الصوت الذي لم يستكن يوماً
محمد الباقر ترشيشي*
منذ عرفته، يرتبط حضوره بكلّ نشاط إعلامي أو حركة إعلامية، ليكون هو المرافق الدائم، حتى انّ المشهد يبقى ناقصاً حين يغيب. إنه محمد عفيف، ذاك الصوت الصادح الذي يجسّد أصوات المقاومة الهدّارة، بل هو العين الساهرة والقلب النابض لها وأكثر.
هو الاستشهادي الذي تقلّد ثوب الشهادة، مُكرّساً حياته للإعلام المقاوم، كيف لا وهو ابن البيت الصيداوي المعروف بمقاومته أباً عن جدّ. ومن منا ينسى سماحة آيه الله المغفور له الشيخ عفيف النابلسي، رضوان الله عليه، الذي كان للمقاومة وما كانت المقاومة إلا له، فليس غريباً أن يعشق الحاج محمد عفيف مسار المقاومة، متشبّعاً بأصولها وأسسها التي نهلها مع أصول الدين، والتي ترعرع عليها في كنف هذا البيت الأصيل.
في حرب تموز 2006، كان الحاج محمد عفيف أحد أعمدة قناة «المنار» الإداريين ومديراً للأخبار، كان مواجهاً العدو على جبهة الإعلام. بقيَ 33 يوماً متنقلاً تحت الخطر من مكان إلى آخر، ساعياً لأن تبقى قناة «المنار» بصورتها وصوتها صادحةً في وجه العدو، ناقلةً بطولات المقاومين وإنجازاتهم حتى تحقيق الانتصار الكبير.
لم يعرف الكلل أو الخوف، بل جسّد بصموده رمزاً للإعلام المقاوم الشجاع. واليوم، يواصل هذا النهج، متحدياً العدو «الإسرائيلي» في هذه الحرب، يواجهه من على ركام الدمار، رافعاً المعنويات، وموصلاً الرسائل، ومعلناً المواقف. لا يهاب المعتدي، ولا يتراجع عن الحق، بل يثبت في موقعه بقوة وإصرار.
نشأ في ظل عبادة وإيمان، يتغذى على أحكام الدين ويتربّى على المقاومة ورفض الظلم والاحتلال. ومثلما تعلم الصلاة والعبادة على يد الشيخ عفيف النابلسي، رضوان الله عليه، ترسّخت فيه عقيدة المقاومة، فصار نموذجاً للصمود وعنواناً للجهاد الإعلامي.
أعذرني أيها المقاوم، فأنا أعلم أنك لم ترغب يوماً بذكر اسمك مقترناً بأيّ إنجاز. ولكن، ما أكرمَك وأرفعَك من مجاهد، وما أعظم شرفك الذي لا ينقطع ولا ينتهي بإذن الله.
إليك، أيها الحبيب، أيها الأخ الذي يبث روح الأخوّة في من حوله ويستمتع بهذا الشعور السامي. إليك، أيها الغالي، يا من تحمّل عناء جهاد الإعلام رغم مشقاته وتحدّياته. إليك وحدك، ألف ألف سلام وتحية…
*مدير موقع صدى الولاية الإخباري