هوكشتاين أنت كاذب بالثلاثة.. كفى تخدير اللبنانيين…
} علي بدر الدين
لم يعُد جائزاً ولا مقبولاً إشاعة أجواء تفاؤلية وإيجابية باقتراب موعد وقف إطلاق النار، بعد كلّ زيارة للموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان، وتقديم جرعات وهمية من التفاؤل الى اللبنانيين والنازحين منهم، والإيحاء لهم بأنّ موعد العودة إلى الديار بات قريباً وهي «مسألة وقت» وبانتظار ردّ المسؤولين الصهاينة على الورقة اللبنانية، حيث يطول الانتظار ويختفي أثر هوكشتاين ومعه «طلّته البهيّة».
ثم يتبخَّر كلّ شيء و»يطير» الوعد ومعه الأمل، ويعود اللبنانيون إلى مربّعهم الأول من الانتظار بنكهة العلقم والألم الشديد، ويزيد منسوب إحباطهم ويأسهم، وتتعمّق معاناتهم في كوكب النزوح القسري المؤقت والمأساوي الذي لا يتمنّاه أحد ولا يُحسَد عليه أحد.
الجميع يعلَم أنّ أميركا هي الداعمة الأولى للكيان الصهيوني المتوحّش، وهي التي تشجعه على التمادي في حربه الهمجية على لبنان وارتكابه المجازر بحق المدنيين والتدمير والتهجير، ولا يمكن أن تضغط على رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف حربه لأنها متواطئة مع كيانه المجرم، الذي لن يقبل بوقف إطلاق النار ولا بأيّ تفاوض قد يؤدّي إلى وقف الحرب ولا بأيّ حلّ قبل أن يحقق مخططاته ومشاريعه في المنطقة، وهذا بات جلياً وواضحاً من خلال الدعم السياسي والعسكري الأميركي اللامحدود لهذا الكيان واستعمال حق النقض «الفيتو» ضدّ أيّ قرار يدينه في مجلس الأمن وفي هيئاته المختلفة.
يبدو أنّ الموفد الأميركي هوكشتاين ظنَّ أنه بابتساماته المصطنعة الصفراء قد أصبح المنقذ والمخلّص للبنانيين من الحرب، أو كأنه تحوّل الى «فانوس سحري» الذي كلما حضر إلى لبنان تنتعش الآمال ويتفاءل الشعب اللبناني بأنّ الخلاص من الحرب وولادة السلام والعودة إلى الديار ستكون على يديه «المباركتين»، وبفضل جهوده ومثابرته على مواصلة المفاوضات حتى الخواتيم الإيجابية.
ما يقوم به العدو «الإسرائيلي» من عدوان على لبنان ومناطقه وشعبه بعد كلّ زيارة لهوكشتاين يطيح بكلّ المواقف «الإيجابية» المعلنة التي يطلقها ويعِدُ فيها باقتراب الحلّ، ويؤكِّد من خلالها أنه لا يزال أميناً لهواه وهويته المشتركة «الإسرائيلية» ـ الأميركية، وأنه في كلّ زياراته وجولاته ومواقفه يحاول شراء الوقت وتخذير اللبنانيين والنازحين منهم لإعطاء فرصة إضافية للعدو «الإسرائيلي»، حتى «نجاحه» بتحقيق مخططاته الجهنمية والشيطانية وأحلام مشاريعه التوراتية والشرق أوسطية الجديدة، متوهّماً أنه سيُنجز في حربه الهدف الذي لطالما سعى إليه وهو إستسلام لبنان ووضعه على سكَّة التطبيع، إنه «حلم إبليس بالجنَّة».
إنّ هوكشتاين يكذب بالثلاثة (أكذب، ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدِّقك الآخرون، على طريقة غوبلز وزير الإعلام الإلماني في عهد هتلر، ثم يستنسخ أسلوب المعلّق السياسي المصري أحمد سعيد، ثم وزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف) وغيرهم مما لا يتّسع المجال لذكرهم، وهو يكذب حتى يصدِّقه اللبنانيون، وهو بذلك يعيدنا بالذاكرة إلى قصة الراعي سعيد والذئب، الذي أوْصله كذبه في نهاية الأمر إلى أن هجم الذئب على الغنم وأكل لحمها وترك عظامها في المرعى ثم التهم لحم الراعي، لأنّ أحداً لم يعد يصدِّقه من أهل الضيعة لكثرة ما كذب عليهم.
وأسوأ من كذب الموفد الأميركي هو بعض الإعلام المحلي والعربي المنغمس كلياً أو جزئياً في لعبة الكذب السائدة في سعي مشبوه منها إلى تشويه الحقائق وإطعام اللبنانيين «جوزاً فارغاً» كما يقال.
كفى كذباً ونفاقاً على الشعب اللبناني ويكفيه ما هو فيه من مآسٍ وفقر وذلّ ومعاناة من ألم النزوح القاسي ومن القتل والدمار وخسارة كلّ شيء بناه وجناه بالتعب والشقاء والصبر والقلّة…