هل يتحمل جيش الاحتلال حرباً برية جديدة؟
وصلت رسائل بنيامين نتنياهو بعد إقالة وزير الحرب يوآف غالانت إلى رئيس الأركان هرتسي هليفي بأن الإقالة بانتظاره إذا بقي على موقفه الرافض لمواصلة الحرب البرية بداعي أن ما يمكن فعله قد أنجز وأن ما بقي عصيٌّ على الإنجاز، ولأن الإثنين يعلمان أن ما أنجز هو تدمير المنازل والبنى التحتية وقتل المدنيين، وأن المقاومة تكفّلت بقتل ما تيسّر من ضباط وجنود القوات المهاجمة وتدمير آلياتهم ومنعهم من البقاء، وليس كما يحلو لرئيس حزب القوات أن يمنحهم مزاعم الإنجاز بأن جيوش الاحتلال عقيدتها القتالية هي عدم الاحتلال، وإلا فليشرح لنا لماذا بقي الاحتلال قرابة عشرين عاماً في الأراضي اللبنانية حتى أُجبر على مغادرتها، وليشرح في الطريق كيف سيُجبر جيش الاحتلال المقاومة على الابتعاد إلى ما وراء الليطاني إذا لم يتمركز هو تباعاً في ما يحتله من الأراضي ويتدحرج إلى الليطاني احتلالاً، لكن إذا كان من السيئ وجود لبنانيّ يمنح الاحتلال ما ليس له من الإنجازات، فإن الجيد هو أن نتنياهو وهليفي يعرفان أن كلام جعجع لا يعادل ثمن الحبر الذي كُتب به.
لكن نتنياهو يعلم أن الجيش فشل في إنجاز المهمة ويريد منه مواصلة المحاولة، ولأن هليفي يعرف أنه ليس بمستطاع الجيش الإنجاز بتكرار المحاولة، فقد رفض مواصلة العملية البرية عملاً بمبدأ علمي يقول إن تكرار التجربة ذاتها بالشروط والمكوّنات والظروف ذاتها سوف يؤدّي إلى النتيجة ذاتها.
هليفي وافق مؤخراً حرصاً على البقاء في المنصب، وهو يعلم أن الشروط تغيّرت، وأن ما بدا ممكن التحقيق في بداية العملية البرية صار محسوم الاستحالة بعد التجربة، وأن الجيش الذي جاء منهكاً من غزة عاجز عن مواجهة مقاتلين أولي بأس شديد ينتظرونه، لكنه لم يعُد كما جاء من غزة بعد المعارك التي خاضها وخسر فيها الكثير من جنوده وضباطه ومن معنوياته، وأن الترميم الذي جرى للوحدات العسكرية تمّ بعناصر من الاحتياط أقلّ كفاءة ومهارة وأدنى روحاً قتالية من الذين شغرت أماكنهم بسبب الإصابة.
هليفي يعرّض الجيش لمخاطر تفوق طاقته على الاحتمال، ولنهاية قد تأخذه إلى التفكك والانحلال، وربما يكون بحاجة إلى مفكر مثل الدكتور جعجع يقنع ضباطه وجنوده المهزومين بأنهم انتصروا، وفي الحروب لا بدّ من توجيه معنوي في الجيش يبدو شاغراً في جيش الاحتلال وثمّة مرشح خمسة نجوم ينتظر!