تل أبيب: أعطينا الضوء الأخضر لإتمام الاتفاق مع لبنان… وهوكشتاين ينفي / المقاومة تحطم الأرقام القياسية: 51 عملية و400 صاروخ وتدمير 10 دبابات / معادلة تل أبيب مقابل بيروت تشتغل… ومعارك ضارية في الخيام والبياضة
كتب المحرر السياسي
تسابقت وسائل إعلام الكيان في نقل خلاصة اجتماعات أمنية ترأسها رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو لبحث الوضع على الجبهة اللبنانية ومستقبل مشروع اتفاق وقف إطلاق النار، وقد تقاطعت جميعها عند اشاعة أجواء تفاؤلية عن قرب توقيع الاتفاق مع لبنان، وقال بعضها إنّ الضوء الأخضر قد صدر للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، لإنجاز الاتفاق، لكن هوكشتاين نفى ذلك بسرعة قائلاً انّ الكلام غير دقيق، ولاحقاً نقل كلام عن نتنياهو يتضمّن التمسك بشرط حرية العمل داخل الأراضي والأجواء اللبنانية، ما أضعف الحديث عن قرب التوصل الى اتفاق طالما انّ لبنان أبلغ المبعوث الأميركي مراراً استحالة الموافقة الضمنية او المعلنة على مثل هذا الطلب باعتباره انتهاكاً صريحاً للسيادة اللبنانية.
الكلام “الإسرائيلي” كان محاولة لملاقاة مناخ غاضب في الرأي العام تجاه عجز القبة الحديدية عن توفير الحماية من صواريخ المقاومة، التي كان يومها أمس مميّزاً، حيث تساقط أكثر من 400 صاروخ فوق رؤوس المستوطنين من الحدود اللبنانية الى جنوب تل أبيب بعمق 150 كلم من حدود لبنان، بينما كانت أخبار الجبهة البرية تُكذّب المزاعم “الإسرائيلية” عن إنجازات حققتها قوات الاحتلال، حيث نجحت المقاومة بتدمير 10 دبابات، ستّ منها على جبهة البياضة، واثنتين في دير ميماس واثنتين في الخيام، وكانت المقاومة قد أعلنت عن 51 عملية مسجلة رقماً قياسياً مقارنة مع بيانات عملياتها اليومي.
في عمليات المقاومة أمس تمّ تثبيت معادلة تل أبيب مقابل بيروت، التي وعد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنها سوف تكون الترجمة لموقف المقاومة مع كلّ اعتداء على العاصمة بيروت، وجاءت مجزرة البسطة التي انتهت الى 100 إصابة بين شهيد وجريح، لتجعل الردّ حتمياً، فتساقطت وجبات صاروخية متعددة وفي أوقات متفاوتة على تل أبيب تاركة خلفها حرائق ودمار وسط حديث القنوات الإعلامية عن أبنية معرّضة للسقوط، فيما كانت الجبهة البرية تشهد معارك ضارية خصوصاً في هجمات المقاومة المركّبة على محوري القطاعين الغربي والشرقي، حيث استهدفت المقاومة تجمعات قوات الاحتلال الالتفافية في القطاع الشرقي خصوصاً في دير ميماس وإبل السقي إضافة للاستهداف المباشر للقوات التي توغلت في مدينة الخيام ومحاولة محاصرتها، وأجبرت قوات الاحتلال على التراجع من عدد من أحياء الخيام وسحب آلياتها من مثلث دير ميماس القليعة تل النحاس، بينما شهدت محاور البياضة في القطاع الغربي معارك ضخمة كانت الصواريخ المضادة للدبابات سيدة الموقف فيها، حيث تمّ تدمير ستّ دبابات ميركافا.
وشنّ حزب الله هجوماً واسعاً وشاملاً على كامل شمال فلسطين المحتلة وحيفا وصولاً الى تل أبيب وأشدود التي تبعد حوالي 150 كلم عن الحدود، ما وصفه الإعلام «الإسرائيلي» بأنه الأصعب منذ بدء العدوان على لبنان، حيص بلغ عدد العمليات 49 عملية حتى ما قبل منتصف ليل أمس حيث واصل الحزب إطلاق الصواريخ حتى ما بعد منتصف الليل، ما يفتح مرحلة جديدة من الحرب قوامها تفعيل كامل المعادلات القائمة لا سيما حيفا مقابل الضاحية الجنوبية، والجولان مقابل البقاع، والجليل مقابل مدينة صور، والأهمّ تفعيل معادلة تل أبيب مقابل العاصمة بيروت بشكل ثابت، الأمر الذي سيضع حكومة العدو أمام خيارات صعبة: إما الذهاب الى الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار من دون شروط حاول العدو اضافتها تحت النار، وإما الذهاب الى جول تصعيد جديدة ستعمّق المأزق «الإسرائيلي» ويدفع حزب الله الى مزيد من التصعيد المقابل.
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله» صورة تحت عنوان «بيروت يقابلها تل أبيب». وتتضمّن الصورة جملة مقتبسة لمراسل قناة «كان» الإسرائيلية روعي كايس قال فيها إنّ «حزب الله يُظهر لأنصاره أنّ معادلة نعيم قاسم لا تزال قائمة: ضربة في قلب بيروت تعادل ضربة في تل أبيب».
ونشر الإعلام الحربي في حزب الله، مشاهد من «عملية استهداف المقاومة الإسلامية قواعد عسكرية تابعة لجيش العدو الإسرائيلي في مدينة تل أبيب (يافا المحتلة) بمُسيّرات انقضاضيّة وصواريخ فادي 6 و قادر 2». فيما نشرت وسائل إعلام العدو فيديوات للدمار الذي سبّبته صواريخ المقاومة الاسلامية في حيفا ونهاريا و»تل أبيب».
وأفادت إذاعة جيش العدو عن «إطلاق 340 صاروخاً من لبنان منذ صباح اليوم (أمس)». وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، عن «سقوط شظايا صاروخية في أورنيت شمال رأس العين وسط إسرائيل».
وأفادت إذاعة جيش العدو، نقلاً عن مصدر عسكري، بأنّ «قرابة 4 مليون شخص دخلوا إلى الغرف المحصّنة في إسرائيل منذ صباح اليوم (أمس)»، وقال المصدر إنّ «صفارات الإنذار دوت أكثر من 500 مرة منذ ساعات الصباح».
وتحدث إعلام العدو عن «250 عملية إطلاق من لبنان باتجاه شمال إسرائيل منذ منتصف الليل».
وفيما توقع مصادر سياسية لـ»البناء» أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً كبيراً على وقع استمرار التفاوض لوقف إطلاق النار، أشار خبراء عسكريون الى أنّ كثافة عمليات المقاومة وحساسية الأهداف وتتابعها بشكل ممنهج ومنظم ومتدرّج، يؤكد على استعادة المقاومة لمنظومة السيطرة بشكل كبير وتشكيل كلّ القيادات وفق التسلسل الهرمي، كما تؤكد على أنّ القوة الصاروخية للمقاومة لا تزال سليمة، وقادرة على ضرب أيّ هدف في «إسرائيل» وأنّ زمام المبادرة لا يزال لصالحها»، وشدّد الخبراء على أنّ حزب الله أعاد تفعيل كلّ المعادلات التي يعمل بموجبها منذ بداية الحرب وصولاً الى فرض معادلة تل أبيب – بيروت بالنار، وأرسل رسائل أمنية وسياسية للحكومة الإسرائيلية بأنّ قانون التفاوض بالنار يقابله النار والصواريخ وتوسيع الحرب الى تل أبيب وما بعد تل أبيب وقد يتجه حزب الله الى استهداف كلّ القواعد العسكرية والاستخبارية والمصانع التسليحية في كامل إسرائيل». وتوقع الخبراء أن تقوم «إسرائيل» باستهدافات جديدة في العاصمة بيروت.
وبعد المجزرة المروعة التي ارتكبها العدو في منطقة البسطة وسط بيروت ما أدّى الى سقوط 29 شهيداً وعدد كبير من الجرحى، ردّ حزب بشكل واسع وعنيف، وشنّ للمرّة الأولى هجومًا جويّاً بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، على قاعدة أشدود البحريّة، تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 150 كلم، وأصابت أهدافها بدقّة. كما ضرب هدفاً عسكريّاً في مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعيّة، وسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية، وحقّقت العملية أهدافها.
وفي إطار سلسلة عمليّات خيبر، وبنداء «لبيك يا نصر الله»، استهدف مجاهدو المُقاومة الإسلاميّة، قاعدة بلماخيم (قاعدة أساسية لسلاح الجوّ الإسرائيلي، تحتوي على أسراب من الطائرات غير المأهولة والمروحيات العسكرية، ومركز أبحاث عسكري، ومنظومة حيتس للدفاع الجويّ والصاروخي) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 140 كلم، جنوبي مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعيّة، وقد حقّقت العملية أهدافها. كما استهدفوا قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 110 كلم، في ضواحي مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعية. كما قصف قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة عكا المُحتلّة، بصليةٍ صاروخيّة. واستهدف مدينة صفد المُحتلّة بصليةٍ صاروخية. واستهدف قاعدة بيريا (القاعدة الأساسية للدفاع الجويّ والصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية) بصليةٍ صاروخية، وقاعدة دادو (مقر قيادة المنطقة الشمالية) بصليةٍ صاروخية، وقاعدة ميشار (مقر الاستخبارات الرئيسيّة للمنطقة الشمالية) بصليةٍ صاروخية. وقصف معسكر الـ 100 (معسكر تدريب للقوات البرية) شمال أييليت هشاحر، بصليةٍ صاروخية، ومرابض مدفعية العدو الإسرائيلي شمالي شرق مستوطنة جعتون، التي تعتدي على أهلنا وقرانا، بصليةٍ صاروخية، وقاعدة زفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا المُحتلّة، بصليةٍ صاروخية. واستهدفت المقاومة قاعدة حيفا البحريّة (تتبع لسلاح البحريّة في الجيش الإسرائيلي، وتضم أسطولاً من الزوارق الصاروخيّة والغواصات) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 35 كلم، شمال مدينة حيفا المُحتلّة، بصليةٍ من الصواريخ النوعية.
أما في الميدان، فواصلت المقاومة تصدّيها لمحاولات قوات الاحتلال الدخول الى مدينة الخيام من عدة محاور، مكبّدة العدو مزيداً من الخسائر البشرية ومجزرة في الدبابات وصل عددها الى 6 دبابات. ولدى محاولة دبابة ميركافا التقدّم لسحب دبابة من الدبابات المُدمّرة عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة، استهدفها مجاهدو المُقاومة بصاروخٍ موجّه، ما أدى إلى تدميرها، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.
وكان قد أعلن حزب الله عن تدمير 4 دبابات في المنطقة المذكورة.
وأفادت «الوكالة الوطنية للاعلام»، بأنّ الاشتباكات بين حزب الله وقوة «إسرائيلية» معززة بدبابات الميركافا «كانت تحاول الدخول إلى بلدة البياضة عن طريق شمع وطيرحرفا لجهة وادي حامول أدّت إلى احتراق اكثر من اربع دبابات ميركافا استهدفتها المقاومة بالصواريخ الموجهة والى سقوط قتلى وجرحى. وقد شوهدت النيران وسحب الدخان الأسود تندلع من تلك الدبابات».
وأوضحت أنّ «رتلاً من 30 الية عسكرية اسرائيلية تراجع من جنوب البياضة – الديكان بعد محاولته الالتفاف والسيطرة على البياضة وبلدة الناقورة على وقع القذائف الصاروخية للمقاومة وانسحب باتجاه شمع و طيرحرفا تحت غطاء مدفعي».
وكان العدو استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت مساء أمس، بعد توجيه سلسلة إنذارات لعدد من المناطق، وقصف بغارات مباني في حارة حريك والعمروسية وبرج البراجنة والليلكي وحي السلم.
على الصعيد التفاوضي، وعلى وقع تصعيد المقاومة الكبير، تحركت المفاوضات مجدّداً وعقب انعقاد مجلس وزراء الحرب «الإسرائيلي» الذي أجرى مشاورات أمنية سياسية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان. وتضاربت الأنباء وتحليلات الصحف العبرية حول توجه الحكومة الإسرائيلية، أكان الى التسوية أو الى مزيد من التصعيد. حيث أفادت هيئة البث الإسرائيلية، بأنّ «إسرائيل أعطت الضوء الأخضر للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للمضيّ قدماً نحو الاتفاق مع لبنان». فيما نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي، قوله إنّ «اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان يقترب ولا يزال هناك بعض العمل يتعين القيام به».
الى ذلك، جدّد الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت بعد شن موجة أولية. وبلغ عدد الغارات على الضاحية الجنوبية 7 غارات حتى الآن.
وكان قد أصدر الجيش الإسرائيلي 12 تهديداً تجاه مبانٍ في مناطق متفرقة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
دولياً، أوضح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في تصريح، «أنني التقيت اليوم في بيروت قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون وأكدت له دعم الاتحاد الأوروبي». ولفت إلى «أنني ناقشت مع قائد الجيش اللبناني الاحتياجات المحددة لنشر قوات الجيش جنوب نهر الليطاني كضامن لسيادة لبنان»، مضيفاً «هناك حاجة إلى جيش لبناني قوي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701». ودان بوريل بشدة الهجوم الإسرائيلي «غير المبرر اليوم على موقع للجيش اللبناني» في العامرية والذي أسفر عن استشهاد جندي وإصابة 21. ورأى أنه «لا ينبغي لأحد أن يأخذ سيادة الشعب اللبناني رهينة سواء من الداخل أو الخارج».
من جهته، كشف مستشار المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، علي لاريجاني، أنّ «مسؤولين عسكريين يدرسون خيارات مختلفة للردّ على إسرائيل وهذا يتطلب دقة وسرية». وشدّد، في تصريح نقلته وكالة تسنيم، على أنّ «حزب الله قوي في الدفاع عن لبنان والمنطقة ومسؤولو لبنان يراعون ذلك في المفاوضات». وكشف لاريجاني أنّ «حزب الله يصنع الصواريخ بنفسه واستبعاده من معادلات لبنان السياسية غير مطروح». وأضاف «حزب الله سد قوي أمام الكيان الصهيوني ونحترم الأطياف اللبنانية الأخرى».
وفي سياق متصل، أعلنت خارجية إيران أنها ستجري الجمعة محادثات حول برنامجها النووي، مع سلطات فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الدول الثلاث خلف القرار الذي اعتمدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية وينتقد طهران على عدم تعاونها في الملف النووي بحسب القرار.