مانشيت

نتنياهو يصحّح لوزير حربه الجديد: هدف الحرب إبعاد سلاح المقاومة لا نزعه / ورقة أميركيّة للاتفاق: امتيازات أمنيّة للاحتلال وتدويل المطار والمرافئ والحدود / المرحلة البرية الثانية تتعثر بالخسائر.. وضربات المقاومة تهزّ تل أبيب بعد حيفا

 

 كتب المحرّر السياسيّ

 

التسليم بالعجز عن طرح مستقبل المقاومة على بساط البحث صار من ثوابت مقاربات كيان الاحتلال للوضع في لبنان، واعتبار أن المعركة الفاصلة لمفهوم الأمن الاستراتيجي للكيان الذي بات يرتبط وجودياً بالتخلص من المقاومة، مؤجل لجولة مقبلة، بعدما أثبتت الحرب ومسارها محدودية قدرة جيش الاحتلال على تحقيق تفوق عسكري يتيح التطلع لهدف بهذا الحجم. وكان اللافت في هذا السياق خروج رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو ليعلن أن هدف الحرب هو إبعاد سلاح حزب الله الى ما وراء نهر الليطاني وليس نزع السلاح، بعدما كانت كلمات وزير الحرب يسرائيل كاتس الذي قام نتنياهو بتعيينه عن ربط وقف الحرب بنزع سلاح حزب الله قد أثار موجة من السخرية والتساؤلات عن حرب مدى الحياة.
كلام نتنياهو كان حاجة سياسيّة للكيان في ظل المساعي التفاوضية التي يراهن نتنياهو على تحويلها إلى منصة لتظهير صورة نصر ولو جزئيّ يبرّر وقف الحرب، دون التخلّي عن المكاسب التي فرضها الكيان بعد صدور القرار 1701 عبر تعطيل تنفيذه بمواصلة احتلال الأراضي اللبنانيّة وانتهاك الأجواء والمياه اللبنانيّة، وبالتالي السعي لنيل الشرعيّة لهذه الانتهاكات عبر جعلها جزءاً من أي اتفاق جديد، وقد أدّى العجز عن تحقيق نصر عسكري يتيح رفع السقف التفاوضي، جاءت الورقة الأميركية التي سلّمتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون لرئيس مجلس النواب نبيه بري، محاولة تجميلية لتخفيف وطأة مطالب نتنياهو بتشريع الانتهاكات عبر الحديث عن ربطها بمهلة زمنية يتفق عليها، تحت شعار التحقق من زوال التهديد، وسلامة الإجراءات المتصلة بمنع حزب الله من تجديد قوته كهدف للاتفاق، كما وصفه مسؤولون عسكريون في جيش الاحتلال لصحيفة واشنطن بوست الأميركيّة، ولذلك تبدو مطالب من نوع تدويل المطار والمرافئ والحدود اللبنانية السورية جوهر ما تسعى إليه واشنطن وتل أبيب معاً، وتضغط تل أبيب بالنار على بيروت ودمشق لفرض تحويل ملف تدويل الحدود إلى ملف رئيسي في المفاوضات. وهذه طلبات لا يستطيع لبنان قبولها، كما قال مصدر متابع لمسار التفاوض، موضحاً أن المعنيين بالتفاوض لبنانياً لا يريدون إفشال المسار التفاوضيّ ولذلك لم يخرجوا بمواقف إعلامية سلبية، رغم قناعتهم باستحالة قبول المسودة الجديدة.
استعصاء التفاوض ليس منفصلاً عن تعثر العملية البرية لجيش الاحتلال التي ظهرت مرحلتها الثانية أشدّ ضعفاً في تحقيق الإنجازات من مرحلتها الأولى وأكثر تسجيلاً لرصيد الخسائر، وقد بدأت بعملية توغل واسعة نحو مثلث عيناتا عيترون بنت جبيل انتهت بعشرات الإصابات بين قتيل وجريح اعترف جيش الاحتلال بسبعة قتلى منهم، بينما بدت غارات الاحتلال التي تستهدف المدنيين والمؤسسات الصحية بتوحشها وإجرامها عاجزة عن فرض الشروط، فيما كانت المقاومة التي سجلت في الميدان إنجازات بائنة تسجل مثلها في استهدافتها النارية التي فرضت إيقاعها بعمليات نوعية في عمق الكيان بعد حيفا وما بعد ما بعد حيفا حيث بقيت تل أبيب للمرة الثانية هدفاً رئيسياً وفي قلب الاستهداف المواقع العسكرية الحساسة، كان أبرزها مقر المخابرات العسكرية.

وفيما أفادت وسائل إعلام محلية أن السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون سلمت رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة أميركية تتضمن مسودة اتفاق أميركي – إسرائيلي حول وقف إطلاق النار بين حزب الله و»إسرائيل»، لم يخرج أي موقف رسميّ من عين التينة يؤكد صحة هذه الأخبار.
وأوضحت مصادر معنية لـ»البناء» بأن زيارة السفيرة الأميركية إلى عين التينة تأتي في إطار التشاور المستمر بين الرئيس بري والأميركيين للتوصل الى اتفاق لوقف النار على الجبهة الجنوبية، مشيرة الى أن عين التينة تعمل وفق القاعدة التالية: «وتعاونوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، مؤكدة أن الرئيس بري ناقش مع السفيرة الأميركية ملفي وقف إطلاق النار في الجنوب والتمديد لقائد الجيش».
ولفتت المصادر إلى أنه لا يمكن الحديث حتى الآن عن اقتراب التوصل الى اتفاق لإطلاق النار، لكن هناك تفاؤل حذر لكون التجارب مع «إسرائيل» من غزة إلى لبنان غير مشجعة ومشوبة بالخداع والكذب والمناورة وعدم الجدية. وشدّدت على أن «التركيز الآن على الميدان العسكري في الجنوب والإنجازات النوعية التي تقوم بها المقاومة، وتعزيز الجبهة الداخلية وصمود النازحين وتمتين الوحدة الوطنية ومنع إحداث التوترات بين النازحين وأهالي المناطق». ونفت المصادر تحديد موعد في عين التينة للمبعوث الأميركي أموس هوكشتاين.
وفيما توقعت أوساط سياسية عبر «البناء» «إطالة أمد المفاوضات ومحاولة الحكومة الإسرائيلية لتفخيخ أي اتفاق ببنود لا يمكن أن يقبل بها لبنان تتعرّض بحق العمل الأمني والعسكري في الجنوب ولبنان ضد حزب الله بعد انتهاء الحرب»، مشيرة إلى أن تأخّر زيارة هوكشتاين الى بيروت والاكتفاء بزيارة السفيرة الأميركية إلى عين التينة، لا تبشّر بالخير وتعكس عدم جدّية في الضغط الأميركي الجدّي لإنهاء الحرب. في المقابل استمر الترويج الأميركي المتعمّد لأجواء إيجابية عن قرب التوصل إلى اتفاق، حيث نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي، قوله إن «محادثات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر في واشنطن كانت جيدة جداً»، وزعم بأن «محادثات ديرمر عالجت معظم الخلافات مع تل أبيب بشأن اتفاق وقف إطلاق نار في لبنان». وأضاف «المحادثات عالجت أيضاً خلافاً بشأن الضمانات التي طلبتها «إسرائيل» بشأن عملها بلبنان».
ومساء أمس، نقلت مصادر إعلامية عن زوار الرئيس بري، قولهم إن «رئيس مجلس النواب سلّم السفيرة الأميركيّة ردّه على مقترح المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي تسلّمه أمس، وهو متفائل بالوصول إلى وقف لإطلاق نار خلال أيام أو أسبوع بحال لم يستجدّ أيّ طارئ».
ونقل أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي، قوله: «الولايات المتحدة و»إسرائيل» متوافقتان بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان»، وتابع: «تفاهم بيننا وبين الأميركيين وعلى واشنطن أن تتوصل لتفاهم مع اللبنانيين». وقال مسؤول أميركي بحسب أكسيوس إنه «لا موعد لزيارة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت ولن يسافر إلى هناك إلا بعد التأكد من التوصل لاتفاق».
وعلى خطى وزير الحرب الصهيوني يسرائيل كاتس الذي صدمت تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي الذي كان يجلس إلى جانبه، واصل وزير الخارجية في حكومة العدو غدعون ساعر، اتباع سياسة إنكار الواقع والتعمية على الحقيقة وخداع المستوطنين، من خلال زعمه، بحسب ما نقلت عنه القناة 14 الإسرائيلية، أن «هدفنا نزع سلاح حزب الله من جنوب لبنان حتى الليطاني ومنع تعزيز قوته»، وادعى أن «هدفنا في غزة تدمير حماس، لكن الأمر بلبنان مختلف، فالهدف ليس تدمير حزب الله».
ومساء أمس، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجري الآن مشاورات تتعلق بالتسوية السياسية على جبهة لبنان».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصدر أميركي أن «احتمال التوصل إلى تسوية مع لبنان أكبر من احتمال إنجاز صفقة تبادل أسرى».
إلى ذلك أطلق رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، تصريحات مستهجنة وترسم علامات استفهام عدة لا سيما وأنها تتماهى وتتلاقى وربما تتجاوز الشروط الإسرائيلية المعلنة، حيث أشار جعجع لوكالة «رويترز»، إلى أن «على حزب الله التخلي عن سلاحه لإنهاء الحرب وتجنيب لبنان الدمار»، ورأى أن «مع تدمير البنية التحتية لحزب الله ومستودعاته يتم تدمير جزء كبير من لبنان وهذا هو الثمن»، معتبراً أن «ضغوط الحملة العسكرية الإسرائيلية الشديدة تشكل فرصة لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح»، ما يحمل دعوة للعدو باستكمال عدوانه على لبنان لزيادة الضغط على حزب الله.
وفي محاولة للتحريض على النازحين، رأى جعجع أن «نزوح اللبنانيين الشيعة لمناطق سنية ومسيحية من شأنه إثارة مشاكل في بلد يعاني اقتصادياً».
ميدانياً، سجلت المقاومة مزيداً من العمليات النوعية والإنجازات البطولية، حيث أسقط مجاهدو المُقاومة الإسلاميّة في وحدة الدفاع الجوي طائرة مسيّرة إسرائيليّة من نوع «هرمز 450» في أجواء القطاع الشرقي، بصاروخ أرض – جو».
وأعلن الإعلام الحربي في «حزب الله»، «استهداف قاعدة «ستيلا ماريس» البحريّة (قاعدة استراتيجية للرصد والرقابة البحريين على مستوى الساحل الشمالي) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 35 كلم، شمال غرب ‏حيفا، بصليةٍ صاروخيّة نوعية». كما شنّ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، على قاعدة «إلياكيم» (تحوي معسكرات تدريب تتبع لقيادة المنطقة الشماليّة في جيش العدو الإسرائيلي)، التي تبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية 50 كلم، جنوبي مدينة حيفا المُحتلّة، وأصابت أهدافها بدقّة».
كما استهدف برشقة صاروخية تجمعاً لقوات الجيش الإسرائيلي بين بلدتي حولا ومركبا شرقاً واستهدف برشقة صاروخية موقع جل العلام الحدودي. وقصف نهاريا. واستهدف مستوطنات يسود هامعلاه وثكنة دوفيف والمنارة وديشون وقاعدة لوجستية للفرقة 146 في جيش العدو شرق مستوطنة نتيف هشايارا ومدينة نهاريا بصليتين صاروخيتين.
كما استهدف مجاهدو المُقاومة تجمّعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي عند أطراف بلدة عديسة (قرب الخزان)، بقذائف المدفعية. كما شنّت المقاومة هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على مستوطنة عين يعقوب، وأصابت أهدافها بدقّة، وقصفت تجمّعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي عند الأطراف الشرقية لبلدة مركبا، للمرّة الثانية، «بصليةٍ صاروخية، وتجمّعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في بوابة العمرا عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام، للمرة الثانية، بصليةٍ صاروخيّة»، واستهدفوا للمرّة الثانية، مستوطنة كفر يوفال بصليةٍ صاروخية، ومستوطنة برعام بصليةٍ صاروخيّة، ومستوطنة المالكية بصليةٍ صاروخيّة، ومستوطنة كفر يوفال بصليةٍ صاروخيّة، وتجمّعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في منطقة العمرا عند الأطراف الجنوبية لبلدة الخيام، بصليةٍ صاروخيّة.
وخاض حزب الله مواجهات عنيفة مع جيش العدو عند أطراف بلدة عيترون باتجاه بلدة عيناتا في قضاء بنت جبيل وأفيد عن سقوط إصابات في صفوف جنود الجيش الإسرائيلي.
وأقرّ جيش العدو بإصابة 17 عسكرياً في يوم واحد «منهم 11 على جبهة لبنان و6 على جبهة غزة».
في المقابل واصل العدو عدوانه الإجرامي على لبنان، فأغار الطيران الحربي الإسرائيلي، مستهدفاً مركزاً للدفاع المدني في «الهيئة الصحية الاسلامية» في بلدة عربصاليم. وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة، في بيان، أن «غارة العدو الإسرائيلي على عربصاليم استهدفت نقطة مستحدثة لجمعية الهيئة الصحية – الدفاع المدني ما أدّى إلى سقوط ستة شهداء من بينهم أربعة مسعفين». كما أعلن المركز أن «غارة العدو الإسرائيلي على حيّ الشعب بعلبك أدّت في حصيلة محدّثة إلى سقوط ثمانية شهداء من بينهم خمس نساء إضافة إلى إصابة سبعة وعشرين شخصاً بجروح».
وكثف العدو غاراته العنيفة على عدد من المواقع، واستهدفت الغارات في شكل مركّز مدينة النبطية وسوقها التجاري إضافة الى عدد كبير من البلدات. كما استهدفت حي الشعب في مدينة بعلبك بغارة ما أدى، بحسب ما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة الى سقوط 3 شهداء ورُفعت أشلاء من المكان يتمّ التحقق من هوية أصحابها إضافة إلى إصابة اثني عشر شخصاً بجروح.
كما شنّ العدو غارات بجولات متتالية على الضاحية الجنوبية لبيروت، في حارة حريك وبرج البراجنة والعمروسية – الشويفات وغارة قرب مطار بيروت الدولي.
وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في وزارة الداخلية والبلديات انتهاء عمليات البحث والإنقاذ في جون والحصيلة النهائية ٢٥ شهيداً و١٥ جريحاً وأشلاء شهداء.
على صعيد آخر يرتبط بإنزال العدو الإسرائيلي في البترون، نفت الحكومة الألمانية صحة التقارير، التي تتهم الجنود الألمان المشاركين في مهمة الأمم المتحدة بلبنان (يونيفيل) بالتعاون مع «إسرائيل». وقالت وزارة الدفاع الألمانية في بيان نقلته «وكالة الأنباء الألمانية»: «وسائل الإعلام المقرّبة من حزب الله في لبنان تنشر رواية مفادها أن ألمانيا وقوة المهام البحرية التابعة للأمم المتحدة التي تقودها ألمانيا تدخلت في عمليات القتال في لبنان لصالح «إسرائيل». الحكومة الألمانية تنفي بصورة قاطعة هذه الاتهامات». وأضاف البيان: «هيئة الرادار الساحلية اللبنانية المموّلة من ألمانيا يديرها جنود لبنانيون، والجيش اللبناني هو الذي يحدد ويسيطر على ما يحدث للمعلومات التي يتم الحصول عليها من محطات الرادار ومن يستقبلها، ليس لدى فرقة العمل البحرية أي اتصال مباشر مع الجيش الإسرائيلي، لا يتم تمرير معلومات عن الوضع». وأشارت الوزارة إلى أن «مبدأ الحياد مطبق على أطراف النزاع في بعثات الأمم المتحدة»، وأضافت: «نحن نتمسك بهذا بصرامة. يتم تحديد مهمة فرقة العمل البحرية بموجب تفويض الأمم المتحدة، وهذا يشكل الإطار الملزم لمشاركتنا».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى