مسلمات المرحلة الثالثة… المقاومة مستمرة و»تل أبيب» تحت النار
نمر أبي ديب
الإعلام «الإسرائيلي» في كرسي الاعتراف، والنتيجة تأكيد العديد من وسائل الإعلام «الإسرائيلية» أنّ المرحلة الثالثة من الحرب مع حزب الله تشمل «تل أبيب»، وفي صريح العبارة، أن يأتي الإعلان «الإسرائيلي»، على ذكر ما تقدّم، بعد أسابيع من التصعيد التدميري، وتعاظم قوى، بلغ من خلاله الفعل «الإسرائيلي» مداه الأقصى، في عدوان أيلول على الجبهة الشمالية مع لبنان بمثابة رضوخ استراتيجي لأمر واقع عسكري فرضه الحزب بحكم التخطي الميداني لـ «مفاعيل الضربة الأولى» ولانتقال مع تدرّج المراحل إلى مستوى التحكّم بمسار وأيضاً بمصير الحرب البرية، التي شكّلت على أكثر من مستوى ميداني، معبراً وحيداً لتثبيت النتائج وإعلان الانتصار في حرب مدمّرة لم تعد نتائجها في متناول اليد «الإسرائيلية»، انطلاقاً من أنّ العبرة تكمن في الخواتيم، وتجارب الحروب «الإسرائيلية» مع لبنان لم تكن مشجّعة، تحديداً في حرب تموز 2006، وهنا يجدر التساؤل عن ماهية الاعتراف «الإسرائيلي» بحقيقة المشهد العسكري، ودور الإعلام العبري، في نقل وتظهير الصورة الداخلية المتناقضة في جزء منها مع أساسيات الخطاب التصعيدي، الذي يعتمده رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، لتسويق نظريات عسكرية عقيمة، لم تفلح في تغيير المزاج كما الرهان «الإسرائيلي»، أو إحداث صدمات إيجابية مركزة تخرج كيان الاحتلال من كبوته الوجودية، في حين قوبلت «إنجازات» بنيامين نتنياهو بجملة لاءات قانونية منها: رفض تأجيل مثوله شخصياً في قاعة المحكمة، ثانياً باعترافات عسكرية تظهر بشكل واضح الانعكاس الاستراتيجي في الصورة الميدانية كما في مبدأ التوازن، الذي فقد من خلاله الكيان «الإسرائيلي»، عامل الأرجحية العسكرية في بلوغ النتائج وتحقيق الحدّ الأدنى من انتصار دخل مع بدايات «العملية البرية» مرحلة متقدمة من الهشاشة الوجودية والركود الذي دفع الداخل «الإسرائيلي» بعد استهداف تل أبيب إلى الاعتراف بحقائق صادمة أبرزها «أنّ حزب الله يحقق إنجازات عسكرية، والواقع الميداني يحطّم شعاراتنا».
قد يكون استهداف المقاومة اللبنانية لقاعدة «الكرياه» في «تل أبيب»، وما تبعه من إطلاق صواريخ في اتجاه منطقة الوسط، فاتحة لزمن الاعتراف «الإسرائيلي» بأنّ «حزب الله قوة إقليمية لا تُقهر»، ومشروع الشرق الأوسط الجديد لم ولن يمرّ بوجود حزب الله، وتلك معادلة أسقطت مشروع كونداليزا رايس في حرب تموز 2006، واليوم تساهم في إسقاط الجزء العسكري اللبناني والفلسطيني، من مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي تديره وتتحكّم به إلى أقصى حدّ الولايات المتحدة الأميركية.
الاعتراف «الإسرائيلي» بحقيقة المشهد الداخلي يوازي من زوايا استراتيجية تتعلق بجوهر الفكرة التي قامت عليها «إسرائيل»، إعلان هزيمة عسكرية في كيان الاحتلال، إذ يكشف الاعتراف بالدليل القاطع، تحت مسمّى شهد شاهد من أهلهم، نسبة الدجل «الإسرائيلي»، والتعتيم الذي يمارَس سياسياً وإعلامياً بهدف إبقاء الاستقرار الداخلي تحت سقف التسليم الشعبي بخيارات نتنياهو العدوانية، وتلك معادلة حياة أو موت، تتأرجح من خلالها «إسرائيل»، بين تردّدات الضربة العسكرية الأولى ونتائجها الميدانية وبين الحرب البرية، ومجمل مفاعيلها الكارثية على دول الحماية العسكرية لـ «إسرائيل»، وليس فقط كيان الاحتلال، وهنا تجدر الإشارة، إلى أنّ أصوات النشاز التي يرى فيها نتنياهو خيانة لـ «إسرائيل»، تحوّلت بفعل الفشل البري الذي رافق محاولات التقدّم، على «جبهة الكيان الشمالية» إلى «صحوة داخلية»، رافضة لواقع بنيامين نتنياهو المرير، قائمة على ركائز ميدانية وأسس تلمّست بها ومن خلالها جبهة الكيان الداخلية مصداقية عسكرية يُبنى عليها، في مطلق قراءة عسكرية مستقبلية للمشهد الحالي، وتطورات المراحل القتالية.
اعتراف مراسل الشؤون السياسية في القناة 12 يارون أفراهام، «أنّ الإطلاق المستمر للصواريخ من لبنان على عمق إسرائيل، وتحديداً «تل أبيب»، إثبات على امتلاك حزب الله قدرات نارية استثنائية»، لافتاً إلى أنّ «من يعتقد عكس ذلك هو مخطئ»، في حين أكّد اللواء في الاحتياط إيتان دانفوت، «أنّ حزب الله يحافظ بشكل كامل على قدراته الصاروخية، وأيضاً على تراكم إنجازاته العسكرية»، في السياق ذاته، أقرّ يارون أفراهام بأنّ قدرات الحزب الصاروخية سوف تبقى وتستمر حتى بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار.
ما تقدّم عيّنة صغيرة، لما هو حال الكيان الذي يعاني من اتساع وتمدد في جبهة الرفض الداخلي لمواقف وأفكار وحتى لطروحات رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، خصوصاً مع تنامي مؤشرات العزل، في مقدمتها الموقف القضائي المستجدّ.
الاعتراف «الإسرائيلي» بحقيقة المشهد الداخلي، هو انقلاب استراتيجي على سياسة التعتيم، التي مارستها «إسرائيل» في حرب تموز 2006 وما زالت، بفعل ضربات المقاومة القاسمة في حينه، النافذة اليوم إلى عمق أعماق الكيان، الذي يعادل وجوده أيّ الكيان بمفهوم النخب «الإسرائيلية» أمن تل أبيب الذي سقط تباعاً وبشكل تدريجي على مسار الاجتهاد العسكري النابض الأول بمفاعيل الصواريخ البالستية، ومُسيّرات المقاومة، اللبنانية والفلسطينية، كما العراقية، واليمنية والسورية، ما يوازي من حيث «الهالة الأسطورية» المحيطة بأبدية «تل أبيب»، حسب تعبيرهم، وجودية إسرائيل كما ثقلها الاستراتيجي في المنطقة…