أُوقفوا الحرب أولاً…
علي بدر الدين
ما يتعرّض له لبنان واللبنانييون من حرب إبادة وتدمير وتهجير جماعي شنّها العدو «الإسرائيلي» عليهما، وهو ماضٍ فيها من دون توقّف أو الاستجابة للدعوات الخجولة والمتواضعة لمجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة أو لدول غربية تحديداً فرنسا وإيطاليا وغيرهما، أو للإدارة الأميركية الشريكة والمنحازة لكيانه الغاصب والداعمة الدائمة له سياسياً وعسكرياً ومالياً وديبلوماسياً ولاعتبارات انتخابية رئاسية حالياً.
ما يشجّع هذا العدو المتغطرس والمجرم هو الصمت المريب والرهيب لدولٍ كثيرة صديقة وشقيقة، قريبة وبعيدة عن ارتكاباته ومجازره الجماعية بحقّ المدنيين من كلّ الأعمار، وتدميره الكلّي لمدن كبيرة (النبطية وصور) وللضاحية الجنوبية وقرى بأكملها في الجنوب والبقاع ومحاولة إزالتها عن الخارطة اللبنانية وتهجير سكانها بالجملة ومنع عودتهم إليها، مهدّداً ومتوعّداً ومعربداً إذا ما حاولوا حتى الاقتراب منها في عملية إجرامية غير مسبوقة وربما لم يشهد العالم مثيلاً لها في كلّ الحروب.
رغم كلّ الفظاعات والارتكابات وزهق الأرواح وسفك الدماء والدمار المروّع والرهيب وإجبار المدنيين على النزوح من مناطقهم وبيوتهم بصواريخ طائراته أو بإنذارات الإخلاء التي يقوم بها العدو «الإسرائيلي»، لم يتحرّك أحد من الدول العربية والإسلامية والغربية، أو من الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر السلام في العالم، لا من الأنظمة ولا من الشعوب، كأنّ إبادة شعب بكامله وإزالة وطن عن الخارطة جغرافياً وسياسياً لا يعنيهم وكأن على «رؤوسهم الطير» أو أنها مسألة فيها نظر، أو أنّ هذه الشعوب التي كانت تناصر وتؤيد الضعفاء والمغلوب على أمرهم والمظلومين والمضطهدين، قد ملّت ويئست وأُحبطت، بعد ان خذلتها أنظمة دولها، التي التزمت الانحياز لكيان العدو أو خافت على مستقبل حكمها وعلى نفسها ومصالحها، فقرّرت الوقوف الى جانب المعتدي تحت عنوان «الحياد». والتفرّج على العدو الإسرائيلي وربما الاستمتاع وهو يهدر دماء الأطفال والنساء والشيوخ ويُهدّم البيوت على رؤوسهم.
هذا العدو مصرٌّ على استكمال مشروعه في القتل والتدمير، وهذا ما أبلغه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت بكلّ وقاحة وصلافة إلى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن الذي زار المنطقة، لتغطية الحرب المتوحّشة على لبنان وفلسطين، خاصة أنّ إدارته في أمتارها الأخيرة بانتظار ما ستؤول اليه الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من الشهر المقبل.
لا ننكر «وقوف» بعض العرب والغرب الى جانب لبنان من خلال مواقف الإدانة والشجب والإستنكار، و»مساعدة» نازحيه بأطنان من المعونات الغذائية والإغاثية والدوائية وغيرها، وتقديم أموال من تبرعات دولية زهيدة (مؤتمر دعم لبنان في باريس مثالاً)، لا أحد يعرف من يتسلّمها وكيف تُوزَّع ومَن يستفيد منها، هل هم النازحون، المتضرّرون والمنكوبون، أم «كم واحد» من الحكام والمسؤولين الذين يعرفون من «أين تؤكَل الكتف»…؟
يقولها اللبنانييون بالفم الملآن وبصوتٍ عالٍ جداً، رغم الكوارث والمآسي ونهر الدماء التي سالت ولا زالت وآلاف الأرواح التي تُزهَق، والدمار الذي طال كل المدن والقرى والأبنية والمنازل والمحال والمؤسسات والشركات والمكاتب والأحياء والشوارع، أنهم ليسوا بحاجة الى مواقفكم التي لا يحترمها ولا يقيم العدو لها وزناً، وليسوا بحاجة الى تبرعاتكم والشحادة بإسمهم وعلى حسابهم، ولا الى دعمكم، ولا الى أطنان إغاثاتكم ومعوناتكم، ولكم عليها كلّ الشكر والامتنان، وهو» معروف» منكم لن ينسوه أبداً.
ما يريده اللبنانيون هو طلب واحد فقط اذا كان بإمكانكم تحقيقه، وهو ان توقفوا الحرب «الإسرائيلية» الوحشية الهمجية البربرية الإجرامية عليهم أولاً، وإذا لم تستطيعوا، أعلنوها صراحة واختفوا وأوقفوا مساعداتكم التخديرية التي لا فائدة منها ولا طائل، لأنها لا تقدّم او تؤخّر. واعلموا انّ رجال الله في الميدان…