الوطن

محمد عفيف: لم تصل لبنان مقترَحاتٌ محدَّدة لوقف العدوان… والكلمة الفصل لوقائع الميدان ‪/‬ علاقتُنا بالجيشِ كانت وستبقى متينة وقويّة وكِلانا في قلب معركة الدفاع عن لبنان واللبنانيين

 

 

في كربلاء لبنان قُتل حسين ‏عصرنا أولاً لحكمةٍ نجهلها ربّما فداءً عن شعبٍ ووطنٍ وأمّة لكنّه تركَ ‏مئة ألف مقاتل ويزيدون يتحرّقون شوقاً للقاء العدوّ

العدو لن يكسب الحرب بالتفوّق الجوّي ولا بالتدمير وقتل المدنيين… وطالما يستمرّ عجزه عن التقدّم البريّ والسيطرة الفعليّة ‏فلن يحقّق أهدافَه السياسيّة أبداً

بعدَ 45 يوماً من القتال الدامي وخمس فرق عسكريّة ‏ولواءين وخمسة وستين ألف جنديّ ما زالَ العدوّ عاجزاً عن احتلال ‏قرية لبنانيّة واحدة

لدى المقاومين ولا ‏سيَّما في الخطوطِ الأماميّة من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي ‏حرباً طويلة نستعدُّ لها على الأصعدة كافّة

 

كشفَ مسؤول العلاقات الإعلاميّة في حزبِ الله محمد عفيف أنَّ “هناك حراكاً سياسيّاً كبيراً بين طهران وواشنطن وموسكو لكن لم يصلنا أيُّ شيء، ولم تصل إلى لبنان أيُّ مقترحات محدَّدة بشأن وقف العدوان”، مؤكّداً “أنَّنا في حالة مواجهة مستمرّة مع العدوّ ميدانيّاً وسياسيّاً”. وأعلنَ أنَّ «لدى المقاومين ولا ‏سيَّما في الخطوطِ الأماميّة من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي ‏حرباً طويلة نستعدُّ لها على الأصعدة كافّة».‏ وشدّدَ على أنَّ «علاقتَنا بالجيشِ الوطنيّ اللبنانيّ علاقة متينة وقويّة، كانت كذلكَ ‏وكذلكَ ستبقى».
وقالَ عفيف في مؤتمرٍ صحافيّ عقده أمس في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، لمناسبةِ يومِ شهيدِ حزبِ الله «هذه هي المرّة الأولى التي نأتي فيها إلى مجمَّع سيّد الشهداء، والسيّد (حسن نصرالله) لا ‏يخرجُ فينا خطيباً يأسرُ القلوب والأرواح، وهذه هي المرّة الأولى التي ‏نُحيي فيها، عبرَ هذا المؤتمر الصحافي الرمزيّ يومَ الشهيد في غيابه، فلئن ‏غابَ جسدُه قسراً وقهراً في معركة ما زال هو قائدُها ورمزُها، فإنّه باقٍ في ‏الشهداء الذين كان يؤبّنهم ويرثيهم ويعزّي عائلاتهم بكلّ ما أوتيَ من ‏عاطفة وحنان»، مضيفاً «احتفالنا الحقيقيّ في ذكرى فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد ‏أحمد قصير هو بتحقيقِ الانتصار في ساحات القتال والجهاد». ‏
وأشار إلى أنَّ “في كربلاء لبنان، قُتل حسين ‏عصرنا أولاً، لحكمةٍ نجهلها ربّما فداءً عن شعبٍ ووطنٍ وأمّة، لكنّه تركَ ‏خلفَه مائة ألف مقاتل ويزيدون، يتحرّقون شوقاً للقاء العدوّ انتقاماً لسيّدهم” وتوجّه إلى رجالِ المقاومة “إنّ وقائعَ الميدان الفعليّة في يدكم وستكون لها الكلمة ‏الفصل في السياسة والقرار، وعلى ضوءِ قتالكم وصمودكم يتحدّدُ مصير ‏مقاومتكم ووطنكم بل ربّما مصير الشرق الأوسَط بأكمله”.‏
وأكّد أنَّه “بعدَ 45 يوماً من القتال الدامي وخمس فرق عسكريّة ‏ولواءين، وخمس وستين ألف جنديّ، ما زالَ العدوّ عاجزاً عن احتلال ‏قرية لبنانيّة واحدة، وما الملحمةُ التي سطرَها المجاهدون في قلعة الخيام ‏إلاّ شاهد حيّ على البطولة وإرادة القتال العصيّة على الانكسار”، مشدّداً على أنّ “لدينا ثلاثة ‏عناصر حاسمة في الميدان: إرادةُ الحسينيين الكربلائيين الاستشهاديين ‏العازمين على الموتِ دفاعاً عن وطنهم وشعبهم، ولدينا الوقت الكافي قبل ‏أن تغرقَ دباباتُهم مع قدومِ الشتاء في وحلِ لبنان، ولدينا الأرضُ التي ‏نعرفُها وتعرفُنا والتي تمنحُنا حريّةَ المناورة والحركة فإمّا أن نحيا فوقها ‏أعزّاء أو نموتَ دونها شهداء”.
وتوجّه عفيف الى الصهاينة بالقول “لن تكسبوا حربَكم بالتفوّق الجويّ أبداً ولا بالتدميرِ وقتل المدنيين من ‏النساء والأطفال، وطالما أنّكم عاجزون عن التقدّم البريّ والسيطرة الفعليّة ‏فلن تحقّقوا أهدافَكم السياسيّة أبداً ولن يعودَ سكّانُ الشمال إلى الشمال أبداً. ‏ومع المزيد من التصدّع في جبهتكم الداخليّة سيبدأ العدُّ العكسيّ وستكون ‏هناك نقطة تحوّل كبرى، وعندها ستتأكّد يا هذا مجدّداً صدقَ ما قاله سيّدنا ‏الأسمى أنّ إسرائيلَ أوهنُ من بيتِ العنكبوت”.
وجدّدَ التأكيد “ردّاً على تخرُّصات عددٍ من مسؤولي العدوّ أنَّ مخزوننا ‏الصاروخيّ قد تراجعَ إلى نحو 20 في المئة من قدراتنا الفعليّة، هذا الكلام هو نفسه تقريباً منذُ ستّة أسابيع. إنَّ جوابَنا ‏الفعليّ هو في الميدان عندما طالت صواريخُنا الأسبوع الماضي ضواحي ‏تل أبيب وحيفا، ومراكز ومعسكرات نقصفُها لأولِ مرّة في الجولان ‏وحيفا، واستخدام صاروخ الفاتح 110 ولدينا المزيد، وذلك بالإدارة ‏المناسِبة التي قرّرتها قيادة المقاومة، ونؤكّد مجدّداً أنَّ لدى المقاومين ولا ‏سيَّما في الخطوطِ الأماميّة ما يكفي من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي ‏حرباً طويلة نستعدُّ لها على الأصعدة كافّة”.‏
وأشادَ بـ”المظاهرات المندِّدة بالاحتلالِ والتي جرت فصولها في ‏أمستردام، ردّاً على الاستفزازات الصهيونيّة”، مضيفاً “نعلمُ أنَّ الحكومات ستقفُ من أجلِ قمع الحريّات وعدم المسّ بما ‏هو صهيونيّ وربّما يحصلُ تكاتف دوليّ لمنع إدانة إسرائيل شعبيّاً كما هو ‏الحال سياسيّا” ولكن على الرغمِ من ذلك فإنَّ رسالةَ المتظاهرين في هولندا كما في ‏العالم سابقاً هي أنَّ إسرائيل معزولة لأنَّ العالمَ في النهاية إنسانٌ سويّ، له قلب ‏ومشاعر وليس حجراً وطين”.
وشدّدَ على أنَّ “علاقتنا بالجيش الوطنيّ اللبنانيّ علاقة متينة وقويّة، كانت كذلك ‏وكذلك ستبقى، نحنُ من آمن بثلاثيّة الذهب والبطولة: جيش وشعب ‏ومقاومة، نحنُ نفهمُ ونقدِّرُ دورَ الجيش في حماية التراب الوطنيّ والأمن ‏الوطنيّ. لقد تعمّدَت دماءُ الشهداء هادي نصر الله وهيثم مغنيّة وعلي ‏كوثراني بدماءِ الشهيدِ جواد عازار، وأن يقوم العدوّ بقتل الرائد الشهيد ‏البطل محمد فرحات والذي كانَ تشييعه في زغرتا ‏عرساً وطنيّاً جامعاً فإنّنا نفهمُ رسالةَ العدوّ، هكذا نفهمُ الجيشَ وهكذا نفهمُ ‏علاقةَ المقاومة به، أمّا أولئك الذين لطالما قاتلوا الجيشَ إبّانَ الحربِ ‏الأهليّة البغيضة وقتلوا ضبّاطَه وجنوده، أمّا أولئك الذين وقفوا خلفَ شعار ‏الدفاع عن الجيش لإطلاق النار على المقاومة بذريعة تساؤل طبيعيّ ‏وطلبُ التوضيح من دون إدانة أو اتهام عن حادثة البترون فنقول لهم ‏خسئتم، لن تستطيعوا أن تفكّوا الارتباط بين الجيش والمقاومة، وكلاهما ‏كلّ بطريقته وإمكاناته في قلب معركة الدفاع عن لبنان واللبنانيين”. ‏
وقال “على مدى خمسين يوماً من العدوان، بل على مدى عامٍ من طوفان ‏الأقصى وجبهة الإسناد، بل على مدى أربعين عاماً من المقاومة ضدَّ ‏الاحتلال الصهيونيّ تتعرّضُ مقاومتنا وشعبنا وبيئتها الثقافيّة والاجتماعيّة ‏لحملاتٍ سياسيّة وإعلاميّة معروفة الأهداف، متعدّدة الأشكال والوسائل، ‏تشكّك في جوهرها وفي نواياها وفي قدراتها وفي انتمائها الوطنيّ ‏الصافي لبلدها وشعبها، وفي قرارها المستقلّ، وفي قيادتها اللبنانيّة ‏الخالصة، وفي جهادها المتواصل والذي أثمرَ تحريراً للأرض في عام ‏‏2000. ‏لماذا العودة إلى كلّ ذلك وهو تقريباً من البديهيّات، لأنّه مع استعادة ‏المقاومة الإسلاميّة المبادَرة في الميدان وعجز العدوّ عن التقدُّم البرّي، ‏ومع استقرار الأوضاع التنظيميّة، وانتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أميناً ‏عامّاً، وملء الشواغر في المراكز القياديّة بفعل استشهاد عدد من القادة، ‏عادت الجوقة إيّاها إلى العمل وإلى التشكيك وبثّ السموم ونشر الشائعات ‏وضرب الروح المعنويّة بانسجامٍ تامٍّ مع آلة الدعاية الصهيونيّة”.
وأكّدَ أنَّ “العدوانَ والاحتلال والنوايا ‏التوسعيّة موجودة في صلبِ العقيدة الإسرائيليّة العسكريّة”، لافتاً إلى “أنَّ نشوء حزب ‏الله في العام 1982 كحركةِ مقاومة هو في الأصل، ردُّ فعلٍ طبيعيّ على ‏الاحتلال، فلماذا التشويه للحقائق واستغفال الناس وضرب الذاكرة ‏الجماعيّة وتحميل المسؤوليّة للضحايا؟، إنَّ حركتنا ‏نشأت على الأرض اللبنانيّة التي احتلّها العدوّ الإسرائيليّ. قيادتُنا لبنانيّة ‏ومقاومونا لبنانيون أباً عن جدّ، لسنا فصيلاً عندَ أحد ولا نأتمرُ بأوامر أحد ‏ولا نتلقى إيعازاً من أحد كي ندافع عن بلدنا أو نساند شعباً مظلوماً، ‏وعلاقتُنا بالجمهوريّة الإسلاميّة ودعمها لمقاومتنا أطهرُ من أن تمسَّها ‏ألسنتُكم بالسوء ولكنكم اعتدتم الاستزلام والمال الحرام والارتماء في أحضانِ السفارات”. ‏
وأشارَ إلى أنَّه “تدورُ في البلدِ حاليّاً نغمةٌ مستحدثة لطالما سمعناها من أيّام قوة لبنان ‏في ضعفه، أو العين لا تقاوم المخرز وسواها من الشعارات التي تحملُ في ‏ثناياها الهزيمة النفسيّة المسبَقة أمامَ العدوّ، والآن يعودون إلى النغمة نفسها ‏التي سادَت عام 1982 عندما وصلت الدبّابات الإسرائيليّة إلى بيروت، وهي عن ‏أيّ ميدان تتحدثون؟ وقراكم تدمَّر والنازحون يعانون في مراكز الإيواء؟ ما هو مفهومكم للنصر والهزيمة؟ و”ما منعرف ننهزم وشعارات جماعة ‏تعبنا من الحرب”، الذين لم يطلقوا في حياتهم طلقة واحدة ضدّ هذا العدوّ، “‏تعبتو من شو”؟ “شو متعّبكم”؟ نحنُ عن أيّ ميدان نتحدث؟ عن ميدان البطولة والمقاومة والشرف والفداء الذين ‏سطرَ فيه المجاهدون بدمائهم عجزَ العدوّ عن احتلالِ قرية لبنانيّة واحدة ‏يبسطُ عليها نفوذه فضلاً عن أن يبني عليها “كريات الخيام” أو “كريات عين ‏إبل” جديدة. ألم تقرأوا معاريف وهي تقول: “خمسون ألف جنديّ وأربعون ‏يوماً ونحنُ عاجزون عن احتلالِ قرية واحدة في جنوب لبنان”. ‏عن أيّ ميدان نتحدّث، نعم الميدان القادر كلّ يوم ومتى شاء وطبقاً لقرار ‏قيادة المقاومة قصف تل أبيب. الميدان القادر على تغيير المعادلات ‏السياسيّة وإذا سمعتم يوماً ما عن مفاوضات سياسيّة لوقف إطلاق النار ‏فاعلموا أنّ سببها الوحيد هو الميدان وصمود أبطال المقاومة في الميدان”. ‏
وأكّدَ عفيف أنَّ “مفهومنا للانتصار والهزيمة مفهوم أيّ حركة مقاومة في التاريخ، أيّ منع ‏العدوّ من تحقيق أهدافه السياسيّة والعسكريّة، أمّا عدم المقاومة فهو ‏الهزيمة الكاملة والاستسلام المُذلّ وهذا ما لم يكن ولن يكون”، وقال “نعلمُ أنَّ ‏الكلفةَ عالية والثمنَ كبير ولا نتجاهلُ وليس لدينا إنكار للواقع ولكنّنا نعرفُ ما في ‏صدورِ أبناء أمّتنا وشعبنا من الصبر والتحمّل والعزيمة والدعاء لأبنائها ‏وفلذات أكبادها الموجودين على الجبهات، وإنَّ النصرَ صبرُ ساعة. ‏ولكن اسمحوا لنا. أفهمُ أنكم خصومنا السياسيون منذ زمان طويل، نحترمُ ‏حقَّ الاختلاف، وأفهمُ أنَّ البعضَ منكم يحمّل حزبَ الله المسؤوليّة عن ‏الحرب وهذا ما تقولونه علانيّةً، لكن اكسروا أعينَنا مرّةً واحدةً ببيانِ إدانة ‏العدوان الإسرائيليّ على لبنان، يا أخي إدانة قتل المدنيين من النساء ‏والأطفال، يا أخي إدانة تدمير القرى والإبادة ‏الجماعيّة، إدانة قصف البلديّات وقتل رؤساء البلديّات، إدانة تدمير سوق ‏النبطيّة التاريخيّ، وأسواق صور القديمة، يا أخي اجتماع في البريستول ‏ لا أكثر، ألستم جماعة المجتمع الدوليّ والقانون الدوليّ، رسالة إلى ‏الأمم المتحدة على الأقل فيها شكوى من القتل والمجازر وتدمير المنازل. ‏لا تجرأون، بتزعل عوكر منكم، ثمَّ إذا حكينا عنكم وواجهناكم ‏بالحقيقة بتزعلوا والبعض أرسل لي رسائل أنَّه أنت في مؤتمرك الصحافيّ ‏تخوّننا، عجباً يرضى القتيل وليس يرضى القاتل”. ‏
وكشف أنَّ “هناك حراكاً سياسيّاً كبيراً بين طهران وواشنطن وموسكو لكن لم يصلنا أيُّ شيء، ولم تصل إلى لبنان أيُّ مقترحات محدَّدة بشأن وقف العدوان”، مؤكّداً “أنَّنا في حالة مواجهة مستمرّة مع العدوّ ميدانيّاً وسياسيّاً”.
وفي الختام، قال عفيف “بعد يا سيدي أخجلُ أن أقفَ تحت منبرك ولا أسمع صوتك، وعذراً طويلاً ‏فإنَّ حزنَنا مؤجّل ولو أنَّ القلوبَ ضاقت في الصدور، فسلامٌ عليك، وعلى ‏صفيّك السيّد هاشم (صفي الدين)، وعلى الشهداء بين يديك”. ‏
وبعد انتهاءِ المؤتمر، نظّمَت العلاقات الإعلاميّة جولةً للإعلاميين لمعاينةِ الأضرار والدمار الكبير الذي خلّفَه العدوانُ «الإسرائيليّ» في المباني والأحياء السكنيّة لضاحية بيروت الجنوبيّة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى