مقالات وآراء

القرض الحسن… اسم على مسمّى

 أحمد بهجة

بداية في التعريف بجمعية القرض الحسن… هي «جمعية مالية اجتماعية» وتقول عن نفسها إنها «جمعية تكافلية». بدأت عملها في لبنان عام 1983 وحصلت على ترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987.
وهي تعمل وفق القوانين اللبنانية»، وتقدّم تفاصيل موازنتها وتسييرها وإدارتها للسلطات المعنية.
هي إذن جمعية اجتماعية خيرية لا تهدف للربح، وتسعى إلى «إحياء سُنّة القرض الحسن في المجتمع»، وأنّ مصادر تمويلها تعتمد على «حسابات مساهمة من فاعلي خير»، أو ما يمكن تسميته تبرّعات وإيداعات الأموال.
تعرّضت الجمعية في أوقات سابقة لحملات مغرضة في بعض وسائل الإعلام على خلفية أنها مستمرة في عملها بشكل طبيعي رغم انهيار القطاع المصرفي اللبناني، وضياع أموال المواطنين وجنى أعمارهم بمليارات الدولارات بينما حقوق الناس محفوظة في الجمعية.
وقالت الجمعية في بيان توضيحي أصدرته في 16 يناير/ كانون الثاني 2023 إنّ «عملها ذو طابع خيري واجتماعي بالأساس، وليست مصرفاً، وإنما هي جمعية تستقطب المساهمات من أهل الخير وتعطيها قروضاً بدون فوائد لكلّ الناس المحتاجين ولآجال مُيَسّرة».
وقد اكتسبت مؤسسة القرض الحسن ثقة الناس جميعاً وليس فقط في بيئة حزب الله والمقاومة، أو البيئة الشيعية كما يُقال في المصطلحات اللبنانية، وقد مرّت المؤسسة بأكثر من تجربة وتعاملت مع التحديات بكلّ إيجابية واستطاعت تخطي الكثير من العقبات والعوائق مما زاد الثقة بها وبطريقة عملها.
لعلّ أبرز الأزمات كانت خلال وبعد العدوان الصهيوني على لبنان في تموز ـ آب 2006، حيث كان للمؤسسة 9 فروع في مناطق لبنانية عدة، خاصة في الضاحية والجنوب والبقاع، وكما يحصل اليوم جرى بث الشائعات عن ضياع حقوق الناس وما شابَه ذلك من حملات مغرضة تستهدف زرع الشكوك بين المؤسسة، ومن خلفها حزب الله، وبين الرأي العام وتحديداً المواطنين المتعاملين مع المؤسسة، سواء المودعين أو المقترضين.
ولكن بعد الحرب، ورغم الخسائر الكبيرة، خرج سماحة الأمين العام لحزب الله شهيدنا الأقدس السيد حسن نصرالله ليعلن أنّ حقوق الناس محفوظة، وهذا ما حصل بالفعل، وأدّى ذلك إلى ترسيخ الثقة بالمؤسسة التي أخذت بالتوسع حيث صارت لها فروع في مختلف المناطق اللبنانية، وهي التي جرى استهداف أغلبها بالعدوان الصهيوني قبل أيام.
كذلك مرّت المؤسسة بمرحلة صعبة نوعاً ما إثر انهيار العملة اللبنانية في العام 2019، حيث تأثرت مداخيل المقترضين الذين كان عليهم تسديد قروضهم بالعملات الصعبة، وعلى سبيل المثال فإنّ المواطن الذي يتقاضى راتباً قدره مليون ونصف مليون ليرة لبنانية وهو ما يعادل يومها ألف دولار أميركي، كان قادراً بسهولة على تسديد سند بمئتي دولار شهرياً، لكن مع تدهور العملة صار راتبه يساوي أقلّ من عشرين دولاراً، وحتى مع تصحيح الرواتب أكثر من مرة بقيت قيمة السندات أكثر بكثير من قدرة المواطنين على السداد.
وقد استطاعت المؤسسة هذه المرة أيضاً التغلب على الأزمة وذلك باعتماد عدة خطوات بدعم كامل من قيادة حزب الله الذي قدّم للمؤسسة كلّ التسهيلات اللازمة لتجاوز الأزمة، خاصة لجهة الحفاظ على حقوق المودعين وأصحاب الأمانات.
كما تعاونت المؤسسة مع المقترضين وسهّلت عليهم الدفعات الشهرية سواء من حيث مواءمة الدفعة الشهرية مع قدراتهم على التسديد، أو من حيث إعادة جدولة السندات لفترات زمنية أطول… وهكذا تمّت معالجة كلّ الأمور واستطاعت المؤسسة وزبائنها تجاوز تلك الأزمة، وعادت الأمر إلى طبيعتها.
اليوم تتعرّض المؤسسة لاعتداءات غاشمة على مقرّاتها في كلّ المناطق، حيث جرى تدمير أغلبها وإلحاق الأضرار الكبيرة بالحجر والمفروشات المكتبية، لكن الموجودات والأمانات محفوظة كما كان الوضع دائماً…
وقد تزامنت الاعتداءات مع وصول الموفد الأميركي (الإسرائيلي) آموس هوكشتاين الذي استبق الرئيس نبيه بري زيارته بإبلاغه عبر الإعلام بأنها فرصته الأخيرة في محاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، أيّ وقف العدوان الصهيوني، مشدّداً على الموقف الثابت بالنسبة للقرار 1701 الذي يتمسك به لبنان كما هو من دون زيادة ولا نقصان، ولن ينفع التصعيد الأخير في تغيير هذا الموقف اللبناني الثابت والمتفق عليه بين غالبية المكونات السياسية في البلد.
ولا بدّ ختاماً من تأكيد مقولة ردّدها الناس في ذلك الليل الغاشم بأنّ ما دمّره العدو من أبنية يُعوَّض بعد الحرب لا مشكلة، لأنّ الذهب الحقيقي ليس موجوداً في تلك الأبنية بل هو واقف شامخ عنيد على حدودنا الجنوبية حيث رجال الله ورجال نصر الله في الميدان يرسمون المعادلات ويفرضونها على كلّ الموفدين والمبعوثين الذين لا مفرّ لهم من التسليم بهزيمة العدو الصهيوني في مواجهة المقاومة المنتصرة في لبنان وفلسطين، وانّ غداً لناظره قريب…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى