حزب الله والشرق الأوسط الحرّ
} زياد العسل
تطالعنا اليوم بعض الألسن والعقول التي تتحدث عن اجتثاث المقاومة وحزب الله، وعن التحضير لمرحلة يكون الحزب فيها من ماضي الحياة السياسية في لبنان، ويتحدث هؤلاء بلغة الواثق وكأنّ لبنان اليوم ينفض عنه فصيلاً من كوكب آخر.
هذا الحزب هو جزء من نسيج المجتمع اللبناني وجزء من ثقافته وحضارته وفنه وإبداعه وأدبه وشعره وتاريخه، فعناصر هذا الحزب وقادته ليسوا مستوردين من أيّ بقعة من هذا العالم، بل هم أهل الأرض نفسها سواء في الجنوب أو البقاع، وهم أنفسهم الذين حتّم عليهم القدر الجيوسياسي والصراعي أن يكونوا في موقع المواجهة الشريفة والأزلية ضدّ جسم زُرع في هذه المنطقة من العالم وهو لا يشبهها البتة في شيء، بل كان هدف الغرب الإمبريالي هو القضاء على مقدرات المنطقة وحضارتها وثقافتها من خلال زرع هذا الجسم الذي يعكس حقيقته اليوم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش.
أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وآلاف الجرحى وآلاف البيوت المهدمة وشلال الدم اليومي قدّمه لبنان في هذه المرحلة من الصراع، واللافت في الأمر أنّ كلّ هذا الألم العظيم يزيد ثقة أهل هذه البيئة أكثر وجمهورها الممتدّ على مساحة الوطن والأمة، وهنا سرّ القوة العظيمة لهذا الجمهور المؤمن بهذا المسار مهما كان حجم الألم كبيراً، إلا أنّ ما ينتظر من عز وإباء وشرف كبير هو الذي يجعل كلّ هذه التضحيات الجسام بمثابة الأمور العادية عند هذا الجمهور الأسطوري بكلّ معاني الفداء.
اليوم يكتب أبناء “الشهيد الحيّ” السيد أبو هادي ومعهم كلّ المرابطين على الزناد سطوراً جديدة في ملحمة العز والشرف والبطولة، ويرسمون شرق أوسط آخر حقاً، لا بل إنهم بصمودهم الأسطوري العظيم يحضّرون لعالم آخر سجد سيل حبره عند ثلة قليلة في لبنان بايعت أرواحها لقضية عظيمة تتمثل بالحق والحقيقة والاستعداد الدائم للبذل…