عيد التأسيس

الصهيونيّة عائق نهضتنا ونحن سرّ ضعف الغرب وقوته

 

كم كان صائباً أنطون سعاده مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي حين اعتبر أنه «ليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا إلا اليهود»

 

فلسطين منذ خمسة آلاف سنة هي كنعانيّة، ولم يستوطنها اليهود سوى لاجئين ولم يؤسسوا دولة فيها، وهذا ما يؤكده علماء الآثار اليهود. وإنّ داوود لم يبن مدينة في فلسطين ولا الهيكل المزعوم.
وبعد سقوط دولة الأندلس عام 1520 لجأ اليهود إلى فلسطين في كنف العرب الذين احتموا بهم. فكان وجود اليهود في فلسطين عابراً، وهو ما يؤكده القرار التحكيمي الصادر عن عصبة الأمم والتي على أثرها تم إلغاؤها.
وما يفضح المزاعم الصهيونيّة بالحق التاريخي في فلسطين، ووفق المصادر اليهودية، فإن 92 بالمئة من يهود العالم من أصل خزريّ نسبة إلى بحر الخزر في قزوين. وقبل عام 740 ميلادية كانوا وثنيين، فهم ليسوا من الأقوام الساميّة ولا عبرانيين.
إن الحركة الصهيونية نشأت منذ أكثر من أربعة قرون في أوروبا، وانطلقت من بريطانيا بعد أن شجع الملك البريطاني جيمس الأول عام 1625 على الاهتمام بالنصوص اليهودية. وسبق أن فرضت البروتستانيّة تفسيراً لبعض نصوص العهد القديم، وبعد أن تحول ملكها هنري الثامن في أواخر القرن السادس عشر إلى البروتستانتية الأنجليكانية. وقد أسس لاغتصاب فلسطين ووضعت خطتها أقلام يهودية عنصرية.
أما الوعد الرسمي الأول لليهود في فلسطين فقد صدر عن نابليون أثناء حملته على مصر عام 1799 للانضمام تحت رايته لاستعادة القدس. إلا أن حملته فشلت على أبواب عكا، ونشر الإعلان في الجريدة الرسمية الفرنسية في نيسان 1799.
بدأ مسار الحركة الصهيونيّة فعلياً عام 1897، حيث عُقد المؤتمر الصهيوني في بال في سويسرا برئاسة تيودور هرتزل والذي قرر إقامة وطن لليهود في فلسطين. وقد تلقت الحركة الصهيونية اعتراضاً من الفاتيكان والتي تصدّت للهجرة اليهودية إلى فلسطين.
وبعد أن أوقع اليهودي روتشيلد بريطانيا من خلال سياسة الفوائد تحت رحمته دعا رئيس وزراء بريطانيا سبع دول أروبية لعقد مؤتمر (1905-1907) وقال لهم «لكي ينتقل الغرب من انحداره إلى القمة، يجب تعطيل النهضة العربية». ووزع لهم خرائط العالم العربي وقال إن سرّ قوة الغرب وضعفه هو العالم العربي الذي يمتلك كل مقوّمات النهضة، ويستطيع السيطرة على العالم كله بواسطة المضائق. وإنّه يحتوي على ثروة هائلة، وعلى كل المواد الخام. ومشروعهم الحضاري يجذب السواد الأعظم لامتلاكه قوة حضارية إيمانية روحانية. وإن الإشكالية بوحدتهم. كما ذكرت وثيقة المؤتمر بأنه «يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوافر فيه وحدة التاريخ والدين واللسان». وإن أبرز ما ورد في توجيهات المؤتمر هي حرمان المنطقة العربية من اكتساب المعارف والعلوم، ومحاربة أي توجّه وحدويّ فيها وإبقائها في حالة تخلّف، وتعطيل تنميتها وتجزئتها، والعمل على تقسيم العالم العربي، وإقامة دولة لليهود في فلسطين تكون بمثابة حاجز معادٍ يحول دون تحقيق وحدة العرب.
لقد تبنّى آل روتشيلد هذا الأمر، وعلى أن تكون وظيفة الكيان الصهيونيّ جعل المنطقة العربية في حالة لا توازن، لأن التوازن يولد الاستقرار، والاستقرار مع الوحدة يولد النهضة. وبعد أن علم حاييم وايزمن بهذا المؤتمر الذي يتلاقى مع اليهود بأن تكون الصهيونية الجسم الغريب وولاؤها للغرب، على ألا يتركها الغرب ويقدم لها كل المعونات ولا يسمح بهزيمتها.
إن تداعيات التحالف الغربي الصهيوني أنتج بتاريخ 2/11/1917 وعد وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور البروتستانتي الأنجليكاني. وهي الحركة التي أسسها مارتن لوثر والتي تأخذ بحرفية النص اليهودي في العهد القديم بمنح الصهاينة أرض فلسطين. وهو وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق.
سيطر اليهود على كل ما يسيطر على المعدة والعقل والغرائز إلى جانب اهتمامهم بالقانون والاقتصاد والإعلام، وبث النزاعات الدينية والطائفية والإثنية. نذكر هنا ما تضمّنته مراسلات موشي شاريت – بن غوريون عام 1953 بأنه يجب تدمير ثلاث دول عربية هي سورية والعراق ومصر.
واعتمد الكونغرس الأميركيّ عام 1983 مخطط برناديت لويس الذي قدّمه بريجنسكي وتقرّر من خلاله أن يتم تنفيذه من قبل الحكومات المتعاقبة. وتضمّن مخططات لتقسيم العراق إلى ثلاث دول، شيعية وسنية وكردية. وتقسيم مصر إلى ثلاث دول: الأولى تضم أهل غزة وتقع شرق الدلتا وسيناء وتبقى غزة تحت سيطرة «إسرائيل»، وأخرى مسيحية عاصمتها الإسكندرية، ودولة إسلامية عاصمتها القاهرة. وتقسيم السودان إلى دولتين مسيحية في الجنوب وإسلاميّة في الشمال.
وفي التسعينيات طرح شيمون بيريز مشروع الشرق الأوسط الجديد. وأثناء الغزو الأميركي للعراق تمّ طرح الشرق الأوسط الكبير. ثم جاءت خريطة الولايات المتحدة الإبراهيمية التي تشكل اتحاداً فيديرالياً ترأسه «إسرائيل» بهدف حوكمة إدارة الثروة العربية يأتي لخدمة الكيان اليهودي الإحلالي، وتصبح المنطقة العربية فريسة للمشروع ونصبح كما قال رئيس الولايات المتحدة بايدن عام 2022 «ليس شرطاً أن يكون المرء يهودياً حتى يصبح صهيونياً» لكي ندور في فلك الرؤية والمصالح الإسرائيلية.
بعد أن قدمت بعض الأنظمة العربية تنازلات، وانتقلت للتسويات حتى بات خطر تصفية القضية الفلسطينية يحتم علينا أكثر من أي وقت مضى بأن نحشد كل طاقاتنا. والآن لدينا فرصة بعد أن أعطت معركة طوفان الأقصى زخماً عالمياً أدى إلى معرفة شعوب العالم حقيقة المشروع الصهيوني، وتبيان الحقائق الجرمية التي يرتكبها ضد الإنسانية.
كم كان صائباً أنطون سعاده مؤسس الحزب السوري القومي الإجتماعي حين اعتبر أنه «ليس لنا من عدو يقتلنا في ديننا ووطننا إلا اليهود».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى