الفشل الاستراتيجي «الإسرائيلي» يعكس نجاح إيران في إرباك الكيان
رنا العفيف
فشلٌ «إسرائيلي» جديد يُضاف إلى سجله التاريخي، في عصر معركة طوفان الأقصى، وهذه ليست المرة الأولى على المستويين العسكري والسياسي، كيف نقيّم ما حصل ليل الجمعة ـ السبت؟
إيران تعلن نجاحها في التصدي لعدوان «إسرائيلي» حاول استهداف قواعد عسكرية في طهران، ووكالة «تسنيم» الإيرانية تؤكد نقلاً عن مصادر مطلعة، أنّ التقييمات الأوّلية تشير إلى أنّ العدوان كان ضعيفاً، مشيرة إلى أنّ التقييم يجري لدراسة أبعاد العدوان، وأكدت أنّ ادّعاء جيش الاحتلال استهداف عشرين موقعاً في إيران غير حقيقي، مشدّدة على أنّ الأهداف أقلّ من ذلك بكثير، ولفتت أنّ الهجوم تمّ من خارج الحدود الإيرانية وتسبّب في أضرار محدودة، وأنه لم يتمّ استهداف أي مركز عسكري للحرس الثوري في طهران، هذا وقد أظهرت المشاهد نجاح الدفاعات الجوية في التصدي لهذا العدوان،
وقع هذا العدوان الباهت والبارد بالنسبة أولاً لـ «إسرائيل» على المستويين العسكري والسياسي، صعب وشديد الإيلام لناحية الحجم، إذ وصفه البعض بالسخرية والبعض الآخر أكد فيه حجم المأزق والفشل الاستراتيجي العسكري نظراً لمخالفة التوقعات بحسب الصحافة «الإسرائيلية» التي وصفتها بالمهزلة الاستراتيجية والمهانة، عدا عن قادة «إسرائيليين» قالوا بأنّ إيران انتصرت وتفوّقت على «إسرائيل» للمرة الثانية، فصفعة الهجوم الإيراني في عملية «الوعد الصادق 2» ما زال تأثيرها قائم وفعّال ولن ينساه الكيان، وبالتالي انهارت خدعة التفوّق العسكري بعدما شدّت «إسرائيل» أزرها بالدفاعات الجوية الأميركية والبريطانية وتزويدها بمنظومة «ثاد» التي تفاخَر بها نتنياهو، وكذا أظهرت تل أبيب التي كانت تتبنّى اجتياح ثلاث دول عربية في وقت واحد مكشوفة بلا غطاء غربي ولا حماية دولية وطبعاً هذه غاية في نفس إيران قضتها،
الأمر الآخر هو صراخ المعارض يائير لابيد من هذا الهجوم الذي وصفه بالخفيف، فيما أعضاء في الكنيست يصفونه ببكاء الأجيال، وقال مستوطنون لنتنياهو «أنت جبان… أدخلتَ جميع الإسرائيليين إلى الملاجئ خلال الضربات الإيرانية، فيما كان الإيرانيون يملأون الشوارع خلال هجومك»، وهذا كنتيجة حتمية من خلال باقي التصريحات التي تخرج من الداخل «الإسرائيلي» تؤكد مرة جديدة على فشل العدوان الذي يعكس نجاح إيران في إرباك الكيان وردعه من تجاوز الخطوط الحمر في كسر طهران كلّ هذه الخطوط بنفاذ حدود صبرها عندما أرسَت قواعد اشتباك جديدة حين أرسلت صواريخها ومُسيّراتها إلى تل أبيب في العملية الأولى والثانية بهجوم مركب أصاب أهدافه بدقة وشلّت قدرة «إسرائيل» بالمطلق، وبالتالي اليوم يمكن القول بأنّ هذا العدوان الباهت ما هو إلا لحفظ ماء وجه نتنياهو وعليه أن يبتلع المشرط الذي مزّق صورة «إسرائيل» أمام جبهتها الداخلية وحلفائها، وعليه جزم مركز الدفاع الجوي الإيراني شهيدان في الجيش خلال التصدي وأضرار محدودة،
وفي السياق عينه هناك نقطة يجب أن نوضحها بدقة ولها دلالة على مستوى ما يتمّ فبركته من وسائل إعلام «إسرائيلية» وغربية وتضخيم وتهويل، أو لنقل الدعاية «الإسرائيلية» التي تقول إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع، وطبعاً هذا عار عن الصحة جملة وتفصيلاً لسببين هامين الأول: هناك انقسام حقيقي على المستوى السياسي والأمني وأيضاً العسكري، وأغلب المستوى العسكري الأمني هو يخالف القيام بضربة عسكرية من هذا النوع في إيران لأنّ ما يفترضونه من مفاعلات نووية أو مصانع هي ليست موجودة في مكان واحد وإنما موزعة والأهمّ الوجود المادي إلى جانب العلماء المختصّين وهم بالآلاف، و»إسرائيل» ليست قادرة على ضربة كهذه لأنها تعلم بمستوى الردّ القاسي والمباشر الذي تمّ إيصاله عبر وسطاء وهي جدية ولا تمزح، وكان قد أعلن سماحة الإمام الخامنئي والمسؤولون عن ماهية الرد المباشر بخصوص هذا الأمر،
أما السبب الثاني وهو يتعلق بردّ الفعل الإيراني، وكما ذكرت إيران لا تمزح البعض قد يفكر أنه إذا تمّ قصف المنشآت النووية أو غيرها ستستعيّن إيران بالحلفاء، وهذا غير دقيق لأنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتمد على نفسها لا على أحد، وستردّ بشكل مباشر دون تردّد، ولو كان صحيحاً ما تدّعيه الرواية «الإسرائيلية» صحيح لكنا رأينا رداً عسكرياً مباشر لم يتخيّله البعض، أيّ ردّاً عنيفاً بما يتناسب مع الظرف، لذلك قد تحتوي إيران هذه الضربة خاصة أنّ هناك من قام بفضح سر نتنياهو الذي يبحث عن صورة ردع حقيقية لا سيما أنه متيّم بحب الصورة ويعشق الصورة ولكن بطبيعة الحال تحقيق الردع لا يعتمد على حجم الضربة فقط ولا على التأثير ولا على نطاقها فحسب، بل يعتمد على الصورة بحسب بعض المراقبين، وحتى اللحظة هذه الصورة فشل نتنياهو في تحقيقها وهذا سيعزز من معادلة الردع التي رسمتها إيران في المنطقة إذ هذا الفشل هو أول نتاج هذه المعادلة التي خلقت حالة ردع ورعب للكيان، إذ تشي بأنّ «إسرائيل» ما زالت مكبّلة بقواعد كثيرة لا تستطيع تنفيذ هجوم لوحدها دون مساعدة الكفيل الأميركي الذي فجّر فضيحة كبرى لها بخصوص هذا الذي يسمّونه هجوماً…