مقالات وآراء

انتصار قومي جديد للرئيس الأسد…

‬ رنا العفيف

 

أتت كلمة الرئيس الدكتور بشار الأسد في توقيت هام وحساس في القمة العربية الإسلامية غير العادية في الرياض، إذ تناولت عناوين هامة ومفصلية وتاريخية.
وقد استهلها بالقول:» التقينا منذ عام لإدانة العدوان ولكن الجريمة مستمرة، لن أتحدث عن حقوق الفلسطينيين التاريخية الثابتة وحتمية التمسك بها أو واجبنا تجاه دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني وشرعية المقاومة في كلا البلدين، ولا عن نازية الاحتلال الإسرائيلي، فهذا لن يضيف شيئاً لما يعرفه الكثيرون في العالم».
أضاف الرئيس الأسد قائلاً: «نقدّم السلام فنحصد الدماء، وتغيير النتائج يستدعي استبدال الآليات والأدوات، ما قيمة حقوق الشعب الفلسطيني بمجملها إذا لم يمتلك الفلسطينيون أساسها وهو حقّ الحياة»؟
وأشار إلى «أنّ الأولوية حالياً هي لوقف المجازر ووقف الإبادة ووقف التطهير العرقي، نحن لا نتعامل مع شعب بل مع قطعان من المستوطنين وحكومة مجرمة مريضة بوهم التفوق، المشكلة تحدّد الوسيلة، والوسيلة أساس النجاح وهنا جوهر اجتماعنا اليوم الذي أرجو أن يكون ناجحاً ونوفق باتخاذ القرارات الصائبة».
ماذا تعني كلمة الرئيس شكلاً ومضموناً وحضوراً؟
هذه العناوين التي لها بصمات تاريخية تسهم في بلورة تكوين الفعل العربي الحديث والإنسان الحديث المقاوم المعتز بعروبته وكبريائه وكرامته الرافض للاستسلام والهزيمة، بمعنى أنّ مكونات الحق العربي ما زالت مشوبة بالأفكار ومشوّهة بالأفكار السلفية ومجبولة بالشعارات الفضفاضة بطريقة غير سليمة وغير صحيحة، وأنّ على العرب أو بعض الدول العربية أن تحقق توازناً استراتيجياً بعيدا عن الفزاعة الإسرائيلية لكبح جماح الإنفلات الإسرائيلي المدعوم غربياً وأميركياً، وأن تتحرّر هذه الأمة من العباءة الأميركية إزاء القرارات المصيرية التاريخية عقب ما يفعله الكيان في فلسطين ولبنان من جرائم وحشية.
انّ سورية ومعها محور المقاومة، تدعو منذ زمن بعيد إلى السلام، وكانت «إسرائيل»، هذا الكيان المصطنع، تعرقل جهود السلام في الوقت الذي كانت التصريحات «الإسرائيلية» تتحدث عن السلام وتدّعي أنّ العرب هم الذين يرفضون السلام، وبالتالي سورية لم تفاجأ بالمواقف «الإسرائيلية» وكانت دائماً تعلن أنّ حكام «إسرائيل» يسعون إلى التوسع والاحتلال والاستيطان وليس إلى السلام.
تفرّد الرئيس الأسد بلغة قلّ نظيرها، وعرّى النفاق «الإسرائيلي» والغربي وفي المقدمة الولايات المتحدة، مع التأكيد على الحقائق التي غابت عن العالم وعن العرب بالعموم بأنّ حكام «إسرائيل» لا يبحثون عن السلام، إنما يبحثون عن الغزو والتوسع والاستيطان في أراضي العرب التي يحتلونها، فعن أيّ سلام تتحدث «إسرائيل» بعد كلّ هذه المجازر التي ترتكبها في لبنان وفلسطين وسورية واليمن والعراق؟
مرة أخرى تكشف سورية النوايا «الإسرائيلية» أمام العالم، وتكشف أنّ الحكام الإسرائيليين غزاة توسعيون معادون للسلام، وهذا طبعاً ربح للموقف العربي العادل ولأنصار السلام ولأنصار سورية ولأنصار محور المقاومة في العالم.
وبالتالي فإنّ الاستنتاج النهائي في كلمة الرئيس الأسد، هو أنّ هدر الوقت في هذه القمة بدون عمل جادّ وفاعل ومؤثر، آفة خطرة يجب أن نكافحها، وإذا كان الهدر بجوانبه أكثر إضراراً، بمعنى أيها العرب والدول العربية الإسلامية سارعوا إلى تنمية الإحساس بالزمن وأداة ذلك الوعي والإرادة العاملة على خطوات تنقذ مستقبل العرب من الخطر الداهم ما لم يتضامنوا ويتحدوا في مواجهة ما يحيط بهم من أخطار.
ثم أنّ الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» وامتداداته وما يتفرّغ عنه وما تعمل له «إسرائيل» (الكيان) من أجل التوسع المستمر في الأرض العربية، وهي التي تقدّم كلّ يوم برهاناً جديداً تؤكد من خلاله أنّ التوسع والغزو الاستيطاني سياسة ثابتة لـ «إسرائيل»، وهذا سبب كافٍ ليدفع بالعرب إلى التضامن في ظلّ هول المجازر والتوحش «الإسرائيلي» أمام صمت المجتمع الدولي،
تدرك سورية وحلفاؤها أنّ هناك بعض القوى الخارجية لا تريد أن يتفاهم العرب، أو أن يتضامن العرب فيسلكون طريق التعاون على أساس من الرؤية الواضحة الواحدة، ولكن التاريخ الإنساني يؤكد أنّ قضايا الأمة تقرّرها إرادة الأمة، فلا بدّ من هذا ولو كانت الطريق وعرة، وبمعنى آخر فإنّ كلمة الرئيس الأسد هي في صميم هذا المسار الحضاري، وإنْ أردتم أن تظلوا نعاجاً أمام الأميركي، فنحن أسود وليوث وأبطال لا نرضى بهذا الواقع مهما كلفنا ذلك من خسائر وتضحيات…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى