مقالات وآراء

رسالة إلى غبطة البطريرك الراعي: الحذر من الوقوع أو إيقاع البلد في المحظور

 

‬ المحامي معن الأسعد*

 

سيدنا غبطة البطريرك بشارة الراعي، يا من مجدُ لبنان أعطيَ له…
الحقيقة قرأتُ مراراً وتكراراً عظتكم البارحة،
حاولتُ التدقيق بين السطور والكلمات والنقاط في محاولة يائسة مني لتبرير استعمالكم لمصطلح «تحرير المدارس» فلم أوفق.
وصلتُ أخيراً الى نتيجة واحدة من اثنتين لا يمكن أن يكون لهما ثالث:
إمّا أن استعمال هذا المصطلح المسيء بحقكم وبما تمثّلون جاء نتيجة خطأ لغوي، وهذا يتطلّب من غبطتكم توظيف من هو مؤهّل إعلامياً ولغوياً لمراجعة وتصحيح وتدقيق عظاتكم الأسبوعية، لما لها من أهمية وتأثير على الوطن وخصوصاً في هذا الظرف المصيري،
أو أنّ هناك من لديكم يكتب خطاباتكم الأسبوعية (وهذا أمر عادي لدى من يتولى الشأن العام)، وبالتالي عليكم محاسبته وإقصاءه من موقعه واستبداله بمن هو مؤهّل وموضع ثقة من غبطتكم لعدم تمرير رسائل مفخخة بواسطة غبطتكم، قد تؤدّي الى تفجير البلد من الداخل وإعادتنا الى مرحلة الحرب الأهلية البغيضة لا سمح الله، وهذا ما نحن متأكدون من استحالة قبول غبطتكم به …
أمّا لماذا هناك أزمة نازحين لا يتمّ معالجتها سيدنا، ووجوب «تحرير» المدارس من المواطنين اللبنانيين الذين يدفعون الثمن غالياً في السلم أكثر من زمن الحرب؟
سيدنا،
أنت تعلم جيداً بأنّ عصابة اللصوص الوقحة الطائفية المذهبية المناطقية قد أنهت وجود مفهوم «وطن» وحوّلته الى مزارع ميليشياوية مذهبية، وأفلست الدولة وأنهت وجود مؤسساتها، وسرقت المال العام والخاص وسطت على جنى عمر المواطن في المصارف عبر المدير التنفيذي المالي لهذه العصابة ألا وهو الحاكم السابق بأمر المال رياض سلامة .
أتتذكر رياض سلامة غبطتكم؟
هو الموظف العام الذي حظيَ بنعمة الحصانة من عصابة اللصوص الحاكمة،
ومن غبطتك أيضاً سيدنا …
أتعلم غبطتكم أنّ هؤلاء «المحتلين» للمدارس هم من طبقة متوسطة تمّ الغاؤها وإبادتها حين السطو على مدّخرات عمرها في المصارف وشطب تعويض نهاية الخدمة والراتب التقاعدي للموظف الذي أفنى عمره في خدمة «وطن» تبيّن لاحقاً أنه أصبح مزرعة على يد عصابة لصوص لا تعرف الله؟
أتعلم سيدنا أنّ هؤلاء كرام القوم «المحتلين» لم يعد لديهم أموال إلّا في المصارف ولا تساوي أكثر من حبر على ورق؟ وواجب «الدولة» حمايتهم وتأمين أماكن نزوح لائقة لهم من دون شرشحة وبهدلة !
الدولة التي قتلها ودفنها هذا النظام الطائفي المذهبي البغيض، وغبطتكم جزء لا يتجزأ منه سيدنا.
سيدنا…
هناك قاعدة عمل بها حين تأسيس لبنان وأثبتت صوابها وجديتها مراراً وتكراراً .
لبنان أكبر من أن يُبلَع وأصغر من أن يُقسَّم …
قاعدة لا غالب ولا مغلوب والتي أثبتت صحتها بعد دفع أثمان باهظة وقتل وتدمير وتشريد مراراً وتكراراً…
لا أحد يستطيع أن يحكم بمفرده في لبنان،
لا أحد يستطيع أن يلغي أيّ كان في لبنان مهما اشتدَّ بأس اللّاغي وضعف حيَل المنوي إلغاؤه.
سيدنا…
أتوجه لغبطتكم بنداء من القلب أن تنتبه من الوقوع وإيقاع البلد في المحظور.
فمجد لبنان أُعطيَ لكم،
والمجد لا يمكن أن يُبنى على التفرقة بل بالوحدة…

*أمين عام التيار الأسعدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى