مقالات وآراء

سيد الانتصارات… رحيل بلا غياب

 

‬ نمر أبي ديب

 

أُسدِلت ستائر الزمن، على مسرح المهمة الصعبة، وسيد المقاومة لم يترجَّل يوماً عن «صهوة جواده المقاوم»، بل سطَّر الملاحم وطوَّع العواصف مفتتحاً زمن الانتصارات في مشهد استثنائي لم يشهده العالم الحديث، جمع على مستوى الذات والنواة الوجودية، ما بين «إعجاز الحقيقة المقاومة، والسلوك الأسطوري»، مشهد استثنائي بإمتياز، حاكت تفاصيله متمّمات الإرادة الصلبة على مسرح المنازلات الكبرى، ورسمت ملامحه انعكاسات «الصورة الكربلائية»، على صفحات الحقيقة الكاملة في وجدان الوعي الكوني النابض الأوّل في اختلاجات الذات كما في مجمل الجوانب «النورانية»، المنبثقة من جوهر الروح، من أعماق الأزلية، المظللة لمجمل ميادين المواجهة، وساحات المنازلة التاريخية القائمة على حقائق عديدة أبرزها: انتصار الخير على الشر، القائمة أيضاً على وجودية «حرب الحقيقة» في مواجهة «الذات العبثية»، المتحكمة بمسار ومصير الحكومات المرتهنة وحتى الأسيرة للدول الكبرى وقوى الاستعمار العالمي.
أسدلت ستائر الزمن على مراحل وتقاطعات، نصرها الميداني حسن، والعين على روافدها الكون زمنية شاخصة إلى مراحل آتية، استثنائية نصرها الميداني قاسم، لا يعكره وجود غير شرعي لقوى خارجية، ولا حتى احتلال، في مراحل متقدمة، واضحة الأفق والمعالم، انطلاقاً من مسارها الجهادي، ونبضها التحرري الخافق بسرّ من عبَروا ميادين المواجهة على أحصنة المستحيل، المفعم بطيب من رحلوا من كبار قادتها الميدانيين كما رموزها التاريخيين سماحة الأمين العام السيّد الشهيد حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي سماحة السيد الشهيد هاشم صفي الدين، رئيس حركة حماس الشهيد اسماعيل هنية والقائد الجهادي الكبير الشهيد يحيي السنوار وكوكبة من العمالقة الذين نسجوا من خيوط التجارب الميدانية وخطوط المواجهات العسكرية، مشالح انتصار، مرفقة برايات مقاومة، تغمرها العزة والكرامة والعنفوان مرصّعة بدماء المجد، بأريج الشهداء، بأثير الحضور الاستثنائي، وعبق «نصر الله القاسم»، النابع من أعماق الإرادة الصلبة، و»يقين النتيجة المستقبلية»، المفعم بنعمة العطاء وصلابة المقاومة، التي قدَّمت على مسرح تشكيلاتها الجديدة «محاكاة ترميزية» غير قابلة للعزل أو حتى للحذف التشبيهي، محاكاة نابضة بسرِّها الزمني، بوزنها الغيبي، كما في بعدها الباطني، ذات الطابع والتوقيع الوجودي، على مسار «الأزلية» النابضة، بحتمية انتصار الخير على الشر، بحتمية تقسيم وتفتيت (النعيم الإسرائيلي) بين قوسين، وبلوغ المرحلة بجميع مكوناتها المقاومة كما الممانعة، سقف النهاية الفعلية لـ «إسرائيل»، (الدولة المزيَّفة، والكيان الغاصب).
أسدلت ستائر الزمن على «رحيل بلا غياب»، لقامة شامخة وقيمة مقاومة، كتبت المرحلة بحبر سرّها الأزلي تفاصيل الانتقال في الهيكلية لا بالنفس إلى بعد وجودي آخر لم ولن تدركه «قوى الظلام أو تنال منه أنامل الشر» التي نبضت وما زالت بـ أعماق الكيان «الإسرائيلي» بـ قلة ملوكه وكثرة أقزامه المرحليين، بـ ضباطه وحتى أركانه، كما جنوده ومتشعّبات المستوطنين، المتعدّد الأهواء كما الانتماء والسلوك والولاء والملل.
رحل الأمين، ولم تغب للحظة ملامح وجهه المقاوم، كما انهدات روحه الطاهرة، النابعة من «حدثه المقاوم»، رحل السيد ولم يفتقد ميدان المعركة إلى نبرات صوته المزلزلة مع صدى تهديداته القاسمة لدعائم الصمود والاتزان في كيان الاحتلال «الإسرائيلي»، عند كلّ مفصل وتقاطع، مع كلّ صلية صاروخية بالستية وسرب من المسيّرات الانقضاضية، مع كلّ طلقة ثبات ويقين بحتمية النصر في ميادين الحروب البرية، أو لحظة افتكار وندم في ملاجئ الكيان المهزوم، «الآيل إلى السقوط» الحتمي والاندثار.
ما تقدَّم عكس من حيث المشهد سرمدية اللحظة، مع «قدسية الحدث» الذي توِّج بأسمى وأعلى درجات الفداء ومراتب التضحية (الشهادة)، حق المجاهد على عدوه كما حق الأرض على أبطالها، وأيضاً على قادتها وأوليائها الذين عصروا في كؤوس النتائج الأزلية الخالدة، دماءهم الطاهرة قربان شهادة على مذبح المواجهات المستمرة طالما هناك احتلال، وتهديد للأرض والوجود والمقدرات.
في زمن الأربعين وما بعده نؤكد حقّ لبنان في الدفاع عن حدوده عن أرضه ومقدراته، نؤكد حقّ لبنان في مقاومته، حتى زوال «إسرائيل»، وانتهاء تهديدها الوجودي أو ما يماثله أو يعادله إنْ وجد.
دخلت المنطقة مع مفاعيل الحدث الجلل المتمثّل في اغتيال سماحة العشق السيّد الشهيد حسن نصر الله، مرحلة النصر الكبير الحاسم والنهائي، على كيان الاحتلال «الإسرائيلي»، الذي لا بدّ أن يخضع للمحاكمة الزمنية العادلة، مهما طال الزمن، انطلاقاً من قدرية النهاية، وأيضاً من حتمية الزوال، الذي لم ولن يرحم «إسرائيل» تحت أيّ ظرف، ولا حتى داعميها.
انطلاقاً مما تقدَّم، فإنّ المقاومة باقية وتتجدّد، المواجهة وحرب الوجود مستمرة، وما بينها كلمات فاصلة ونهائية، لفظها الزمن بصوت الشهيد وردّدها الصدى في كلّ ساحة حرب وميدان… «إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت».

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى