهنا تجدر الإضاءة على حلقات المواجهة اللبنانية اللبنانية، على حقبة استثنائية تخللها نجاح أميركي لم يكتمل، (أوصلت من خلاله الولايات المتحدة رئيس جمهورية على الدبابة الاسرائيلية)، رئيس لم يتسلّم مهامه، شهدت بعده المنطقة إسقاطاً فعلياً وحقيقياً للمشروع الأميركي «الإسرائيلي» في لبنان، المتمثِّل في «اتفاقية 17 أيار» وانتصار محور المقاومة.
ثانياً، ما شهدته الساحة اللبنانية من انقسام عمودي قبل وبعد حرب لبنان الثانية، مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي حملته كونداليزا رايس، وفشلت الولايات المتحدة الأميركية في تمريره من البوابة اللبنانية، في حرب تموز ـ آب 2006.
الجدير في الذكر أنّ مشاريع الولايات المتحدة الأميركي في لبنان دائماً خاسرة، رغم التفوّق التقني كما العسكري الذي تمتاز وتحظى به مجمل أذرعها الإقليمية، وتحديداً كيان الاحتلال «الإسرائيلي» الذي يقوم اليوم بتنفيذ الجزء العسكري من مشروع الشرق الأوسط الجديد، الأميركي الهوى والهوية.
السؤال هل تنجح الولايات المتحدة الأميركية اليوم، في إيصال رئيس جمهورية لبنان على الدبابة «الإسرائيلية»؟ هل جملة النتائج المترتبة حتى اللحظة على حرب لبنان الثالثة تمنح المحور الأميركي فرصة إيصال رئيس قادر على تغيير هوية لبنان المقاوم؟ واعلان الانتصار.
الجدير في الذكر أيضاً، أنّ «حرب لبنان الثالثة» لا تحتمل التأويل أو اللعب على المصطلحات للتعمية عن خسائر سوف يدفع ثمنها الأميركي كما «الإسرائيلي» كاملاً في أيّ مفاوضات سياسية مقبلة، رئاسية كانت أم غير رئاسية، بالتالي وبصريح العبارة، ومنعاً للتأويل السياسي وحتى الدبلوماسي، عدم القدرة الأميركية، على إيصال رئيس جمهورية «رأس حربة»، في هذه المرحلة بالذات، إعلان خسارة مزدوجة، «أميركية إسرائيلية في حرب لبنان الثالثة، وأيّ ترتيب آخر أو تسوية سياسية يمكن أن تدخلها، أو تقودها «الولايات المتحدة في مراحل بلغت فيها تضحيات الحزب مداها الأقصى، تثبيت أميركي لمعادلة عدم الانتصار السياسي والعسكري في لبنان.
حتى اللحظة «العمليات البرية» ضربة قاسمة، وضعت كيان الاحتلال «الإسرائيلي» مع ما يمثِّل اليوم من قدرات تكنولوجية وتفوّق تقني، في حالة إرباك ضمني يحاول نتيجتها من خلال سلاح الجو، إضافة إلى استثنائية الاغتيالات، إبقاء كيانه في دائرة «الانتصارات الفارغة، كما المفرَّغة» من إمكانية الترجمة الميدانية، وتجربة أمين عام حزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي، خير دليل على عبثية المحاولة «الإسرائيلية»، وأيضاً على أنّ عمليات الاغتيال مهما بلغت متدرجاتها البنيوية كما مؤثراتها الشخصية المؤسسة والفاعلة في هيكلية حزب الله، لا تحسم حرب ولا تمنح انتصار.
الكلمة للميدان، معادلة محسومة النتائج، والأبعاد، والأفق، في معايير الهندسات العسكرية الحديثة، سلاح الجو الذي استنفد طاقاته الاستراتيجية في عمليات اغتيال القادة، قابله قدرات صاروخية استثنائية لم تكشف بعد عن نفسها.
الانتصار في السياسة يحتاج إلى مساحات داخلية وأرضيات سياسية قابلة للترجمة وأيضاً للتنفيذ، وهنا تجدر الإشارة، إلى أنّ تجارب لبنان السابقة أثبتت مع إسقاط «اتفاقية 17 أيار» أن رجحان الكفة والكلمة الفصل دائماً للميدان وهذا ما تحدّده اليوم جملة النتائج العسكرية «للحرب البرية» كما الصاروخية، المترتبة على صمود المقاومة واستمراريتها.
حتى اللحظة لا قدرة «إسرائيلية» على ترجمة نتائج الجو في ساحات «المنازلة البرية»، كما لا قدرة سياسية على إيصال رئيس جمهورية «رأس حربة» على الدبابات «الإسرائيلية»، التآمر السياسي على المقاومة ليس بجديد، المغامرة واردة، التجارب السابقة قائمة، والتاريخ لا يرحم أحداً…